د. دينا أنور تكتب: بحيري وناعوت.. بداية النهاية لقانون إزدراء الأديان

أخبار مصر

الدكتورة دينا أنور
الدكتورة دينا أنور


لأن التشاؤم الدائم والحنق المستمر صفات غير مطلوبة دائماً في مجتمع منهك من العثرات كمصر، يجب أن نغذي دواخلنا بشيء من الأمل واستشعار التغيير للأفضل، حتى لا نصيب الذين سعوا لإحداث تغيير بالإحباط، ويصبح الذي فعل كمن لا يفعل.

تخفيف حكم الحبس عن الكاتبة التنويرية فاطمة ناعوت من ثلاث سنوات إلى ستة أشهر مع إيقاف التنفيذ في إتهامها بإزدراء الدين الإسلامي والسخرية من شعيرة "ذبح الأضاحي" الإسلامية، من خلال تدوينتها على حسابها الشخصي في موقع التواصل الإجتماعي "تويتر"، هي الخطوة  الثانية المبشرة على درب الكفاح لإلغاء تلك القوانين التي تصادر حق التعبير عن الفكر والرأي وتحاكم الضمائر وتفتش على العقيدة وتعاقب العقول بعقوبات سالبة للحرية، سبقها قرار العفو الرئاسي عن إسلام بحيري، والذي كان الخطوة الأولى في هذا الدرب الذي نتمنى عليه أن ينتهي عند إلغاء تلك القوانين المعيبة، خاصة وأن هناك ثمناً تم دفعه في سبيل هذه اللحظة من عمر شاب لم يكن له ذنب سوى أنه اجتهد لتنقيح التراث وتنقية الإسلام من شبهات الكتب البشرية والموروثات وهو الباحث الشاب إسلام بحيري.

لا شك أن الوعي العام يتغير، وتأثير الرأي العام على سير القضايا العامة تأثير ليس بالهين، وهو ما لاحظناه من حالة التربص ببحيري في العام الماضي ومحاولات شيطنته ومعاداته وتلويثه والشماتة في حبسه، أما اليوم بعد قرار العفو الرئاسي عن بحيري وتخفيف الحكم لصالح ناعوت، فالأبواق الغاضبة انحسرت ولم تعد لها ذات قوتها في الماضي، وهو ما اتضح من الامتعاض الصامت من القرارين دون صراخ واعتراض وحنق وربما تهديدات، فأي منطق هذا الذي يسمح لبشر أن ينصب نفسه حارساً لمنهج الله و تعاليمه، بل والأفكه أنه يغتصب لنفسه حق محاسبة الناس والإطلاع على مقاصدهم ومكنون سرائرهم، كل هذا الهراء بدأ في التفتت على صخرة الكفاح التنويري التي تحاول جاهدة أن تصمد في مواجهة الأمواج السلفية والعنصرية التي يرعاها الوهابيون ويغذونها بالجهل والتمويل، لذلك وجب علينا تثمين التغيير الذي يحذو حذواً منطقياً إلى الأفضل، حتى ولو كان حذواً حذراً، فلا شك أن الحذر مطلوب في مجتمع مثل مصر وقع فريسة للإحتلال "الإخوانوسلفي" لعقود طويلة، والخطوات البطيئة التي تحدث تغييراً، أفضل بلا شك من الخطوات المتسرعة التي تحدث صدمة ولا تترك بصمةً في العقول..!

معركتنا القادمة معركة فكرية إنسانية بحتة، هم سيحاربوننا بالكراهية والقبح ونحن سنحاربهم بالحب والجمال، هم سيظلون يصرخون ويهددون ويتوعدون ويزيدون الناس نفوراً، أما نحن فواجبنا أن نصمد في سبيل نشر التنوير ونبذ العنف وتعميق قبول الآخر وإخماد العدائية والعنصرية تجاه المذاهب والعقائد المخالفة، لنصل في نهاية المطاف للحلم الأكبر والإنتصار الأعمق وهو إلغاء قانون إزدراء الأديان وكل قانون يعاقب الفكر بتهمة سالبة للحريات.