عادل حمودة يكتب: المصالحة مع الإخوان زواج على ورقة طلاق

مقالات الرأي



شاهد على خيانة التنظيمات الدينية المسلحة للتوبة عن التكفير والتفجير

■ مبادرة لجنة الشيخ الشعراوى فى عام 1993: إيقاف العنف مقابل تغيير مناهج التعليم الكافرة وبرامج التليفزيون الفاجرة ومحاكمة نجيب محفوظ بتهمة الخروج عن الشريعة

■ وزير الداخلية التقى عبود الزمر سراً وتعهد بحماية عمر عبد الرحمن وسهّل له سفره إلى الولايات المتحدة

■ مبادرة أمن الدولة بعد عشر سنوات انتهت بعودة عاصم عبد الماجد وخيرت الشاطر إلى موجات العنف الشرسة التى نعانى منها الآن

■ المصالحة لا تزيد عن هدنة يقبل بها الإرهابيون لتجميع قواهم للقتال مرة أخرى ولو بعد حين

■ هناك تناقضات حادة بيننا وبينهم فى رؤية النظام السياسى وأسلوب التغيير والحريات العامة والمساواة بين الرجل والمرأة والمسلم والمسيحى

■ القطبيون الذى يسيطرون على الإخوان الآن يؤمنون بأن الدولة كافرة وقتالها واجب واغتيال قادتها أقصر طريق للجنة


مثل إعلانات مساحيق الغسيل.. تطل علينا بمناسبة أو بدون مناسبة دعوات المصالحة السياسية السحرية التى تزيل بقع الدم.. وتدفن جثث اللحم.. وتجعل الضمائر الملوثة بالعنف أكثر بياضا.

تسعى الجماعة إليها لكنها تنفيها.. وتفكر الدولة فيها لكنها تنكرها.. فالخطايا الوطنية مثل الكبائر الجنسية لا تولد إلا فى العتمة.. ولا يجرؤ أحد على الكشف عن نيته فى ارتكابها وهو يسعى إليها.

لست من أعضاء حزب مصاصى الدماء.. ولا أقبل بمنح أحد ترخيصا بالقتل.. وتؤلمنى سرادقات عزاء الموت العشوائى المجانى المنتشرة على خريطة الوطن.. لكننى.. تعلمت من خبرات عشتها أن المصالحة ليست أكثر من مجرد هدنة مؤقتة.. تسترد فيها القسوة المسلحة أنفاسها ولياقتها وقوتها لتبدأ جولة جديدة من المؤامرات والانفجارات والاغتيالات.

كانت مصر تستعد للاحتفال بشم النسيم عام 1993 عندما فوجئت بدعوة من البابا شنودة لحضور مشهد يصعب تصوره.. وصول الدكتور عمر عبد الكافى إلى الكاتدرائية لتهنئة المسيحيين بعيد القيامة بعد أن أنكر ذلك على مريديه فى مسجد أسد ابن الفرات بطريقة ساخرة سجلتها شرائطه الدينية.

شىء ما شاهده الداعية المودرن على جهاز فيديو فى مباحث أمن الدولة جعله يلحس كلامه ويصدم معجبيه وينقلب على نفسه ويذهب صاغرا إلى خصومه حاملا كفنه على يديه تمهيدا لخروجه من مصر مهزوما منفيا باختياره لننساه.

كان أمثاله ممن صعدوا المنابر وأفتوا فى الصحف وتحدثوا فى البرامج بمثابة سواتر فكرية تبرر للتنظيمات الإرهابية ما ترتكب من أعمال إجرامية.. فالسباك الذى طعن نجيب محفوظ لم يقرأ رواياته.. والميكانيكى الذى اغتال الدكتور فرج فودة لم يحضر ندوته التى أحرج فيها الشيخ محمد الغزالى كثيرًا.. بل.. أكثر من ذلك استغل مشاهير العلماء وأنصارهم أحداث العنف لفرض شروطهم على النظام السياسى بما يوصلهم إلى حلم الخلافة الذى يسعون إليه بدعوى الوساطة والتهدئة والمصالحة.

بمبادرة من الشيخ متولى الشعراوى تشكلت لجنة المصالحة تحت اسم المسلمين المستقلين ليكون على رأسها هو شخصيا ولتضم الشيخ محمد الغزالى والدكتور كمال أبو المجد وفهمى هويدى والشيخ عبد الرشيد صقر والدكتور سيد رزق الطويل والدكتور عبد الحى الفرماوى والدكتور محمد عمارة والإذاعى أحمد فراج وكان مستشارا إعلاميا لرئيس الحكومة وقتها الدكتور عاطف صدقى.

وحمل شروط أمراء الإرهاب من السجون محاميهم منتصر الزيات لتصل عبر الدكتور محمد سليم العوا إلى وزير الداخلية اللواء عبد الحليم موسى الذى لم يتردد فى استقبال عبود الزمر فى مكتبه سرا.. مستجيبا لرغبة لجنة المصالحة.

وتكررت اللقاءات فى بيوت آمنة «سيف هاوس» بين الوزير والمقدم السابق فى المخابرات الحربية الذى سجن بعد الحكم عليه فى قضية اغتيال أنور السادات.

وأغرب ما حدث أن الوزير لم يختر لحضور المفاوضات أحدا من مساعديه وإنما اكتفى بصحبة شاب مجذوب تعرف عليه وهو محافظ أسيوط وجاء به إلى الوزارة متباركا وليظل معه ليل نهار.

وصاغت لجنة المصالحة شروطها الأمنية والسياسية بما يفرض على الدولة الاستسلام لمشروع التحالف الذى انكشف بين حاملى المسابح وحاملى الكلاشنكوف.

مقابل وقف العنف يفرج عن ستين فى المائة من المعتقلين الذين قبض عليهم بفعل قانون الطوارئ.. وتحويل القضايا الجنائية من المحاكم العسكرية إلى المحاكم المدنية.. ومنع الاغتيال العشوائى لأعضاء التنظيمات.. واحتفاظ الجماعات بمساجدها بعيدة عن رقابة الأوقاف.

والمذهل أن المفاوضات جرت وسط عمليات عنف مكثفة وصلت إلى حد اغتيال اللواء محمد الشيمى فى أسيوط.. نوعا من الضغط على الأمن فى وقت مناسب ليرضخ للشروط التى راحت تتزايد يوما بعد يوم.

وعقدت لجنة المصالحة أكثر من اجتماع ناقشت فيه ثلاث قضايا رئيسية وجدت أنه لا مفر أمام الدولة من تغييرها:

القضية الأولى: ما أسموه بفساد أجهزة الإعلام وما تقدمه من مسلسلات وأفلام وبرامج لا تتماشى مع الشريعة بمفهومهم.

القضية الثانية : ما أسموه بكفر السياسة التعليمية وتجاوزاتها والتى لابد من تغييرها بزيادة الحصص الدينية فى كل مراحلها.

القضية الثالثة: إنقاذ البلاد من الحالة الاقتصادية المتردية بسبب قوانين الربا فى البنوك والتى أفقدت الأموال بركتها.

وبينما اتهم الدكتور عبد الحى الفرماوى الدولة بممارسة العنف ضد الشباب ذكر منتصر الزيات أن الوزير لم يضع شروطا للمصالحة سوى ألا يشارك فيها من يرفع السلاح.

وأمام ضعف الوزير زادت التنظيمات من شروط المصالحة فعلقت نجاحها على موافقة الدكتور عمر عبد الرحمن.. والبدء فورا فى الإفراج عن المعتقلين الذين مر عليهم خمس سنوات.. والأهم ألا تمنع الدولة التنظيمات من تحقيق استراتيجية تحقيق الشريعة الإسلامية.. هدفها الذى أعلنت أنها لن تتنازل عنه مهما كان الثمن.

وكان الوزير قد حكى فى لقائه مع لجنة المصالحة التى سميت فيما بعد بلجنة الشعراوى أنه سبق والتقى الدكتور عمر عبد الرحمن وعرض عليه التوسط بين الأمن وأمراء الجهاد.. ووعده الوزير بحمايته.. وأعطاه أرقام تليفونات مكتبه وبيته لينفذ له ما يشاء من طلبات.. لكن.. ما أن غادر مفتى الإرهاب مكتب الوزير عائدا إلى الفيوم حتى علق لمصطحبيه فى السيارة قائلا: الوزير الكافر يريد حوارا معنا.. إن الجلوس معه فاحشة من الكبائر نطلب من الله أن يغفرها لنا.

وفى اللقاء نفسه صرح الوزير بأنه هو الذى سمح للدكتور عمر عبد الرحمن بالسفر إلى الولايات المتحدة بعد أن منحته سفارتها فى القاهرة تأشيرة دخول إليها.

كنت فى ذلك الوقت مسئولا عن تحرير روزاليوسف التى انفردت بخمسة تقارير عن المصالحة كتبها إبراهيم خليل وأسامة سلامة وإبراهيم عيسى وحمدى رزق وعبد القادر شهيب.. ووجدنا فيما يحدث بعيدا عن العيون والآذان من مفاوضات نوعا من تخلى الدولة عن كل الذين ساندوها فى حربها ضد الإرهاب وإباحة دمائهم دون حماية.. كما وجدنا فيها نوعا من التنازلات بعيدا عن القانون والدستور.

وبهذه المفاوضات أثبت الإرهابيون لقطاعات واسعة من الشعب، خاصة الذين يرفضونهم ويعارضون أفكارهم وجرائمهم، أنهم ليسوا تنظيمات غير شرعية وإنما قوى سياسية تجلس الحكومة معهم وتفاوضهم وتنقلهم من خانة العنف إلى خانة تقسيم الحكم.

بجانب مكسب أهم وهو مزيد من التحقق السياسى والإعلامى على الساحة الخارجية «خاصة الساحة الأمريكية» ولتدعيم صورتهم وصوتهم فى مفاوضات أخرى يعقدونها مع وكالة المخابرات المركزية.

ولم يكن من الصعب علينا إدراك أن المصالحة مسألة مستحيلة لاختلاف الطبائع والتصورات والأهداف.. فالدولة تتحدث عن نظام مدنى يسوده القانون والطرف الآخر لا يرى نفسه إلا فى هدم هذا التصور.. وإلا فقد مبرر وجوده وسبب جهاده.. فهو يعتبر نفسه ظل الله على الأرض.. وحامل أختام الإسلام.

كنا نرى أنها ليست مصالحة وإنما هدنة مؤقتة تسمح للتنظيمات المسلحة بإعادة تشغيل قواها وترتيب صفوفها استعدادا لجولة جديدة من العنف يمكن أن تنتصر فيها بعد أن حصلت على شهادة تبرئة من الدم أو على الأقل اقتسام الذنب بينها وبين الحكومة.

نشرت روز اليوسف تقاريرها فى عدد السبت وفى اليوم التالى نشرت الصحف اليومية تكذيبا لها على لسان رئيس الحكومة، مؤكدا أنه لا صحة لوساطة أو مصالحة وكأننا كتبنا ما كتبنا تحت تأثير المخدرات.. ولكن.. الحقيقة أن رئيس الحكومة لم يكن يعلم ما يجرى على بعد نصف كيلومتر من مكتبه.

وحسب ما عرفت من وزير الثقافة فاروق حسنى، فإن مبارك اتصل باللواء عمر سليمان ليعرف منه صحة ما نشرنا.. وصدق مدير المخابرات على ما نشرنا.. بل ووصفه بالدقة.. فلم يتردد الرئيس فى إقالة وزير الداخلية.. لتحقق روز اليوسف انتصارين فى وقت واحد.. رحيل اللواء عبد الحليم موسى واعتذار الشيخ عمر عبدالكافى.

ولكن.. الانتصار الأهم كان فشل مؤامرة إعلان مصر دولة دينية.. طائفية.. يحكمها المشايخ.. ويحرسها أمراء الجهاد.

لم يستوعب الأمن ما سبق من تجارب فاشلة خاضتها البلاد تحت نفس الشعار «المصالحة».. بل.. نسى أن السادات الذى احتضن تيار العنف ودعمه ماديا وسياسيا ليبتلع خصومه من اليساريين هو الذى اغتاله علنا وسط قواته المسلحة مزهوا بذكرى انتصاره.

إن الرصاصات التى أطلقها الإخوان على عبدالناصر فى المنشية أصابت السادات فى منصة العرض العسكرى.. وبسبب تلك الرصاصات التى خرجت من سلاح أحد أعضاء التنظيم السرى انتهت شهور العسل بين ثورة يوليو والجماعة.. وسجن المئات من أعضائها وعلى رأسهم سيد قطب نحو ست سنوات.. ذاقوا فيها طعم المر أشكالا وألوانا.

فى عام 1962 تلقى عبد الناصر رسالة إشادة من مرشد الجماعة حسن الهضيبى اعتبرها نوعا من التوبة، فقرر الإفراج عنه تمهيدا للإفراج عن مجموعات أخرى من أتباعه.. خرجوا من السجون تباعا.. بمن فيهم سيد قطب.

كان سيد قطب قد انتهى من كتاب معالم فى الطريق الذى يعد دستور التنظيمات المتطرفة حتى الآن.. والمثير للدهشة أن الكتاب لم يصادر مثلما صودر كتاب مصطفى محمود الله والإنسان لوصفه بالإلحاد.

لقد خرجت فتاوى سيد قطب بتكفير النظام قبل أن يخرج للحرية.. وآمنت بها مجموعات نظمها فى السجون تحت اسم الأسر.. وقادها خمسة أعضاء هم على عشماوى وأحمد عبد المجيد وصبرى عرفة ومجدى عبد العزيز متولى وعبد الفتاح إسماعيل لإحياء التنظيم من جديد.

لم ينعم الإخوان بالحرية طويلا فقد وضعوا خطة لتفجير المرافق الحيوية واغتيال شخصيات مؤثرة فى الحكم وعندما قبض على أعضائه بدا واضحا من التحقيقات معهم التناقض الحاد بينهم وبين النظام القائم بل والنظم التالية له :

وصف العضو مبارك عبد العظيم النظام بأنه لا يحكم بكتاب الله وهو طبقا لكتاب الله يمثل الطاغوت أما المجتمع الحالى فهو مجتمع جاهلى.

وتوالت اعترافات باقى الأعضاء وعلى رأسهم سيد قطب فى القضية رقم 2 / 1965 أمن دولة عليا والقضية رقم 484 / حصر لتؤكد نفس المعنى:

النظام القائم فى مصر لا يطبق الشريعة الإسلامية كاملة.

هدفنا الحقيقى أن تتحقق العبودية لله بمعنى الخضوع من الحاكم والمحكوم لله وحده وما الحكم إلا وسيلة لتحقيق الحاكمية لله والحكم فى حد ذاته ليس هدفا فى حد ذاته وإنما وسيلة لتحقيق الحاكمية أو العبودية.

سعينا لقلب نظام الحكم لإقامة حكم القرآن فالحكم القائم غير ملتزم بأحكام القرآن وحكم ربنا واضح «ومن يحكم بغير ما انزل الله فأولئك هم الكافرون» ومعنى ذلك أن الحكم الحالى فى مصر غير ملتزم بحكم القرآن فهو حكم فاسق وظالم وده أضعف الإيمان.

هنا.. يجب أن نتوقف لنثبت عدة حقائق:

إن التناقض واضح وصارخ بين أفكار الجماعة وأفكار النظم السياسية الحاكمة فى مصر ويستحيل أن تتخلى الجماعة عن أفكارها وإلا فقدت كيانها ومبرر وجودها.

إن المصالحة بين طرفين مختلفين فى كل شىء (الإخوان والنظام) لن يزيد عن الهدنة المؤقتة لالتقاط الأنفاس وإعادة ترتيب الصفوف تمهيدا لانقلاب جديد.. وهو ما تكرر كثيرا.

إن قيادة الجماعة التى تعيش فى السجون بعد ثورة يونيو (2013) وعلى رأسهم خيرت الشاطر هم تجسيد لما يوصف بالقطبيين (نسبة إلى سيد قطب) فالعنف وسيلتهم والتكفير شعارهم والحكم غايتهم.

وحكم على سيد قطب بالإعدام.. وأرسل عبدالناصر إليه السادات ليعلن توبته من أفكاره.. لكنه.. لم يستجب.. فنفذ فيه الحكم شنقا.. وكان ذلك خطأ.. فقد تحول من مجرم إلى شهيد.. وبقيت أفكاره مغرية لأجيال شابة لم تعش زمانه.. سرعان ما نظمت وحملت السلاح نيابة عنه.. وسعت لتنفيذ مبدأ الحاكمية.. مثل الجماعة الإسلامية.. وتنظيم الجهاد.. والشوقيين.. وهى التنظيمات التى سعت لجنة الشعراوى للمصالحة بينها وبين نظام مبارك.. وكان ما كان.

لكن.. نظام مبارك بعد أكثر من عشر سنوات وافق على المصالحة بينه وبين التنظيمات الإرهابية، بالرغم من ارتفاع حصيلة ضحاياها إلى أكثر من ثلاثة آلاف شرطى ومواطن بجانب خسائر السياحة وسرقة محلات ذهب الأقباط وحرق كنائسهم.

لقد شهد يوم 8 أكتوبر 1981 مجزرة أسيوط التى نفذها بعد يومين من اغتيال السادات كل الذين شملتهم المصالحة فيما بعد وعلى رأسهم كرم زهدى وعاصم عبد الماجد وناجح إبراهيم وعلى الشريف وفؤاد الدواليبى وعصام دربالة وخالد حنفى وأسامة حافظ وحكم على بعضهم بالأشغال الشاقة المؤبدة.

وخرج كرم زهدى يمهد للمصالحة بمنح السادات لقب شهيد بعد أن رموه بالكفر وأفتوا باغتياله.. بل.. وأعلن أن مثواه الجنة.

وشعرت بأن مثل هذه التصريحات تعنى أن صاحبها لا يزال يتصور نفسه صاحب قداسة يمنح الغفران لمن يشاء.. ويلقى فى الجحيم من يشاء.. مما يعنى أنه لم يتغير.. كما كتبت فى مقال نشر وقتها فى الأهرام.

وأضفت أن مسجونى تلك التنظيمات الدينية لا يختلفون جنائيا عن مسجونى العصابات الجنائية وكل ما لهم من حقوق علينا هو تأهيلهم نفسيا للعيش فى المجتمع من جديد.. مثلهم غيرهم من المجرمين.

اعتقد كرم زهدى أن الأمن وراء نشر المقال فأعلن غضبه وهدد بإيقاف المصالحة فتدخل مدير مباحث أمن الدولة فى القاهرة وأفهمه إننى كاتب أتصرف من دماغى واتصل بى مفسرا ما يجرى سرا.. وحاولت جاهدا أن أشرح له استحالة التوافق بين الطرفين.. فالتناقضات بينهما حادة.. يختلفان فى الفلسفة التى يقوم عليها النظام السياسى.. نحن ندعو للدولة المدنية وهم يصرون على الدولة الدينية.. ويختلفان فى أسلوب تغيير ما يرفضه المجتمع.. نحن نؤمن بالحوار وهم يشهرون السلاح.. نحن نحترم القانون وهم يتبعون فتاوى أمرائهم.

ومن جديد كررت أن المصالحة لن تزيد عن هدنة لن تثنيهم عن العودة للسلاح بأنفسهم أو بأجيال جديدة تأثرت بهم ولو بعد حين.. وهو ما حدث فعلا.. وقدم عاصم عبد الماجد على منصة رابعة دليلا على صحة ما توقعت.. جهادى عجوز يسقط توبته.. وينفذ تعليمات أميره الجديد خيرت الشاطر.

أجيال تكفر وتخرب حتى تشيخ وتستسلم لتسلم السلاح لأجيال تالية تواصل الحرب لنظل فى دوامة المواجهة والمصالحة إلى يوم القيامة.. فنحن لم ننزع منهم غدة العنف التى يغذيها خطاب دينى نتحدث عن تجديده وهم يصرون على تجميده.

إنه زواج على ورقة طلاق وتوقيع سلام على منشور حرب وقبول بمصالحة على أمر بالقتل وقبلة حياة على جبين ذئب متنكر فى ثياب حمل وديع.. لكننا.. كالعادة لا نلدغ من نفس الجحر مرة وإنما عشر مرات.