المسكوكات تعيد كتابة تاريخ العالم

منوعات

بوابة الفجر



المسكوكات وهي النقود المعدنية، وقد استخدمت الشعوب أنواع المعدن المختلفة للتعامل في حركة البيع والشراء، فبعد أن كان الإنسان يعتمد علي المقايضة أصبح يستخدم الذهب والفضة والنحاس في مقابل ما يريد إقتناؤه. 

 

وأكثر معدن اشتهر في المعاملات المالية هو الذهب، لأنه لا يصدأ، ويظل محتفظاً بخصائصة من بريق ونقاء، مما جعله أكثر المعادن استخدماً في الحلي والتزين، ورفع قيمته لدي المتعاملين.

 

وبدأت الدول في إنشاء دور ضرب العملة أو سك العملة، وهي الأماكن التي يتم فيها صناعة النقد المعدني سواء من الذهب أو الفضة أو النحاس .

 

ومنذ فجر التاريخ ومع بداية نشأة الحكومات، ولما ظهر تنظيم المعاملات التجارية أصبحت الدول هي المسؤولة عن ضرب العملة، ويحرم علي المواطنين صناعة النقود، ومن يتم ضبطه يُتهم بالتزييف ووصلت عقوبته في بعض العصور إلي الإعدام.

 

وهنا يقول د. أحمد دسوقي أستاذ علم المسكوكات الإسلامية بكلية الأثار جامعة القاهرة أن المسكوكات هي الوثيقة الرسمية الأولي التي يعتمد عليها الأثريون لتوثيق معلوماتهم التاريخية، وإعطائها المصداقية اللازمة.

 

فلو أردنا أن نعرف الإسم الحقيقي لملك من الملوك أو حاكم من الحكام رجعنا إلي العملات التي صدرت في عهده فهي تحمل إسمه كنوع من فرض سيطرته وإعلام سكان إقليمه أنه أصبح الملك.

 

ويتابع د. دسوقي أن المسكوكات وصلنا من خلالها أسماء بعض الوزراء والأمراء وكبار رجال الدولة والنقادين وهم المسئولين عن صناعة النقد أو مراقبته وأسماء دور الضرب وأماكن تواجدها وهي أمور لم نجدها في كتب التاريخ وإنما وجدناها مسجلة علي قطع النقد.

 

ومن أشهر ما كشفته لنا دراسة المسكوكات هو الأسماء الحقيقية للملوك وفترات حكمهم فمثلاً الملكة "شجر  الدر" وهي السيدة التي اتخذها الصالح نجم الدين أيوب آخر سلاطين المماليك في الدولة الأيوبية زوجة له بعد أن كانت جاريته وأنجبت له الولد فصارت زوجة.

 

و "شجر  الدر" كما نعرف جميعاً في قصة معركة المنصورة الشهيرة أخفت خبر وفاة زوجها الصالح نجم الدين أيوب أثناء المعركة حتي لا يؤثر ذلك علي معنويات الجنود، ولما تحقق النصر وعرف قواد مماليك نجم الدين أيوب بخبر وفاة مليكهم.

 

وهنا يحدث خلاف بين المؤرخين هل كانت بداية دولة المماليك بتولي الظاهر بيبرس البندقداري بشكل واضح الحكم بعد المظفر سيف الدين قطز، أم أن قطز المنتصر علي المغول في موقعة عين جالوت هو أول المماليك البحرية.

 

وهنا يأتي دور المسكوكات والتي تحكي لنا عبر ما تم تسجيله عليها عن أول ملكة من المماليك والتي إعتبرها المؤرخون بداية دولة المماليك البحرية .

 

فقد كان النقد الذهبي هو النقد الأساسي بدولة المماليك البحرية، وقد وصلنا دينار من دنانير الملكة "شجر الدر" ونجد أن النقد مسجل عليه في مركز الوجه "الإمام – المستعصم بالله أبو أحمد عبد الله أمير المؤمنين" وفي هامش الدينار " بسم الله الرحمن الرحيم – ضرب هذا الدينار بالقاهرة سنة ثمان واربعين وستماية"

وفي ظهر العملة في المركز مكتوب "المستعصمية الصالحية ملكة المسلمين والدة الملك المنصور خليل – أمير المؤمنين" ثم في الهامش "لا اله الا الله محمد رسول الله ارسله بالهدي ودين الحق ليظهره علي الدين كله"

 

وألقاب المستعصمية الصالحية هي ألقاب "شجر الدر" المعروفة وهي تثبت علي دينارها أنها أم المنصور خليل إبن الملك نجم الدين أيوب، أي أنها تثبت أحقيتها في الملك لأنها أم إبن الملك أي زوجته، ودينار شجر  الدر يعد هو الوثيقة الرسمية علي توليها الحكم ويحدد فترة حكمها بدقة عام 648 هـ .

 

فعلم المسكوكات هو العلم الذي يهتم به العالم حالياً وفيه من الخبايا الكثير والكثير، ونعرض هنا عدد من صور العملات القديمة، والتي كشفت لنا العديد من اسرار التاريخ، فتابعونا للمزيد من إكتشافات علم المسكوكات .