قبل "رمضان".. نواب يُطالبون وقف برامج "المقالب".. وخبراء: تساعد على انتشار الفكر الإرهابي‎ (تحقيق)

تقارير وحوارات

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية


باتت برامج "المقالب" في شهر رمضان واحدة من الأساسيات التي ينتظرها الجمهور، دون النظر لمخاطرها الصحية والمجتمعية، لذا أثارت هذه البرامج ضجة تحت قبة البرلمان، مطالبين بوقفها، نظرًا لما تمثله من خطورة على نفسية الأطفال والمجتمعات بشكل عام، وهو ما أكده المختصين في الشأن النفسي والاجتماعي، محذرين من انتشار "الفوضى" بسبب انتشارها خلال شهر رمضان.

 

ويجرى خلال الفترة الحالية إعداد وتجهيز  العديد من برامج المقالب في عدد من القنوات الفضائية، وشركات الإنتاج، تمهيدًا لعرضها خلال شهر رمضان المقبل، يشارك فيها العديد من نجوم الفن أشهرهم برنامج الفنان رامز جلال، والذي يتم تقليده بشكل أعمى دون وعي من فئة الأطفال والشباب في بداية أعمارهم.

 

مصرع طفل حرقًا بسبب تقليده لـ ''رامز بيلعب بالنار''

ففي أواخر يونيو الماضي، تسببب برامج المقالب " رامز بيلعب بالنار"، في موت طفلا حرقًا، فقد لفظ هذا الطفل الذي  لم يتعد الـ10 أعوام أنفاسه الأخيرة داخل مستشفى البدرشين، متأثرًا بحروق متفرقة بجشده؛ إثر محاولته وعدد من أصدقائه تقليد ما يحدث ببرنامج المقالب السالف ذكره، والذي يقدمه الفنان رامز جلال، والذي تم إذاعته خلال شهر رمضان الماضي.

 

 وبالرغم من استمتاع البعض من المشاهدين من هذه البرامج، إلا أن مبرر التسلية والضحك لم يأتِ على هوى خبراء علم النفس والاجتماع والبرلمان، الذين وجهوا سيلا من الاتهامات والانتقادات لبرامج "المقالب".

 

إفلاس فكري تابعياته النفسية جثيمة

وفي ضوء ما سبق وصف الدكتور جمال فرويز، أستاذ الطب النفسي بجامعة القاهرة، برامج المقالب التي تذاع في شهر رمضان الكريم، بـ" الملفسة" من المادة الترفهية، متسائلاً حتى إذا كان الهدف هو التسلية والضحك من هذه المقالب، فأين الترفيهه في هذا العنف الذي أدى إلى زعر  المواطنين ؟.

 

وأضاف "فرويز"، في تصريح خاص لـ"الفجر"، أن هذا النوع من البرامج له تابعيات نفسية جثيمة، تؤدي إلى تدهور حالة المشاهد النفسية ودخوله في حالة كوابيس دائمة من الممكن أن تصل إلى حد التبول اللا إرادي حتى لو كان المتابع بالغ وراشد ومدرك أن هذا برنامج كوميدي، ناهيك عن التقليد الأعمى لبعض المراهقون والأطفال الذين ينجرفون كل ما هو جديد وغريب دون وعي لمخاطر ذلك.

 

وتابع أستاذ الطب النفسي بجامعة القاهرة، أن السبب في انتشار مثل هذه البرامج هو عدم الرقابة على وسائل الإعلام لاسيما القنوات الفضائية الخاصة، مشيرًا إلى أنه في الماضي كان هناك مسلسل يذاع اسمه "فرفيروا"، بطولة الفنان عبد المنعم مدبولي، وكان يتتضمن المسلسل وجود سوبر مان يطير في الجو ويتم بانقاذ الأطفال، وبعد عرضه بأربعة أيام توفى ثلاث أطفال، فالتليفزيون المصري، تم وقفه على الفور، أما حاليا الأمر "فوضوي"-بحسب وصفه.

 

عملية خطيرة تساعد على الفكر الإرهابي في المجتمع

وقال الدكتورة سامية خضر، أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس، إن هذه البرامج بمثابة التفجيرات التي تحدث حاليًا في مصر، فهي تفجر العقول  والعواطف والأخلاق، إضافة إلى أنها تساعد على انتشار العنف المجتمعي وتميت القلوب، فضلا عن أنها تعطي فرصة للشباب أن ينجرف خلف الفكر الإرهابي، لما يراه مباح في هذه البرامج، ناهيك عن عدم التحلي بالحياء فيعطي الفرصة للإرهابين بتجنيد عقول الشباب غير الوعي، مستغلين صفاقة بعض البرامج.

 

وأضافت "خضر"، في تصريح خاص لـ"الفجر"، أن لابد من رفع راية الأخلاق الحميدة في رمضان لتوعية المراهقين والأطفال وغرس مكارم الأخلاق فيهم، وبهكذا نكون نشئنا جيل كفء وافتحنا أفق الشباب، للتصدي للإنحراف الغارق فيه دون سيطرة من الأسر والمجتمع.

 

مناشدة لوقف هذه البرامج بشكل سريع

وتسائلت ، أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس، ما هو سر التباهي بأننا نظهر بشكل عنيف؟، موضحة أن السبب وراء ذلم هو عدم النضوج الفكري، ومجاراة فكر الشباب غير واعي لكسب نسب مشاهدة على حساب القيم والأخلاق، مناشدة  المجلس الاعلى للاعلام بالتدخل لوقف مثل هذه البرامج القاتلة لعقول الشباب، وإلا سوف يغرق شباب مصر أكثر مما هو عليه الأن، ونرى أنفسنا أمام مشاكل لا حصر لها تدخل مصر في متاهات أوسع.

 

لا يمكن للبرلمان التدخل لوقف هذه البرامج

من جانبه قال النائب أسامة هيكل، رئيس لجنة الثقافة والإعلام والآثار بالبرلمان، أن هذه البرامج الفيصل فيها هو المشاهد، فالحل أن المشاهدين يقطعوا هذا البرامج وألا يعيروا لها اهتمام، فنسبة المشاهدة هي من تحرك أصحاب هذه البرامج في التوسع والانتشار.


وأضاف "هيكل"، في تصريح خاص لـ"الفجر"، أنه أيضًا يجب على أصحاب الإعلانات مقاطعة هذه البرامج في هذا التوقيت سوف يتم تغير مسارها، لعد القبول عليها من الناحية الإعلانية والإنتاج.

 

وأشار رئيس لجنة الثقافة والإعلام والآثار بالبرلمان، إلى أن من الصعب أن يتدخل البرلمان في حجب هذه البرامج ومنعها، لاأن هذا زمن انتهى عصره منذ إبان عصر الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر.

 

المصريون لايدركوا وضع علامة +18

بينما اعتبرت النائبة أنيسة حسونة، عضو مجلس النواب، عرض برامج المقالب الرمضانية، يمثل خطورة على نفسية الأطفال والمجتمعات بشكل عام، لأنها تتخذ الفزع والإهانة أسلوبا للضحك والسخرية.

 

وقالت "حسون"، في بيان لها"، إن تلك البرامج ليست مستحبة، لأنها إلى جانب ضررها على المشاهد، فهى تعرض ضيوفها للخطر لو كانوا لايعلمون المقلب، معتبرة علمهم المسبق "ضحك على الدقون"، مطالبة بالعودة إلى البرامج الترفيهية الخفيفة التي تسخدم أساليب راقية ومستحبة، ضاربة المثل ببرامج الراحلين فؤاد المهندس وعبد المنعم مدبولي.

 

وأوضحت عضو مجلس النواب، أن وضع علامة +18 لن تمثل فرقا، لأن المصريين لايدركوا تلك العلامة، مطالبة القنوات الفضائية بتقليل جرعة تلك البرامج، متابعة: "الناس مش ناقصة شد عصبي، وخاصة في رمضان وهو شهر روحاني مطلوب فيه مزيد من الهدوء والتدبر".