الخديوي إسماعيل يقبل إيد الإمبراطورة أوجيني

منوعات

بوابة الفجر


سحرت بجمالها أباطرة وملوك كبرى الدول الأوروبية.. فاتنة أحبها خديو مصر في شبابه، فكانت لها خصوصية واهتمام لم يتلقاه أعظم الملوك والأمراء في حفل افتتاح قناة السويس، جاءت لمصر لأول مرة في 23 أكتوبر من عام 1869، قبل افتتاح القناة بشهر، حتى يستعيد حاكم مصر ذكريات حبه لها، ويظهر في الصورة الخديوي إسماعيل وهو يقبل إيد الإمبراطورة أوجيني في لقطة نادرة جداً أثناء حفل افتتاح قناة السويس.

وُلدت الإمبراطورة الفرنسية "أوجيني" في 5 مايو من عام 1826، في إقليم غرناطة بإسبانيا، وتعلمت بجانب لغتها الأم الإنجليزية والفرنسية، ولجمالها العالي، وأناقتها الفائقة، وذهنها المتقد، أُعجب بها نابليون بونابرت إمبراطور فرنسا، ونال شرف الزواج منها في يناير من عام 1853، وبموجب هذا الارتباط، أصبحت "أوجيني" إمبراطورة البلاد، بجانب زوجها، لمدة 17 عامًا، تمرست خلالها على ممارسة الأمور السياسية، حتى ازداد نفوذها على حساب زوجها.

تلقت الإمبراطورة أوجيني دعوة من الخديو إسماعيل، حاكم مصر، لحضور حفل افتتاح قناة السويس في 16 نوفمبر عام 1869، ويُذكر أن إسماعيل في ريعان شبابه، وأثناء دراسته في فرنسا، وقع في غرام فتاة شابة، ليفاجئ بها بعد ذلك إمبراطورة، وكان هو خديو، لهذا نالت اهتمامه أثناء حضورها لمصر، في حفل افتتاح قناة السويس.

أوجيني ليست إمبراطورة فرنسية فحسب، بل إمبراطورة مملكة "إسماعيل" ذاته، فما أن قبلت دعوة الخديو حتى رتب العديد من الأمور لإكرام حبيبته، فأنشأ قصر "الجزيرة" على الطراز الفرنسي، والذي نشأ كصورة طبق الأصل لقصر "التويليري"، حتى تشعر بأنها مازالت في فرنسا، وأمر بغرز حبوب زهرة الكرز بحديقة القصر، بعد أن أبلغته باشتياقها لعطر هذه الزهور، إضافةً إلى أمره بإنشاء شارع الهرم، بعد أن طلبت الأميرة منه زيارة الإهرامات الثلاثة، كما أمر الخديو إسماعيل بإنشاء حديقة الجبلاية، والتي تبلغ درجة عالية من الجمال والأناقة، لتتمتع الإمبراطورة بها. 

في يوم افتتاح قناة السويس، استقبل الخديو إسماعيل الإمبراطورة أوجيني على رصيف ميناء بورسعيد، والذي سُمي على اسمها، واصطف الجنود على الرصيف، كما اصطفت السفن أمام الميناء، وبعد تناول الغداء، عُزف النشيد الوطني الفرنسي، ودخل الخديو، وترافقه الإمبراطورة إلى مكان الاحتفال، وكانا في المقدمة، فيما كان باقي الملوك والأمراء خلفهما، كما بدأت المدافع في إطلاق النيران، كنوع من الحفاوة، وفي نهاية زيارتها، أمر إسماعيل بإنشاء غرفة نوم من الذهب الخالص، زينتها ياقوته حمراء، ونُقشت حولها عبارة بالفرنسية، وهي "عيني على الأقل ستظل معجبة بكِ إلى الأبد"، وكانت هذه الهدية آخر ما قدمه الخديو للإمبراطورة. 

بعد عزل الخديو إسماعيل في عام 1879، وثورة الفرنسيين ضد أوجيني؛ بسبب هزائم فرنسا في حربها السبعينية ضد روسيا، هربت الإمبراطورة إلى إنجلترا، إلا أنها زارت مصر بعد الكوارث التي حلت بها، ففي إحدى زياراتها لمصر، وأثناء وجودها بمحافظة بورسعيد، طلبت السفر إلى القاهرة، حتى تشاهد قصر الجزيرة وحديقة الجبلاية، وأثناء سيرها على قدميها، اللتين فقدتا حيويتهما، ذرفت عينيها الدموع الحارة، لما تذكره عقلها، من كون كل هذه القصور والمتنزهات بُنيت لجمالها، ولعشق خديو مصر لحُسنها.