فنكوش التحكيم الدولي.. السائقين مستشارين.. وحامل الكارنية تطارده لعنة التزوير

تقارير وحوارات

التحكيم الدولي -
التحكيم الدولي - أرشيفية


"نؤهلك لكي تكون مستشار تحكيم دولي".. بهذه الكلمات تستغل بعض مراكز التحكيم الدولي غير الشرعية، سذاجة الشباب وطموحهم في فتح بارقة أمل لهم،لحضور دورات تدربيبة، ليتفاجيء الكثير بالواقع بأنهم ضحايا ذلك الكارنيه.

 فرغم أن لقب "مستشار تحكيم دولي" يخضع لقائمة المهن السيادية، إلا أنه لم يخضع لقانون صارم حتى الآن، حيث تستهدف هذه المراكز، ضحاياها من خلال الإعلانات، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، والإعلانات المتلفزة، والصحفية، واللافت للأنظار هو إقبال الشباب على تلك المراكز من أجل التباهي واستغلال الكارنيه للحصول على مزاياه في العديد من الأشياء التي من بينها الحصول على تسهيلات من الجهات الرسمية في العديد من الأمور مثل إصدار الرخصة أو تجديدها في المرور أو أقسام الشرطة أو استخدامها في الأماكن العامة من أجل الحصول على مزايا أو تسهيلات معينة، رغم أن هذا الكارنيه يعد جريمة وتزوير رسمي.

ويتمثل فنكوش التحكيم الدولي، في مدة الدورة التدريبية لتصبح مستشارًا دوليًا، والتي لا تتجاوز مدتها 6 أشهر في بعض الأحيان، إضافة إلى سعرها يتعدى 600 جنيه على أقصى تقدير، ومن ثم الحصول على المارنيه مقابل 500 جنيه.

وبحثًا عن كشف حقيقة تلك المراكز غير الشرعية، وكارنيه الفنكوش، التقت "الفجر" مع أساتذة قانون دولي ودستوري وبعض الشباب المستغل من قبل تلك المراكز.

التحكيم الدولي الشرعي
يعد التحكيم الدولي، من أحدث الأنظمة القانونية في العالم، يلجأ إليه في الأمور التي لا يلجأ إلى القضاء فيها، لأنه أيسر على الأطراف المختلفة داخل المحكمة ويستخدم في المنازعات الاقتصادية، والعقود التجارية والصناعية والاستثمارية ذات الطابع الدولي وعقود البترول، وفقًا لرأي الدكتور طارق عبد الوهاب، أستاذ القانون الدولي.

ويأتي دور مستشار التحكيم الدولي، في حالة عدم التزام كل طرف من أطراف العقد بالالتزامات الخاصة به، حيث لا يتم الالتجاء إلى القضاء وإنما إلى هيئة تحكيم وهنا تتمثل أهمية مستشاري التحكيم الدولي حيث تكون الهيئة مكونة من 3 أو 5 أو 7 مستشارين يصدرون الأحكام حيث تكون الأحكام ملزمة على الجميع بموجب حكم من المحكمة.

الطعن على أحكام التحكيم مرفوض
فيما جاءت بعض بنود قانون 27 الخاص بالتحكيم في المواد المدنية والتجارية لسنة 1994، لصالح المحكم الدولي، حيث نصت على أنه لا يجوز الطعن عليه.

وتضمنت المادة 52، بند 1، من القانون، أنه لا تقبل أحكام التحكيم التي تصدر طبقا لأحكام هذا القانون الطعن فيها بأي طريق من طرق الطعن المنصوص عليها في قانون المرافعات المدنية والتجارية.

القانون مخالف وعبثي
وفي هذا الصدد، قال المستشار أحمد حلمي الشريف، وكيل اللجنة التشريعية بالبرلمان، إن القانون رقم 27 لسنة 94 الخاص بالتحكيم الدولي، يحتاج لإعادة صياغة، لأنه لا يتناسب مع العصر الحالي، وبخاصة المادة 52 تحتاج لنسفها، متسائلًا؛ "كيف لا يجوز الطعن على المحكم الدولي، وأصبحت القضايا الشائكة كثيرة.

وأوضح الشريف، أن السكوت عن عدم الطعن على المحكم الدولي أمر مسيء للغاية، لأن التحكيم الدولي الوهمي يعتبر بلطجة قانونية وبشكل مقنع، فلذلك يجب إصلاح أي خلل تشريعي متواجد، مشيرًا إلى أن هذا دور اللجنة.

وأضاف وكيل اللجنة التشريعية، أن التحكيم الدولي فيه مخالفات صارخة، والأكثر من المخالفات هو الأفراد والمؤسسات والهيئات التي تستغل هذه الثغرات وتقوم بفتح أماكن وتعلن عن حصولك على مستشار تحكيم دولي من خلال دورة، مؤكدًا أن كل هذا العبث سينتهي قريبًا، فنحن نسعى إلى دولة القانون.

كارنيه التحكيم "فنكوش"
فيما ذكر عبد اللطيف عوض، تجربته الخاصة مع إحدى المراكز بجامعة طنطا، قائلًا؛ "أنا التحقت بالدورات للتحكيم المفتوح بإحدى مراكز التحكيم الدولي بجامعة طنطا، وهي أربع دورات دفعت عن كل دورة 200 جنيه وحظيت على أربع شهادات في نهاية الدورات بالإضافة إلى شهادة مجمعة للأربع دورات ولما علمت أن الموضوع نصب لم اهتم بموضوع الكارنيه المزعوم وكان يطلب من الذى يريد الحصول على الكارنيه دفع مبلغ 500 جنيه مقابل إعطاؤه الكارنيه تكملة للنصب".

وتابع عوض: "الذي شجعنى على الالتحاق أنني كنت أعمل بجامعة طنطا واعتقدت أن الأمر فيه صدق كلام نظرًا للإعلان الذي قرأته في كلية الحقوق جامعة طنطا والتي تمت بها الدورات".

وأضاف عوض: "مراكز التحكيم الدولي، فنكوش وسبوبة لبعض النصابين اللذين يرغبون في جمع أموال من الشباب التائه الذي يتطلع إلى مركز اجتماعي مرموق"، متابعًا: "هذا الكارنيه أكذوبة لسبك الموضوع لأن هذا الكارنيه ليس له أي امتيازات حقيقية كما يدعون".

المراكز الوهمية واستغلال الشباب
فيما قال الدكتور طارق عبد الوهاب، أستاذ القانون الدولي، "إنه يوجد في مصر فوضى عارمة في القانون تسمى مراكز التحكيم الدولي، انتشرت بكثرة عقب ثورة 25 يناير، حيث تقدم إعلان عبر الجرائد أو مواقع التواصل الاجتماعي، تحت شعار؛ ادفع 1500 جنيه واديلك كارنيه، تكون مستشار تحكيم أو دبلوماسي، فالسائق بيكون معاه إعدادية ويحمل كارنيه التحكيم"، واصفًا إياه بكارنيه الغش والوهم".

وأضاف عبد الوهاب، في تصريحات خاصة لـ"الفجر"، أن بعض الجامعات تحدد 5 أيام للدورات، وتتيح إمكانية تغيير البطاقة الشخصية، لمستشار التحكيم الدولي، مؤكدًا أنها بذلك تمنح القانون لغير الحقوقيين.

انتحال صفة القضاه
وأكد عبد الوهاب، أن هناك بعض الشباب الحاصل على تلك الدورات، يتحايل بالكارنيه في التسهيلات الرسمية، كإصدار التراخيص أو تجديدها في المرور أو أقسام الشرطة أو استخدامها في الأماكن العامة من أجل الحصول على مزايا أو تسهيلات، مشيرًا إلى أن الشخص في هذه الحالة متهم بالتزوير من خلال ضرر جسيم يمس هيبة السلطة القضائية والإساءة إلى رجالها من المستشارين، حيث أنه ينتحل صفة رجال القضاء في تحقيق مكاسب غير مشروعة.

المسميات القضائية للقضاة فقط
وأوضح أستاذ القانون الدولي، أنه يجب التفرقة في المسميات القضائية لمن يشغل الوظائف طبقًا لكل هيئة قضائية ووفقًا الدستور والقانون، كالقضاء وأعضاء النيابة العامة وقضاة المحكمة الدستورية العليا، وأعضاء هيئة قضايا الدولة، والنيابة الإدارية، أعضاء مجلس الدولة، مشددًا على أن الجميع يحمل كارنيه رسمي صادر من وزارة العدل، يبين الجهة التي ينتمي إليها والدرجة الوظيفية.

شروط الحصانة
وفيما يخص الحصانة، قال عبد الوهاب، إنه لكي تحصل على الحصانة، لا بد أن تعمل بقانون التحكيم الدولي، وأن تحصل على دبلومة في الحقوق، ومن ثم الإجراء العملي، أي الحصول على كورس دراسي كامل، فهناك فرق بين الحصانة الخاصة بقانون التحكيم الدولي، والحصانة الدبلوماسية والبرلمانية والسياسية والقضائية، وحصانة الموظف العام، والمحامي بمكتبه، فهي ليست مجرد واجهة اجتماعية.

مطالب بإغلاق المراكز الوهمية
وأردف عبد الوهاب، أن الهيئات القضائية والهيئة العامة، أصبح عندهم نوع من الغضب الشديد، برغم احترامنا لدور التحكيم والمحكمين، إلا أننا نرفض ممارسة بعض المراكز التي تمنح مسميات وألقاب مقابل مبالغ مالية، مطالبًا المشرع بإغلاق بعض المراكز الوهمية، ومعاقبة هذه المراكز لأنها عار على الحقوقيين.

دعاوى لضبط سوقية التحكيم الدولي
وبدوره، أكد المستشار كمال الإسلامبولي الفقيه الدستوري والمفكر والمحلل السياسي ورئيس المجلس الوطني، أن هناك مراكز تحكيم جادة مثل تلك التي تتبع نقيب المحامين، موضحًا أنه طبيعي أن يكون لها هامش ربح حتى تستمر في دورها وعقد الندوات والدورات.

وأضاف "الإسلامبولي"، في تصريحات خاصة لـ"الفجر"، أن هناك من يستغل ذلك فيستولي على أموال الناس وهؤلاء نصابين، موضحًا أنه في ظل سوقية مراكز التحكيم يجب أن يصدر قانون ينظم المسألة.