قيمة الأرض 4 مليارات جنيه.. والحكومة: اضربوا راسكم فى الحيط

العدد الأسبوعي

أرشيفية
أرشيفية


ثورة ملاك محال "مثلث ماسبيرو" ضد "المترو"


بعد أقل من أسبوعين، تتوجه قوات الشرطة إلى مربع محال 70 شارع 26 يوليو، لإخلاء المكان بالقوة الجبرية، تمهيداً لإنشاء محطة مترو ماسبيرو ضمن أعمال الخط الثالث للمترو، وسط غضب مكتوم من جانب ملاك ومستأجرى المحال، الذين يشعرون أن الهيئة العامة لمترو الأنفاق خدعتهم عندما قررت تعويضهم عن نزع ملكياتهم مقابل 7 آلاف جنيه للمتر، رغم أنه يصل لـ200 ألف جنيه، خصوصاً أن المنطقة تجارية حيوية وتقع فى وسط البلد إحدى أغلى مناطق القاهرة، تبلغ مساحة المنطقة المطلوب إخلاؤها 40 ألف متر مربع تقدر قيمتها بنحو 4 مليارات جنيه لمتوسط سعر للمتر بـ100 ألف جنيه.

فى شارع 26 يوليو فى منطقة بولاق أبو العلا، يقف مستأجرو المحال على أبوابها، وكأنهم يودعون المكان قبل أن تأتى الشرطة لإخلاء المكان بالقوة الجبرية، بناء على طلب الهيئة القومية للأنفاق وشركة تشغيل المترو، بإخلاء 33 محلاً بالشارع لبدء إنشاء محطة مترو ماسبيرو، مقابل 7 آلاف جنيه للمستأجر و20 ألفاً للمالك، وسط تضارب فى أعداد المحال المطلوب إزالتها بين 33 محلاً إلى 300 محل.

مشكلة المستأجرين والملاك ليست رفض الإخلاء أو تنفيذ المحطة، ولكن التعويضات الضعيفة التى رصدتها وحددتها الهيئة وشركة المترو، التى لا تتناسب مع قيمة المحال فى منطقة حيوية مثل بولاق أبو العلا، خصوصاً بعدما قال لهم مسئولو المترو: «هو ده اللى عندنا ولو مش عاجبكوا اخبطوا راسكو فى الحيط».

زارت «الفجر» مربع 70 شارع 26 يوليو، وهناك كانت حالة الهياج واضحة على المستأجرين وقال محمود سيد إبراهيم، إن شركة المترو «تسعى للنصب علينا وطردنا من محلاتنا بأقل تعويض، حيث عقدنا خلال الأيام القليلة الماضية جلسة تفاوض مع المستشارين القانونيين للهيئة والشركة، والذين طلبوا رحيلى مقابل الحصول على 200 ألف جنيه، حسب مساحة المحل والمقدرة بـ7 آلاف جنيه للمتر، ورفضت المبلغ قائلاً لهم بالنص: ده ميرضيش ربنا يعنى محل يسوى 6 ملايين عايزين تخدوه بـ200 ألف».

ثم حضر مستشارون آخرون وأعطوا محمود ورقة زعموا أنها صادرة عن الهيئة تفيد موافقته على قيمة التعويض التى حددوها، لكنه رفض، وعندما استفسر من محاميه أكد له أن هذه الورقة مجرد خدعة لإثبات أنه متنازل عن حقه، وأن رحيله برغبته وليس بطلب من الهيئة، فضلا عن أنهم أرادوا بهذه الورقة خصم نصف إجمالى التعويض القليل مقابل تخصيص محل تجارى بديل فى مول تجارى تعتزم الهيئة إنشاءه، حيث أكد له محاميه أن عقد الهيئة لا يتضمن أى التزام من جانب الهيئة لمنحه محلاً فى هذا المول، حيث ينص العقد على أن التنازل عن نصف قيمة التعويض يأتى «مقابل أولوية الحصول على محل تجارى بديل فى حال قيام الهيئة بتنفيذ المشروع المزمع إنشاؤه بمنطقة مثلث ماسبيرو، فضلا عن افتقاد العقد لأى إشارة لصدوره عن الهيئة إذ إنه مجرد ورقة مكتوبة على آلة كاتبة.

أما على العمدة، مالك محل ملابس فقال إنه إذا جاءت القوة الجبرية لطرده من المحل سيطلب منهم هدم المكان فوق رأسه ليدفن تحت إنقاضه، إذ إن قيمة المحل تتخطى 15 مليون جنيه، لكن الهيئة عرضت مبلغاً يرى أنه لا يكفى لشراء لافتة وليس محلا بديلا، وقال شاب يدعى محمود سيد، يعمل بأحد المحال إن هناك مهندسين استشاريين جاءوا لمعاينة الموقع وأكدوا أن محطة المترو سيتم إنشاؤها على مساحة 5 آلاف متر فقط، بينما المساحة التى ستتم إزالتها تصل لـ40 ألف متر، أى أن هناك 35 ألف متر لا أحد يعلم ماذا ستفعل بها الهيئة التى رفضت توضيح الأمر.

وأضاف العمدة إن ضباطاً من قسم شرطة بولاق أبو العلا، أجروا دراسة أمنية تمهيداً لتنفيذ قرار الإخلاء بالقوة الجبرية، وسألوا أصحاب المحال عن عدد العاملين، وفحصوا جميع المحال.

وتتضمن المنطقة المطلوب إزالتها سينما على بابا، إحدى أقدم السينمات فى القاهرة، والتى ظهرت فى أفلام سينمائية شهيرة مثل دائرة الانتقام والكيت كات والساحر، خصوصاً أن الفنان الراحل محمود عبد العزيز، كن حريصاً على أن تظهر دار العرض فى أفلامه كلما أمكن ولا تزال الدار مشهورة بعرض الأفلام القديمة التى تعود لسبعينيات القرن الماضى.

وقال سمير زارع، مدير السينما، إنه تفاوض مع ممثلى هيئة الأنفاق للحصول على تعويض مرض فحددوا سعر المتر بـ3 آلاف جنيه رغم أن سعر المتر بالمنطقة يتخطى الـ100 ألف، فطلب من ممثلى الهيئة الحصول على مكان آخر مرخص كدار عرض أو الحصول على نفس المساحة بالمول التجارى الذى تعتزم الهيئة إنشاءه بجوار محطة المترو خصوصاً أن خسائر الدار من الإزالة تصل لـ3 ملايين جنيه.

وأشار زارع إلى أن مسئولى الاتحاد الأوروبى الذى يمول المشروع، اجتمعوا مع أصحاب المحال منذ 5 أعوام، وكانوا يتفاوضون على إزالة المحال مقابل تعويض قدره 50 ألف جنيه عن المتر الواحد، وجرت المفاوضات فى حضور رئيس هيئة المترو السابق، لذا من الغريب أن يتقلص المبلغ لهذا الحد، مطالباً مجلس النواب بتشكيل لجنة تقصى حقائق عن الأمر.

أما جمال محمود، مالك محل أدوات كهربائية، فقال إن ملاك المحال استهلكوا جميع الحلول خلال المفاوضات مع ممثلى هيئة المترو للعدول عن الأسعار التى حددوها، حيث قال طارق أبو الوفا، رئيس الإدارة المركزية للتخطيط بالهيئة، خلال اجتماع معه وبأسلوب غير لائق، :»مش هديكوا 7 آلاف فى المتر، هما 500 جنيه بس وأبقوا روحو اشتكونى، ولو المحكمة حكمت لكم بمليون جنيه ساعتها أبقى أدفع.. وهو ده اللى عندي».

أما أحمد العشرى المستشار القانونى لملاك المحال فقال لـ«الفجر» إن ما تقوم به هيئة المترو تهجير قسرى مخالف للقانون جملة وتفصيلاً، لأن قانون نزع الملكية نص على تعويض عادل ومرض للمنتفعين والمستأجرين، وهناك طعن بمجلس الدولة لوقف الإخلاء بالقوة خصوصاً أن المستأجرين لم يكونوا على خلاف مع الهيئة، لكنهم يطالبون بتعويض عادل يمكنهم من شراء محال بديلة.

وأضاف العشرى، إن قرار نزع الملكية لم يتم إعلانه وهناك قواعد محددة لم تتبعها الهيئة فى تنفيذ القانون، لأنه ليس مفهوماً أن تخلى الهيئة 40 ألف متر رغم أن المحطة تتطلب 5 آلاف متر فقط، لافتاً إلى أن محمد المسعود عضو مجلس النواب، تقدم بطلب إحاطة حول الموضوع لنزع فتيل الأزمة وتقييم الأرض للمستأجرين والملاك بسعر عادل يتوافق مع سعر السوق مقدراً خسائر الملاك والمستأجرين بـ50 مليون جنيه فى حال الإخلاء، بسبب اتفاقهم على ملابس موسم الصيف، فضلاً عن قيمة الأرض التى تصل لـ4 مليارات، مع العلم أن المهندس طارق أبو الوفا، صرح منذ عدة أعوام أن الهيئة رصدت 500 مليون جنيه لتعويض محال مثلث ماسبيرو وعمارة البوهى بشارع 26 يوليو.

واتصلت «الفجر» بالمهندس أبوالوفا، 4 مرات للرد على مستأجرى العقارات الغاضبين من تصريحاته، وتوضح حقيقة المعلومات التى قدموها للجريدة، ولكنه أجل الحديث على مدار 6 ساعات متصلة مبرراً فى المكالمة الأخيرة أنه فى اجتماع مهم ولا يمكنه الرد.