مصطفي سعيد ياقوت يكتب: الشيطان لا يكمن دائما في التفاصيل

ركن القراء

مصطفي سعيد ياقوت
مصطفي سعيد ياقوت


أحمد زويل فاز بنوبل. ألمانيا فازت بكأس العالم. مريم تفوقت في الثانوية العامة. مصر هزمت إسرائيل. جودي حفظت القرآن كاملا. هشام حصل على ترقية. حساب سمير في البنوك بالملايين. مبيعات شاومي في مصر تضاعفت.... إلخ.
 
ولا ننسي، أحمس هزم الهكسوس.
 
منذ أكثر من ألف وخمسمائة عام قبل ميلاد المسيح عليه السلام وإلى الآن، لم يصل إلينا سوي هذا الخبر المكون من ثلاث كلمات "أحمس هزم الهكسوس".
 
كلها قصص نجاح لا يتعدى وصفها الثلاث أو الأربع كلمات، لكن هنا الشيطان لا يكمن في التفاصيل كما هو معروف بالمثل الإنجليزي. هنا يكمن قصص وبطولات من النجاح والتضحية. هنا يكمن مجهود فريق كامل عمل وسهر ليالي طويلة ليحقق الهدف المنشود. هنا تدريبات شاقه وأيام من الحرمان. هنا شعله من الأمل والصبر والمثابرة يتم تغذيتها ومراعاتها دائما. هنا جنود ماتت وعائلات عانت وأسر تم تهجيرها. هنا أيام وسنين من المعاناة والحرمان. هنا الكثير والكثير من قصص لا يتسع لذكرها مجرد ثلاث كلمات ولا حتى ثلاث كتب.
 
بالفعل أحمس فعلها وهزم الهكسوس وتناقل الجميع الخبر حتى وصل إلينا بعد حوالي ثلاثة آلاف وخمسمائة عام.
 
تناقل الجميع خبر الانتصار من نهايته ولكن ما يخفي عن معظم المصريين أن انتصار أحمس ما هو إلا استكمال لمسيرة أبيه وأخيه في قتال هذا العدو المحتل، وما لا يعرفه البعض أيضا أن أحد أسباب محاربة عائلة أحمس للهكسوس هو حماسة وإصرار جدة أحمس وزرعها الغيرة والحماسة في نفس ابنها وأحفادها من بعده وكذا فعلت أم أحمس وأخته.
 
قس على ذلك كل شيء في حياتنا.
 
فمريم لم تكن لتتفوق لولا أن هناك قصة عظيمه تحكي عن أسرة عظيمة لم تكن لتحتاج فيلا أو سيارة أو خادمة لتصبح ابنتهم من الأوائل ولكنها احتاجت فقط للدفء الأسري وعزة النفس.
 
وجودي لم تكن لتحفظ القرآن بدون قصة عظيمه عن أم أو أب يتابع ويشجع ويرغب ويرهب ابنته في حفظ القرآن منذ نعومة أظافرها وبالطبع القصة لم ولن تخلو من العديد من الإحباطات والإشراقات والعوائق وفترات الانقطاع وفترات المثابرة حتى يقال في النهاية ثلاث كلمات " جودي حفظت القرآن"
 
ولاعبي ألمانيا لم يحلموا مساء بكأس العالم فحققوه في مساء اليوم التالي. لم يتحقق كأس العالم إلا بمنظومه تم إقرارها وتطبيقها لسنوات حتى افرزت لاعبين بعقلية اللاعبين الألمان مما جعل تحقيق كأس العالم أمر سهل المنال.
 
وهشام لم يحصل على ترقيه بدون قصه عظيمه عن موظف يسهر الليالي ويطور من نفسه دائما ولا يذهب للعمل لمجرد اثبات الحضور والحصول على الراتب في نهاية الشهر.
 
ومصر لم ولن تهزم إسرائيل أبدا بدون قصة عظيمه ومتراكمه من التخطيط والتدريب والإصرار والعزيمة. الإصرار والعزيمة ليسا مجرد كلمتان ترددهما فيتم إضافتهما إلى شخصيتك. لكنهما كلمتان يحويان ملايين القصص عن أب أو أم أو عائلة تذرع بذرة الإصرار وحبوب العزيمة في نفوس أبنائها وتغذيها كل ساعة وكل يوم إلى أن تأتي ساعة الحسم.
 
تعلموها وعلموها لأبنائكم فقصص النجاح لم ولن تبدأ من حيث تقرأها وتصفها في ثلاث أو أربع كلمات. قصص النجاح هي سلسلة من عشرات بل ومئات القصص التي تنتج لنا في النهاية خبر من جملة قصيره "مبروك النجاح".