طارد الصليبيين من الشرق يرقد بمجاري مصر القديمة

الفجر السياسي

بوابة الفجر


التعمير والإسكان تدمر آثار مصر الإسلامية..؛ قبر السلطان الأشرف يرقد في المياه الجوفية 

خلف جدران حديدة متهالكة، وباب ذا قفل حديدي صدئ تكفي دفعة قدم لكسره، يرقد أعظم سلاطين الشرق، طارد الصليبيين، ومحرر بلاد الشام، السلطان الأشرف صلاح الدين خليل بن قلاوون


يتبادر إلي الأذهان من الإسم وكأنه صلاح الدين الأيوبي طارد محرر بيت المقدس، إلا أن الأشرف خليل هو رجل آخر استحق لقب "صلاح الدين" بعد أن استحوذ عليه يوسف بن أيوب عدة عقود من الزمان


يقول المؤرخ شيلدون واتس عن الأشرف صلاح الدين خليل بن قلاوون "لا شك أن هذا البطل العظيم يستحق أكثر بكثير من هذا، فبينما تعلن الحكومة المصرية تخصيص مبالغ ضخمة لترميم الآثار، والحفاظ عليها في الأماكن التاريخية بالقاهرة، فمن المأمول أن تتمكن من توفير الأموال لإنقاذ ضريح السلطان الأشرف صلاح الدين خليل بن قلاوون من الدمار


وقبل أن نتكلم عن الضريح نريد أن تعرف علي من هو الأشرف صلاح الدين خليل، يقول الدكتور نور الدين خليل في سلسلته المماليك المفتري عليهم أن الأشرف خليل أحد سلاطين دولة المماليك البحرية، وهو سابع سلاطينها، وإبن السطان المنصور قلاوون


ويضيف "نور الدين" أن الأشرف خليل أتم ما بدأه صلاح الدين الأيوبي عمليًا، ونظف الشرق كله من الغزاه، فاستعاد مدينة عكا الحصينة والتي كان يسيطر عليها الصلبيين، ويضمنون بسيطرتهم عليها السيطرة علي تجارة الشرق، وفي شهر مايو عام 1291م استرد المماليك عكا من يد الصليبيين

ويوضح الدكتور نور الدين أن دولة المماليك برعت في انتاج الأسلحة الراقية والمتنوعة والتي مكنت جنود السلكان الأشرف خليل بن قلاوون من إقتحام الجدران السميكة لمدينة عكا والإنتشار في شوارعها بسهولة


ويقول أنه تلي فتح عكا بأن فتح صور والتي حاول صلاح الدين الأيوبي فتحا مرتين ولم يفلح، ولهذا قصة طريفة حيث أرسل الأشرف خليل الأمير سنجر الشجاعي بمفرزة من الجنود إلي  صو ولما شاهده اميرها "آدم أوف كافران" فر هاربًا وتسلم سنجر الشجاعي المدينة دونما قتال


وبعد صور حرر صيدا وبيروت وحيفا وطرسوس وعتليت، ثم إنطلق السلطان الأشرف إلي دمشق فحلب وأرمينيا التي قاتل فيها قتلاً شديداً حتي أتم تحرير الشام كاملاً من الصليبيين وطردهم من الشرق كله ولم يطأ أوروبي بلاد الشرق مرة أخري إلا مع الإحتلال البريطاني لمصر عام 1882 م.

 

وقد بقي من آثار السلطان الأشرف صلاح الدين خليل بن قلاوون بالقاهرة قبة ضريحية مدفون بها هذا الرجل الذي طهر بلاد الشرق من الغزاه المحتلين لمدة تزيد عن الخمسمائة عام، والضريح تم بناؤه عام 709 هـ - 1288 م، والقبة تقع بشارع الأشرف قرب مشهد السيدة نفيسة جنوب القاهرة في الشارع الذي يحمل اسم الملك إلى اليوم


ويقول شيلدون واتس أن الضريح إلي جانب أهميته التاريخية فإنه يحمل أهمية فنية كبيرة، فهو يحتوي علي عدة عناصر معمارية متميزة حيث يحمل القبة مربع حجري ضخم، والقبة ذات مناطق انتقال متطورة، كما يوجد زخارف جصية رائعة علي الجدران من الخارج، ويوجد بقايا النوافذ الزجاجية الملونة والتي كانت تنير الضريح من الداخل علي ضريح الملك بالأضواء الملونة


والمعاين للضريح الأن والذي يعتبر من أهم الأضرحة المملوكية يجد أن يد الإهمال قد إمتد له فنجد أن نوافذه سقطت وحدثت شروخ بالجدران وطفح للمياه الجوفية إضافة إلي سقوط الهلال العشاري من فوق قبته


ويقول حسين حسني عثمان وهو أحد أبناء منطقة السيدة نفيسة وأحد جيران قبر الأشرف خليل بن قلاوون: أنه "يتذكر كيف أن هذا الضريح كان جميلاً، فارضيته التي تغطيها كيمان الأتربة الآن هي من الرخام الفاخر، وكان الأتراك يذبحون في ذكري وفاة الأشرف كل عام الذبائح".

 

ويضيف "عثمان" أن "الضريح تطفح فيه المياه الجوفية حتي تصل إلي ارتفاع ما يقارب المتر، وسبب ارتفاع المياه الجوفية ليس المصنع المجاور للضريح أو مجاري المنطقة وإنما بسبب ردم بحيرة عين الصيرة من قبل شركة التعمير والإسكان، الأمر الذي أدي لطفح المياه في الكثير من الأثار وليست القبة الضريحية للاشرف خليل هي ضحية الإهمال الوحيدة


ويتابع "عثمان" أنه بسبب رديم عين الصيرة من قبل شركة التعمير والإسكان، بحسب قوله، فإن المياه الجوفية قد أغرقت أيضًا مقابر الأسرة المالكة والمجاورة لمسجد السيدة نفيسة من ناحية سور مجري العيون

والسؤال هنا متي ستلتفت وزارة الأثار لواحد من أهم رموز الحضارة المصرية حيث أن ما قام به السلطان الأشرف خليل بن قلاوون يفوق ما قام به السلطان الناصر صلاح الدين الأيوبي في طرد الصليبيين من الشرق وتنظيف البلاد العربية من آثار إحتلالهم.


لمشاهدة الفيديو اضغط هنا