الشيخ "الشثري": أكثِروا من جوامع الدعاء في هذه الأيام

السعودية

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية


أكد عضو هيئة كبار العلماء المستشار بالديوان الملكي الشيخ الدكتور "سعد الشثري" على أهمية الدعاء والاهتمام به، أوصى بأن تُخصَّ هذه الأيام الفاضلة بأدعية لا تُخصَّ في غيره من الأشهر.

وقال الشيخ "الشثري": إن الله قد رغّب المؤمنين في دعائه، وطلب منهم ذلك؛ كما في قوله تعالى: "وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ". كما أن هناك أحاديثَ عديدةً تدل على عظمته وعلى كونه يعود بالأجور العظيمة على المؤمن، فقال صلّى الله عليه وسلّم: "يُستجاب لأحدكم ما لم يَعجَل، يقول: قد دعوت ربي فلم يستجب لي" متفق عليه. وفي روايةٍ لمسلم: "لا يزال يُستجاب للعبد ما لم يدعُ بإثم أو قطيعة رحم ما لم يستعجل، قيل: يا رسول الله، ما الاستعجال؟ قال: يقول: قد دعوت وقد دعوت فلم أر يستجيب لي. فيستحسر عند ذلك ويدع الدعاء".

مضيفًا في رسالته الرمضانية عن كون النبي –صلى الله عليه وسلّم– كان يدعو الله في كثير من أوقاته، سواء في أوقات الشدّة والبأس أم في الرخاء واليُسر، وسار صحابته –رضوان الله عليهم– على طريقه في دعاء الله -عزّ وجل– من خلال عرض حوائجهم ومسائلهم.

وأوصى "الشثري" بأنْ يُخصّ رمضان بالدعوات التي لم يكونوا يفعلونها في غيره من الأيام والأشهر؛ وذلك لأن الله -عزّ وجل– لمّا ذكر آيات الصيام ذكر معها آية الدعاء، فقال: "شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ ۚ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ۖ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ۗ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ"185". البقرة. ثم قال في الآية التي تليها: "وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ۖ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ"، مشيراً إلى أن ذلك له دلالة على كون الدعاء له مزيّة خاصة في أيام شهر رمضان المبارك، ولاسيّما في الليالي الفاضلة التي منها ليلة القدر.

وأضاف: "لما جاءت عائشة –رضي الله عنها– إلى النبي -صلّى الله عليه وسلّم– فقالت: يا رسول الله، "أرأيت إن أدركت ليلة القدر ما أقول فيها؟ فقال: "قولي: اللهم إنك عفو تحب العفو فأعف عني".

وأتبع الشيخ "الشثري" حديثه عن فضل الدعاء بقوله: "وَردَ أن من الدعوات المستجابات: الدعوة عند الفِطر، قال النبي –صلى الله عليه وسلّم–: "للصائم دعوة مستجابة عند فِطره"، وكلمة "عند فِطره" تشمل ما كان قبل الإفطار، وما كان في أثنائه، وما كان بعده قريباً منه، وكلّها يصدق عليها أنها عند الفطر".

كما أوصى بالتأدب بآداب الدعاء التي منها اليقين بإجابة الله له، بقوله: "ينبغي أن يدعو الإنسان وهو موقن بالإجابة، فإن الله -جلّ في عُلاه– كريم، وسبحانه قد وعد المؤمنين بإجابة دعواتهم، وهو صادق في وعده، ولا يعجزه شيء، أو ينقصه شيء بسؤال السائل مهما كثرت أسئلته، كما قال النبي –صلّى الله عليه وسلّم–: "يا عبادي، لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجرِ قلب واحد منكم ما نقص من ملكي شيئًا، يا عبادي، لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني، فأعطيت كل واحد مسألته، ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر".

وبين "الشثري" في وصاياه عن التأدب مع الله في الدعاء، بقوله: ينبغي على الإنسان أن يكون متوسلاً إلى الله –جلّ وعلا– بأسمائه وصفاته المناسبة لدعوته؛ فإذا دعا بالهداية فإنه يتذكّر أن الله –جلّ وعلا– هو الهادي، وإذا دعا بالرحمة توسّل إلى الله سبحانه وتذكّر أنه رحيم، وعن كون التوسّل إلى الله بالاسم المناسب أثراً على إجابة الدعوات".

وتابع رسالته: "ينبغي للإنسان أن يكون متقيّداً بالألفاظ الجائزة، وأن يجتنب الألفاظ التي فيها لِبس أو تردد، بل يدعو الله بالألفاظ الجامعة المشتملة على الخير الكثير، وعن كون النبي صلى الله عليه وسلم كان يستحب الجوامع من الدعاء ويدع ما سوى ذلك".

وأوصى "الشيخ" بأن يكون الدعاء من الأدعية المأثورة المنقولة عن النبي –صلى الله عليه وسلّم-، باعتبارها من الأدعية الجامعة التي فيها خير كثير، وأن يبتعد المؤمن عن الأدعية التي فيها مخالفة أو لفظ غير مطابق لِما يرد عن النبي –صلى الله عليه وسلّم-.

وقال: "ينبغي أن يتجنّب الإنسان في دعائه؛ الدعاء بالشر والضرر على الآخرين، ولو كانوا قد أساؤوا إليه، أو قصّروا في حقّه، أو لم يقوموا بالواجب الشرعي تجاهه، بل يدعو الإنسان أن يفصل حقوقه، وأن يهدي ذلك الخصم الذي خاصم في هذا الباب إلى أن يؤدي الحق الواجب عليه، فإن انتفاع الإنسان بمثل ذلك أعظم من انتفاعه بنزول الأذية بمن ظلمه أو قصّر في حقه".

وختم الشيخ "الشثري" رسالته قائلًا: "من هذا المنطلق يتقرّب الإنسان إلى الله -عزّ وجل– بأن يدعوهُ بهداية الخلق أجمعين إلى ما فيه الخير والصلاح".