خبراء الاقتصاد يكشفون عوائد وتكاليف قرار التعويم في سنة أولى

الاقتصاد

طارق عامر محافظ البنك
طارق عامر محافظ البنك المركزي



«المهدي»: تدني مستوي المعيشة أبرز الآثار..«عبد الحميد»: حدوث أسوأ موجات ارتفاع الاسعار والتضخم.. و«الشريف»: تخطينا السلبيات


عام كامل انقضى على قرار تعويم الجنيه، حمل بين طيَّاته تكاليف عانى منها الشعب المصري، وعوائد  كانت مرجوه، وبالرغم من صعوبة القرار، إلا أن البنك المركزي لم يكن أمامه حل للحد من نزيف العملة سوى هذا الخيار الصعب، وهو ما أطلق عليه الدواء المر الذى تجرعته مصر حكومة وشعباً.

وأعقب قرار تحرير سعر صرف العملة، عدة قرارات صادمة للشعب المصري، منها تخفيض الدعم على المحروقات، ورفع أسعار الفائدة، ومن قبل ذلك فرض ضريبة القيمة المضافة.


ارتفاع معدلات التضخم

كان أبرز الأثار السلبية لقرار تحرير سعر الصرف أو ما أطلق عليه "تعويم الجنيه، هو ارتفاع الأسعار بشكل كبير، نتيجة لارتفاع سعر الدولار الأمريكي مقابل الجنيه، ومن ثم ارتفاع أسعار المستهلكات المصرية، خصوصاً بعد رفع مصر أسعار الوقود بنحو 50 %، و رفع الدعم عن الكهرباء بنسبة 42 % في تحرك يهدف إلى تقليص عجز الموازنة، ليسجل التضخم أعلى مستوياته في يوليو، بنسبة 35.26%،  إلا أن مستوى التضخم عاود وتيرة الانخفاض من جديد، ليهبط في أغسطس لمستوي 34.8%.


أعلى نمو في 7 سنوات

على الرغم من ذلك حقق الاقتصاد المصرى مستوى نمو جيد في سنة أولى تعويم وفق ما أعلنه صندوق النقد الدولي، في تقريره الأخير حول آفاق الاقتصاد في شمال إفريقيا، من أنه رغم أن  زيادة التضخم في مصر خلال هذا العام كانت مفاجئة حيث ارتفع إلى ما يقارب 30% نتيجة عدة عوامل منها: انتقال أثر الانخفاض الكبير في سعر الصرف إلى المواطنين واقترانه بتخفيض الدعم على أسعار الوقود وبدء تطبيق القيمة المضافة.

وحسبما نشرته وكالة بلومبرج في تقريرها عن الصندوق،  فإن الناتج المحلي الإجمالي المصري حقق نموا بنسبة 4.6% في النصف الأول من عام 2017 على أساس سنوي في أسرع وتيرة له خلال 7 سنوات، موضحة أن هذا النمو جاء مفاجأة لبعض الاقتصاديين الذين توقعوا نموا أبطأ بسبب ارتفاع أسعار الفائدة ومعدلات التضخم المرتفعة في مصر.

فيما توقع الصندوق نمو الاقتصاد المصري بنسبة 4.5% في عام 2018 مقابل 4.1% خلال العام الجاري


تدني مستوى المعيشة

في البداية تقول عليا المهدي، العميد السابق لكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن إدارة عملية تحرير سعر الصرف، لم تكن جيدة، لافتة لما حدث من تضارب تصاريح رئيس البنك المركزي قبل التعويم، الأمر الذي أدي إلى حدوث مضاربة في سعر الصرف بالسوق السوداء.

وأضافت "المهدي": "أن هناك العديد من التكاليف التي تكبدها الشعب المصري كتأثير مباشر بعملية تحرير سعر الصرف، ألا وهي تدني مستوي المعيشة، وحدوث شبه اختفاء للطبقة الوسطى"، مطالبة بتغير الإدارة الاقتصادية بالكامل".


90 مليار جنيه

و يرى النائب عمرو الجوهرى، وكيل لجنة الشؤون الاقتصادية بمجلس النواب، أنه رغم القرارات الإصلاحية التي اتخذتها الدولة، إلا أن  الاقتصاد المصرى يمر بمرحلة صعبة بعد عام على تحرير سعر الصرف، لافتا إلى أن الخزانة العامة تحملت 90 مليار جنيه جرّاء رفع أسعار الفائدة محلياً، لمساندة قرار تحرير سعر الصرف، ومع ذلك لم يتراجع سعر الدولار محلياً، رغم انعكاسات ذلك على التضخم وارتفاع الأسعار.

عوائد التعويم

فيما يوضح عبد المطلب عبد الحميد، الرئيس الأسبق لأكادمية السادات للعلوم الإدارية،  الآثار الناجمة عن قرار التعويم خلال عام قائلاً:" قرار التعويم كان له عائد ونحن تحملنا التكلفة، فمن الإيجابيات التي حدثت ارتفاع الحصيلة الدولارية بالبنوك ، وارتفاع احتياطي النقد الأجنبي بالبنك المركزي لمستوى لم يحدث منذ 2010، وهو 36.5 مليار دولار .

وأضاف «عبد الحميد»، أن من ضمن العوائد لهذا القرار: "ارتفاع حجم الصادرات المصرية للخارج  بنسبة 11%، وتراجع حجم الواردات، حيث حدث بها ترشيد بنحو 10 مليار دولار، الأمر الذي ساهم في تحسين العجز بالميزان التجاري، بالإضافة إلى ارتفاع مُعدل السياحية وتحويلات المصريين بالخارج.

تكلفة التعويم

وعن تكلفة «قرار التعويم»، يقول «عبد الحميد»، أن أول الأثار السلبية لهذا القرار كان مرورنا بأسوأ موجات ارتفاع الاسعار ومعدلات التضخم في تاريخ مصر الحديث، والذي أدى بدوره إلى ارتفاع تكاليف المنتجات المصرية، وبالتالي ضعفت القدرة التنافسية بين المنتج المصري والمستورد.

وأشار الرئيس الأسبق لأكادمية السادات للعلوم الإدارية، إلى أن قرار تحرير سعر الصرف أثر بالسلب أيضاً على شركات المقاولات، والأخري التي عليها ديون بالعملة الصعبة، إضافة إلى تضخم مديونية الحكومة المصرية.


آثار ايجابية

على صعيد أخر، يري مختار الشريف، استاذ الاقتصاد بجامعة المنصورة، أن الآثار السلبية تم تخطيها، والمتواجد حالياً هي الآثار الإيجابية، لافتاً إلى أن تواجد السلع بسعرها الحقيقي، فضلاً عن تمكن الدولة من ترشيد حجم الاستيراد، وزيادة معدل الصادرات، بما ساهم في تحسين عجز الميزان التجاري للدولة.