فريد الأطرش.. ملك العود الذي ظلمه المصريون حيا وميتا (تقرير)

الفجر الفني

بوابة الفجر


عندما تتطرق أذهاننا إلى الموسيقى العربية وأغاني زمن الفن الجميل، نتذكر دائمًا كوكب الشرق السيدة أم كلثوم والعندليب الأسمر عبدالحليم حافظ، وموسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب، حتى في معظم حفلات الموسيقى العربية دائمًا ماتسطو أغانيهم على الحفل، ويحاول النجوم الجدد الغناء لهم لجذب انتباه الجماهير.


ولكن قليل من يتذكر عازف العود العالمي المطرب الذي صمد لعشرات السنين أمام عبدالحليم حافظ، الذي صعد وخطف الأضواء من كل النجوم إلا هو ظل يضاهيه ويباريه ولم يقل نجمه، هو الفريد من نوعه موسيقار الأزمان وملك العود "فريد الأطرش" الذي ظلمه التاريخ والإعلام حيًا وميتًا.


فريد هو أعظم عازف عود في العالم من عائلة فنية خالصة والدته هي الأميرة علياء المنذر التي إشتُهرت بأغاني الميجانا، وشقيقته المطربة الرائعة أسمهان التي توفيت في ريعان شبابها في حادث مأساوي.

قدم الأطرش، أكثر من ثلاثين فيلمًا للسينما كان بطلًا فيها، هو أول من أدخل فكرة الفيديو كليب على الموسيقى العربية، كما أنه أول من أقام ديو غنائي في السينما العربية.

كما أن له الريادة في إدخال ألات مثل الكلارينيت، وغيرها في عالم الموسيقى العربية، والوحيد الذي كًرم بأكثر من 20 وسام حول العالم منهم وسام الخلود الفرنسي الذي لم يأخذه سوى ثلاث أشخاص وهم بيتهوفن وشوبان وفريد الأطرش.

لم يتعامل معه أحد إلا ويذكر طيبته وأخلاقه الحميدة، هذا المطرب السوري الذي ظلمه الإعلام المصري، وأنصفه الجمهور السوري واللبناني، فلم يعهد أحد إلى تنجيمه ورفعه إلى السماء مثلما فعلوا مع عبدالحليم حافظ، على الرغم من أنه الوحيد الذي ظل يغني ويطرب الجماهير ويقوم ببطولة الأفلام في ظل وجود حليم، الذي طغت نجوميته على كل الفنانين حينها مثل محمد فوزي وكارم محمود وعبدالعزيز محمود.


تحدثت النجمة لبنى عبدالعزيز، عن طيبته وأخلاقه وكيف ساعددها في مشوارها، وقالت الصبوحة قبل وفاتها أنها لن تستطيع إنكار فضل فريد عليها فهو من رفعها وقدمها للجمهور.

فريد عاشق الموسيقى الذي يحترم جمهوره ويقدرهم ففي حادثة غريبة تأخرت فرقة فريد عن إحدى الحفلات وظل الجمهور ينادي بإسمه، فصعد هو والعود وظل يغني ويعزف وحده دون الفرقة، وسقطت ريشة العزف من يده فلم يرد قطع الوصلة الغنائية وفصل الجمهور عن الحالة التي يعيشونها وظل يعزف دون الريشة وبعد انتهاء الوصلة وقام الجمهور لتحيته وجدوا الدم يسيل من يديه، فمن ذا الذي لا يعشق فريد وفنه وتواضعه.

لقبه فرانك سيناترا بهرم العرب الموسيقي، وعندما توفي أوقف التلفزيون الإنجليزي كل برامجه وأعلن خبر وفاته وعرض ريبورتاج عنه، كما أنه طلب قبل وفاته أن يُدفن في أرض مصر التي أحبها وعشق ترابها، ولكن لم يبادله المصريون نفس الحب.

فمثلآ عندما تحل ذكرى الأطرش يكتفي التلفزيون بعرض فيلمين له وإذاعة بعض أغانيه في هدوء تام، لكن عند ذكرى حليم فتتحول إلى ضجيج وتتسابق وسائل الإعلام في عرض أفلامه وإذاعة أغانيه والذهاب إلى منزله وعرض بعض الأشياء التي لايعرفها الجمهور عنه، فلماذا يتعامل الإعلام معه بهذا الشكل هل لأن أغاني حليم شبابية ومعاصرة؟ أم لأنه غنى العديد من الأغاني الوطنية وأصبح مطرب الثورة؟ لا ينكر أحد نجومية العندليب وتأثيره وفضله على الموسيقى العربية ولكن فريد لايقل قدرًا منه بالتأكيد.


والجديد أنه بعد كل هذه السنين قررت جمعية "محبي فريد الأطرش" عمل تمثال له ليتم وضعه في دار الأوبرا المصرية، بين تمثالي حليم وأم كلثوم، ولكن فور وصوله تم وضعه في مكانه دون أي افتتاح في خطأ كارثي وصار المارون يلتقطون الصور معه، وعندما أدركت إدارة الأوبرا ذلك أبعدت التمثال من مكانه وقامت بتخزينه لتزيح عنه الستار في حفل خاص، ولكن أين وُضع التمثال؟ في شارع جانبي داخل الأوبرا يسهُل على أي أحد أن يراه ويزيل عنه القماشة التي تمت تغطيته بها فهل هكذا يتعامل المصريون مع موسيقار الأزمنة؟ فلقد ظلم المصريون فريد حيًا وميتًا وأحب فريد المصريين ودُفن في أرضهم.