"الحكومة" تتصالح مع المستثمرين الفاسدين.. وتحاسب "غلابة" الإسكان الاجتماعي

الاقتصاد

شريف اسماعيل- رئيس
شريف اسماعيل- رئيس الوزراء


استمراراً لازدواجية المعايير الحكومية التى عودتنا عليها الحكومة الحالية برئاسة المهندس شريف اسماعيل، ورغم قيام ثورتين متتاليتين، إلا أن هذه المعايير لم تتغير بل يتم تعزيزها بالقانون الذي يأتى دائماً على الغلبان.

 وكان من ضمن هذه المعايير المزدوجة، محاسبة الفقير والمحتاج فقط، أما الأغنياء فالحكومة تدعمهم ببنزين مدعم وكهرباء وماء وغاز دون أن تفكر ولو لثانية أنها تعطيهم من مال الغلابة، حتى عند ارتكاب جرائم فساد مالى تحاول الدولة التصالح معهم والوقائع كثيرة ولعل قضية حسين سالم، ومن بعده يوسف بطرس غالى وغيرهم خير دليل على ذلك.

وفي تدعيم صارخ لهذه الإزدواجية، تضمن مشروع قانون الاستثمار الجديد 3 مواد على الأقل تضمن عدم حبس المستثمر او المساس به في الجرائم المالية والجنائية المتعلقة بعمله دون الرجوع للوزير المختص، بل وتفضل التصالح معه، وهي المواد (25) والتى نصت على "يجوز التصالح مع المستثمر في الجرائم المنصوص عليها في الباب الرابع من الكتاب الثاني من قانون العقوبات التي ترتكب منه بصفته أو بشخصه أو التي اشترك في ارتكابها وذلك في نطاق المشروعات الاستثمارية الخاضعة لأحكام هذا القانون فى مرحلة التحقيق أو في أية حالة تكون عليها الدعوى الجنائية قبل صدور الحكم البات فيها".

ويشترط للتصالح أن يرد المستثمر كافة الأموال أو المنقولات أو العقارات محل الجريمة أو ما يعادل قيمتها السوقية وقت الوفاء إذا استحال ردها عينياً، على أن يتم تحديد القيمة السوقية بمعرفة لجنة من الخبراء يصدر بتشكيلها قرار من المحكمة أو جهة التحقيق المختصة.

وفي حالة صدور حكم نهائي غير بات بإدانة المستثمر يشترط للتصالح بالإضافة إلى ما سبق إتمام وفاؤه بكامل العقوبات المالية المقضي بها.

ويحرر بالتصالح محضر يوقعه المستثمر أو وكيله بموجب توكيل خاص يبيح له ذلك وممثل عن الجهة المختصة المجني عليها، ويعتمد من الوزير المختص وتخطر جهات التحقيق أو المحكمة المختصة بحسب الأحوال بمحضر التصالح المعتمد والنائب العام لوقف تنفيذ العقوبة المقضي بها.

ويترتب على تمام التصالح انقضاء الدعوى الجنائية.

أما إذا تم التصالح بعد صيرورة الحكم باتاً وكان المحكوم عليه محبوساً نفاذاً لهذا الحكم جاز له أو وكيله الخاص أن يتقدم إلي النائب العام لطلب لوقف التنفيذ مشفوعاً بالمستندات المؤيدة له، ويرفع النائب العام الطلب إلي محكمة النقض مشفوعاً بهذه المستندات ومذكرة برأي النيابة العامة وذلك خلال عشرة أيام من تاريخ تقديمه، ويعرض علي إحدى الدوائر الجنائية بالمحكمة منعقدة في غرفة المشورة لنظره لتأمر بقرار مسبب بوقف تنفيذ العقوبات نهائياً إذا تحققت من إتمام التصالح واستيفاءه كافة الشروط والإجراءات المنصوص عليها في هذه المادة ويكون الفصل في الطلب خلال خمسة عشر يوماً منذ تاريخ عرضه وبعد سماع أقوال النيابة العامة والمحكوم عليه.

أما المادة (26) والتى تدول حول مسئولية الشخص الاعتباري، فقد نصت على: "في الأحوال التي ترتكب فيها الجريمة باسم ولحساب الشخص الاعتباري الخاص، لا يعاقب المسئول عن الإدارة الفعلية إلا إذا ثبت علمه بالجريمة واتجهت إرادته لارتكابها تحقيقاً لمصلحة نفسه أو غيره، وذلك دون الإخلال بأحكام المسئولية المدنية.
وفي الحالة التي لا تثبت فيها مسئولية الشخص الطبيعي على النحو المحدد في الفقرة السابقة، يعاقب الشخص الاعتباري بغرامة لا تقل عن أربعة أمثال الغرامة المقررة قانونا للجريمة ولا تجاوز عشرة أمثالها، وفي حالة العود يحكم بإلغاء الترخيص أو حل الشخص الاعتباري بحسب الأحوال، ويتم نشر الحكم في جريدتين يوميتين واسعتي الانتشار على نفقة الشخص الاعتباري".

أما المادة (27) والى تدور حول قيود تحريك الدعوي الجنائية، نصت على: "في غير حالة التلبس، يكون طلب رفع الدعوى الجنائية في الجرائم المنصوص عليها في قانون الجمارك الصادر بالقانون رقم 66 لسنة 1963، وقانون الضريبة على الدخل الصادر بالقانون رقم 91 لسنة 2005، وقانون الضريبة على القيمة المضافة الصادر بالقانون رقم 67 لسنة 2016 بعد أخذ رأى الوزير المختص بتطبيق أحكام هذا القانون إذا كان المتهم بارتكاب الجريمة تابعاً لاحد المشروعات الاستثمارية الخاضعة لأحكام هذا القانون.

ويتعين على الوزير المختص إبداء الرأي في هذا الشأن خلال سبعة أيام من تاريخ ورود كتاب استطلاع الرأي إليه، وإلا جاز رفع الدعوى".

والمادة (28)، بعنوان "قيود تحريك الدعوي فى بعض الجرائم المالية"، نصت على: "مع عدم الإخلال بحكم المادة 131 من قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي والنقد الصادر بالقانون رقم 88 لسنة 2003، والمادة السادسة عشر من القانون رقم 10 لسنة 2009 بتنظيم الرقابة على الأسواق والأدوات المالية غير المصرفية، لا يجوز رفع الدعوى الجنائية أو اتخاذ أي إجراء من إجراءات التحقيق قبل المستثمر في الجرائم المنصوص عليها في الباب الرابع من الكتاب الثاني من قانون العقوبات، إلا بعد اخذ رأي الوزير المختص بتطبيق أحكام هذا القانون علي النحو المنصوص عليها في المادة (27) من هذا القانون".

كل هذه الضمانات الهدف منها عدم حبس المستثمر الذى يملك المال والسلطة التى قد لا يحتاج معها للحماية، وفي الغالب يرتكب جريمته متعمداً إهدار حق الدولة سواء في الجمارك أو الضرائب أو تدعيم الفساد عن طريق الرشوة.

على الجانب الأخر، تعامل الحكومة المواطن محدود الدخل "الغلبان"، بكل حزم وشدة ولا تتناقش أو تتهاون في أخذ حقها منه ولا تتوانى أن تحبسه إذا تجاوز وحاول الحصول على أحد حقوقه وهو السكن الملائم، الذى يفترض على الدولة توفيره بحكم الدستور بل ودعمه وهو ما يحدث في كافة الدول التى تحترم حقوق الإنسان، ولكن لأن ازدواجية المعايير هى سمة الحكومات المصرية المتعاقبة وخصوصاً الحكومة الحالية برئاسة المهندس شريف إسماعيل، قرر وزير الإسكان مصطفى مدبولي تطبيق القانون بحزفيره على من يخالف شروط الإسكان الاجتماعي وهي الحبس والغرامة.

وهو ما أعلنت عنه مى عبد الحميد، رئيس مجلس إدارة صندوق التمويل العقاري والمدير التنفيذي لصندوق تمويل الإسكان الاجتماعي، بأن إدارة صندوق التمويل العقاري اتخذت الإجراءات القانونية اللازمة حيال 8 مواطنين اتضح لدى أحد البنوك اختلاف مبلغ الدخل الوارد بالملفات، والمعزز بالاستعلام المُعد عن هؤلاء العملاء، وبين البيانات المتوافرة لدى البنك، حيث اتضحت مخالفتهم للإجراءات المتبعة بشأن الدخل من خلال تقديمهم لبيانات غير صحيحة بصافى دخلهم بهدف خداع الصندوق للحصول على الدعم النقدى، على وحدات سكنية ضمن مشروع الإسكان الاجتماعي، عن طريق الغش والتدليس، بالرغم من تقدم كل عميل بإقرار وارد باستمارة حجز الوحدة السكنية يفيد بصحة البيانات المُقدمة منه، وأنه فى حال المخالفة يكون مسئولاً مسئولية مدنية وجنائية، ويُعاقب طبقاً لأحكام قانون الإسكان الاجتماعى، موضحة أن الإجراءات القانونية التى اتخذها الصندوق حيال هؤلاء المخالفين، أسفرت عن صدور الحكم الغيابى الصادر من محكمة جنح الدقى، والذى جاء فى منطوقه "حبس كل متهم سنة، وكفالة ألف جنيه، وغرامة 10 آلاف جنيه، ورد الوحدة السكنية، ورد ما تم سداده والمصاريف".


وأكدت عبد الحميد، ضرورة موافاة كافة البنوك لصندوق التمويل العقارى بالحالات المماثلة، والتى يتم من خلالها ثبوت حالات المخالفة، مشددة على أن الصندوق يتخذ اللازم قانوناً حيال المخالفين لحفظ حقوق محدودى الدخل فى الحصول على الدعم المقدم من الدولة.

وأشارت رئيس مجلس إدارة صندوق التمويل العقاري والمدير التنفيذي لصندوق تمويل الإسكان الاجتماعي، إلى أن المادة 48 مكرر من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 55 لسنة 2014 بتعديل بعض أحكام قانون التمويل العقارى رقم 148 لسنة 2001، تنص على أنه "يُعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة، وبغرامة لا تقل عن 50 ألف جنيه ولا تجاوز 100 ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من حصل بطريق الغش أو التدليس أو بناء على بيانات غير صحيحة على دعم من صندوق ضمان ودعم نشاط التمويل العقاري، وتقضى المحكمة فضلاً عن ذلك بإلزام المحكوم عليه برد الوحدة السكنية وقيمة الدعم الممنوح له من الصندوق"، وتنص المادة 16 من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 33 لسنة 2014 بشأن الإسكان الاجتماعى على أنه "مع عدم الإخلال بأية عقوبة أشد ينص عليها قانون آخر، يُعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة، وبغرامة لا تجاوز 10 آلاف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من أدلى ببيانات على خلاف الحقيقة أمام الجهات المعنية بالإسكان الاجتماعى بقصد الحصول على وحدة من الوحدات السكنية أو قطعة أرض، وتقضى المحكمة فى حالة الإدانة برد الوحدة السكنية أو قطعة الأرض، مع رد ما تم سداده من ثمنها"

وفي هذا الصدد أفاد عدد من الخبراء القانونيين، أن الموضوع قد ينطوى على سوء فهم حيث أن البنوك تشترط حد معين للمرتب للحصول على قروض سواء لسيارة او خلافة مما يدفع بعض الموظفين إلى التغيير في مفردات مرتباتهم بالزيادة من اجل الحصول على لاقرض لتأدية غرض معين ، في حين يشترط الحصول على وحدة إسكان إجتماعي أن يكون دخل الأسرة لا يزيد عن 3000 ألاف جنيه ، وقد يتقدم المواطن في هذا الوقت بمفردات راتبه الحقيقية والتى تختلف عن المقدمة للبنك في قرض سابق فتنشأ المشكلة، وهو ما لا يعفى الموظف من المسئولية الجنائية، ولكن كان على الحكومة بصفتها تعلم مثل هذه الحالات ان تتحرى الدقة وتراعى الجوانب الإنسانية للموضوع خصوصاً ان للأمر الكثير من الجوانب الاجتماعية.

ولكن للأسف بالرغم من تشدق الحكومة بتدعيم برامج الرعاية الاجتماعية وبالرغم من ان الدعم المقدم من الحكومة لوحدات الإسكان الاجتماعي لا يتعدى 25 الف جنيه في حالة أن يكون الراتب أقل من 1500 جنيه ويتناقص بمقدار ألف جنيه واحد كلما زاد الراتب بمقدار 100 جنيه، إلا ان الحكومة اختارت ان تتصالح مع المستثمرين في قضايا بالمليارات وتسامحهم في جرائم قد تضر بالاقتصاد في حال عدم كشفها، وتهدر المليارات من حقوق الدولة، في نفس الوقت تسجن "الغلابة" لمجرد محاولاتهم الحصول على حق مشروع لم تقدمه لهم الدولة من قبل.