إقبال متزايد على العمليات الجراحية للحد من السمنة في السعودية

السعودية

سيدة سعودية
سيدة سعودية


عشر عمليات جراحية على الأقل تُجرى يوميا لتحويل مسار المعدة في مستشفى تديره كير بالعاصمة السعودية الرياض، وهو واحد من مستشفيات عديدة تجري عمليات جراحية كوسيلة للحد من معدلات السمنة (البدانة) التي تتزايد في المملكة.

وتفيد إحصاءات منظمة الصحة العالمية بأن أكثر من 33 بالمئة من النساء في السعودية يعانين البدانة. وتخفض مستشفيات أسعارها لإجراء جراحة تحويل مسار المعدة إلى نحو 5700 ريال سعودي بعد أن كانت 11500 ريال. ومن بين من أُجريت لهم تلك الجراحة وغيرت مسار حياتهم، وليست معدته فقط، شاب سعودي يدعى عبدالله الحريب (24 عاما) كان وزنه 180 كيلوغراما قبل العملية. وفق صحيفة "العرب" اللندنية

وقال الحريب وهو موظف في القطاع الخاص "عانيت من زيادة وزني كثيرا حيث كان تقريبا 180 كيلوغراما. لم أكن أستطيع التحرك بحرية وبسهولة. وكان وزني يمنعني من القيام بالعديد من الأشياء مثل الاختلاط بالناس والاستمتاع بالحياة مثل أصدقائي. لم تكن حياتي عادية كنت مقيدا وحركاتي قليلة، لكن بعد العملية الحمد لله تغيرت حياتي".

وفي قسم آخر بالمستشفى ينشر مختصون التوعية بشأن مرض الكلى بمناسبة اليوم العالمي للكلى. وسعوا لتوعية المرضى بالعواقب الضارة للبدانة وصلتها بمرض الكلى إضافة إلى تشجيع الناس على انتهاج أسلوب حياة صحي واتخاذ إجراءات وقائية تسهم في تفادي الخضوع لعلاج مكلف.

وقال استشاري الرعاية الفائقة سلطان العمري "حالات مرض البدانة في السعودية في ازدياد ملفت. السمنة في صفوف الأطفال وصلت اليوم تقريبا إلى حوالي 30 بالمئة وعند الكبار قريبة من هذه النسبة وهذا يشكل خطورة بالغة على المجتمع في السنوات القادمة”. وقال رئيس وحدة الغسيل الكلوي حيدر الشرفا إن البدانة سبب رئيسي للقلق في السعودية. وأضاف “نسبة الإصابة بالسمنة المرضية تصل إلى أكثر من 21 بالمئة من سكان المملكة السعودية. وذلك يعني حوالي خمسة ملايين نسمة وعندما نقول سمنة مرضية نعني أنها سمنة تحتاج إلى معالجة".

ويجرى غسيل كلوي لأكثر من 50 شخصا في المستشفى كل أسبوع. وهم مجرد جزء من عدد متزايد من مرضى يعانون من مرض الفشل الكلوي في المملكة. ويعزو أطباء الزيادة في عدد هؤلاء المرضى إلى أسلوب الحياة والغذاء. وأردف الشرفا “من أكبر مسببات أمراض الكلى المزمنة هو مرض السكري. والمتسبب الرئيسي في هذا المرض المزمن هي السمنة”. وسجلت 3.8 مليون حالة إصابة بداء السكري في السعودية في 2015.

وممارسة التمارين الرياضية صعبة جدا للكثير من مرضى البدانة وبالتالي فإنهم يختارون إجراء جراحة تحويل مسار المعدة. ويحد ارتفاع درجة الحرارة في المملكة من ممارسة الرياضة في الأماكن المفتوحة، لكن بعض الذين يعانون البدانة يقاومون ويمارسون الرياضة البدنية مثل المشي أو الهرولة بعد العصر باعتبار ذلك بديلا أرخص من التدخل الجراحي.

ومن بين من يفضلون رياضة المشي حول مدينة الملك فهد الطبية بدلا من الخضوع لجراحة سعودي يدعى أبوصلاح. وقال أبوصلاح "عندما كنت أمارس الرياضة كنت أجد صعوبة في المشي وفي الجلوس وكنت أتألم خلال التمارين لكنني اليوم تحسنت صحتي وتراجع الخطر الذي كان يهددها بسبب السمنة. أنصح الناس بالسير والمشي يوميا فالمشي مفيد ويقلل من التوتر أيضا".

وكانت الإدارة العامة لمكافحة الأمراض الوراثية والمزمنة بوزارة الصحة السعودية، قد أطلقت مبادرة وطنية لمكافحة مرض السمنة للتوعية والتدقيق بمخاطر المرض وتوفير الرعاية الصحية للمصابين. وقال فيصل العزام المشرف العام على المبادرة، إن هناك مؤشرات خطيرة على مرض السمنة في المملكة تستدعي تدخل الجهات كافة لمكافحته.

وأوضح أنه تم التعاقد مع عدة مستشفيات بالمملكة، وسوف تنطلق الحملة مع 200 مشترك مصاب، حيث سيتم التركيز على الغذاء والرياضة. وأشار إلى أنه سيتم تقديم العلاج والخدمات كافة للقضاء على المرض مجانا، حتى إذا استدعى الأمر التدخل الجراحي للمصابين سوف يتم عمله مجانا. ولفت إلى أن التسجيل في برنامج الحملة مجانا سواء للمقيمين والمواطنين، حيث إن الحملة تستهدف جميع من هم على أرض المملكة.

وتظهر إحصاءات منظمة الصحة العالمية أن معدلات الإصابة بالبدانة في دول الخليج من بين أعلى المعدلات في العالم. وسجل المسح الوطني للمعلومات الصحية في 2013 أن معدل البدانة في السعودية أكثر من 28 بالمئة في حين بلغ معدل زيادة الوزن 30 بالمئة في الفئة العمرية الأكثر من 15 عاما بين الرجال والنساء. وسجل معدل البدانة عند أطفال المدارس 9.3 بالمئة بينما بلغ 6 بالمئة بين الأطفال قبل سن المدرسة.

وكشفت دراسة للمكتب التنفيذي لمجلس وزارة الصحة الخليجي أن عدد الوفيات بسبب أمراض السمنة في المملكة العربية السعودية يقارب 20 ألف حالة سنويا، وأن عدد الأطفال المصابين بالسمنة في المملكة يصل إلى نحو ثلاثة ملايين ونصف المليون طفل. وتتسبب السمنة في إصابة الأطفال السعوديين بأمراض القلب وارتفاع ضغط الدم والسكري وانسداد شرايين القلب.

وكانت منظمة الصحة العالمية قد شددت في وقت سابق على ضرورة حماية الأطفال من إعلانات أطعمة الوجبات السريعة المنتشرة على تطبيقات المتاجر الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي.

وجاء في تقرير المنظمة أن الآباء غالبا لا يتنبهون إلى الحجم الهائل لمثل هذه الإعلانات لأنها تستهدف الأطفال بصورة خاصة. وطالبت المنظمة بضرورة اتخاذ المزيد من الإجراءات لتنظيم تسويق الأغذية غير الصحية التي تستهدف الأطفال على الإنترنت، كما طالب أطباء الأطفال بضرورة اتخاذ إجراءات صارمة لوقف انتشار البدانة بين الأطفال.

وتعمل منظمة الصحة العالمية في الوقت الراهن على استعراض نوع الأطعمة والمشروبات التي يمكن الترويج لها بين الأطفال.

وتزامنا مع ارتفاع حالات السمنة وانتشار هذا المرض الذي أصبح يهدد حياة السعوديين، وافق مجلس الشورى السعودي مطلع الأسبوع الجاري على مشروع فرض رسوم على المشروبات الغازية ومشروبات الطاقة. وقال المجلس إن تطبيق الضريبة الانتقائية سيكون بنسبة 100 بالمئة على مشروبات الطاقة و50 بالمئة على المشروبات الغازية.

ويقول مسؤولون إن مشروع الضريبة الانتقائية سيعود بفوائد اجتماعية وصحية كبيرة على السعوديين، حيث تهدف من خلاله الحكومة إلى الحد من استهلاك منتجات قد تسبب أمراضا صحية خاصة لدى الناشئة والأطفال، وهم الفئة المستهدفة عادة من قبل المنتجين. وتعتبر الضريبة الانتقائية من مكونات برنامج التوازن المالي التي تهدف إلى تحقيق نمو اقتصادي طويل الأمد وتحسين حياة المواطنين الصحية، وتتماشى مع الجهود التي تبذلها المملكة السعودية في سبيل تنويع الاقتصاد بعيدا عن النفط والوصول إلى ميزانية مستقرة ومتوازنة بحلول عام 2020.

يذكر أن خبراء أمريكيين بكلية الصحة العامة في جامعة هارفارد توصلوا من خلال دراسة طبية أجريت سابقا إلى أن تناول المشروبات السكرية بكافة أنواعها، سواء كانت غازية أو ساخنة أو باردة، تسببت في وفاة 200 ألف شخص خلال عام في جميع أنحاء العالم، مشيرين إلى أن نحو 78 بالمئة من معدل الوفيات وقعت في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل مقارنة بالبلدان الغنية. وأوضحت الدراسة أن المشروبات المحلاة بالسكر تسهم في الوزن الزائد الذي بدوره يزيد من خطر الإصابة بداء السكري وأمراض القلب وبعض أنواع السرطان.