"صندوق النقد": تراجع عملة مصر فاق توقعاتنا.. لماذا فشل "المركزي" في الحفاظ على قيمة الجنيه؟

الاقتصاد

طارق عامر- محافظ
طارق عامر- محافظ البنك المركزي


منذ تولى طارق عامر منصب محافظ البنك المركزي، فى نوفمبر الماضى، ويعكف البنك على وضع استراتيجية جديدة للحد من مشاكل سوق النقد من خلال محاولات لرفع الاحتياطى الأجنبي تارة، والقضاء على عمليات المضاربة على العملة في السوق الموازية تارة أخرى، إلا أن البنك المركزي لم يستطع الحفاظ على قيمة العملة المحلية أمام سلة العملات الأجنبية، أو تحقيق شيئًا من الاستقرار في سوق صرف العملات على أقل تقدير. 

ووفقًا لنتائج المرحلة الأولى من الاستراتيجة التي وضعها البنك لحل مشاكل سوق الصرف، فإن التراجع الحاد في قيمة العملة وعدم القدرة على الحفاظ عليها يرجع إلى 15 سببًا وهم على النحو التالي: 

 1- ارتفاع عجز الميزان الحالى ليصل خلال الفترة من يوليو إلى مارس من السنة المالية 2015-2016 إلى نحو 14.5 مليار دولار مقابل نحو 8.3 مليار دولار لنفس الفترة من العام السابق 2014-2015. 

2- تفاقم عجز الموازنة العامة للدولة ليصل إلى 311.02 مليار جنيه فى الفترة من يوليو 2015 إلى مايو 2016 مقابل 261.85 مليار جنيه لنفس الفترة من العام السابق.

 3- ارتفاع الإنفاق المحلى دون غطاء انتاجي، وتدنى موارد النقد الأجنبى من السياحة نتيجة الأحداث الأمنية الأخيرة.

 4- زيادة الفجوة في ميزان المدفوعات بما يتعدى الـ24 مليار دولار فى العام، حيث تتجاوز فاتورة الاستيراد مستوى الـ80 مليار دولار فى العام. 

 5- انفلات المنافذ الجمركية وعدم السيطرة على عمليات تهريب العملة إلى الخارج، وتدنى الثقة فى تعاملات النقد الأجنبى من خلال الجهاز المصرفى، والوفاء بسداد التزامات مصر من أقساط وفوائد الديون الخارجية( ديون قطر ونادي باريس). 

6- التوسع في عمليات المضاربة على العملة في السوق السوداء وعدم القدرة على السيطرة عليها.

7- تدبير النقد الأجنبى اللازم لتلبية احتياجات الدولة من السلع الأساسية ومستلزمات الإنتاج والأدوية والأمصال، بالإضافة إلى ضخ مليارات الدولار لتدبير احتياجات الوزرات والهيئات الحكومية من العملة الصعبة.

8- انخفاض إجمالى تحويلات المصريين بالخارج فى 2015 - 2016 بنحو 2.3 مليار دولار مقارنة بالعام السابق له بنسبة انخفاض بلغت 12% لتسجل 16.8 مليار دولار.

 9- تراجع الاستثمار الأجنبى المباشر نتيجة عدم إجراء الإصلاحات والتعديلات التشريعية اللازمة لتهيئة مناخ الاستثمار، ما أثّر سلباً على ميزان المدفوعات.

10- تراجع الاستثمار فى المحافظ نتيجة تراجع التصنيف الائتمانى، وضعف موارد النقد الأجنبى داخل القطاع المصرفى نتيجة تدنى عائدات السياحة وتراجع الصادرات.

أشار جارفيس رئيس بعثة صندوق النقد الدولي إلى مصر، إلى أن سعر الصرف الحالي (الذي يتراوح ما بين 18.8 إلى 20 جنيها مقابل الدولار) هو تقييم السوق للعملة المحلية، وأن قرار البنك المركزي بتعويم العملة بالكامل ساهم في خلق بيئة تشغيلية جيدة، وتابع أن صندوق النقد لا يقوم بتنبؤات حول سعر الصرف، لكن ما شهدته العملة المصرية من انخفاض كان أكبر من التوقعات، وقال: "من المحتمل أن يكون هذا الانخفاض خلال المرحلة الأولية وأن يحدث تحسن في زيادة النقد الأجنبي ونمو الودائع لدى القطاع المصرفي وبذلك فإن التراجع الحالي في سعر الصرف لن يستمر طويلا"، وأشاد جارفيس بقرار تعويم الجنيه قائلا: "أحد أهم الإنجازات أنه لا يوجد الآن سعر صرف ثابت".

وفي ظل تواصل تراجع الجنيه المصري، وارتفاع قيمة الدولار تتزايد شكاوى كثير من المصريين من ارتفاع أسعار السلع، وهو أمر يربطه معظم الخبراء الاقتصاديين بتدهور سعر العملة المحلية، ويرى الخبراء أن ذلك يعود في جانب كبير منه إلى أن عمليات التبادل التجاري الخارجي، تتم بالعملة الصعبة وليس بالعملة المحلية، وهو ما يؤدي إلى ارتفاع أسعار كل السلع في نهاية المطاف، حتى السلع المصنعة محليا منها إذ أن جانبا كبيرا من الصناعات المحلية يعتمد في تصنيعه، على مكونات مستوردة وهو ما يدفع أصحاب تلك الصناعات إلى تحميل الزيادة على أسعار المنتج.