الأسد: سوريا ساحة حرب باردة بين روسيا والغرب

عربي ودولي

بشار الأسد - أرشيفية
بشار الأسد - أرشيفية


قال الرئيس السوري بشار الأسد لصحيفة روسية اليوم الجمعة، إن استعادة الجيش السوري السيطرة على مدينة حلب التي تجدد قصفها في محاولة للسيطرة على القطاع الخاضع لسيطرة المعارضة منها ستكون "نقطة انطلاق مهمة جداً" لدحر "الإرهابيين" إلى تركيا.

وقال عمال إغاثة إن الجيش السوري بدعم من طائرات حربية روسية قتل أكثر من 150 شخصاً في شرق حلب هذا الأسبوع في إطار الحملة على المدينة.

وأثار ارتفاع عدد الضحايا في حلب حيث تحولت المباني إلى أنقاض أو هدمت أسقفها وجدرانها موجة غضب عالمية وجدد الجهود الدبلوماسية فتقرر إجراء محادثات بين الولايات المتحدة وروسيا يوم السبت.

وأكد الأسد في المقابلة مع صحيفة "كومسومولسكايا برافدا" الروسية: "ينبغي الاستمرار في تطهير هذه المنطقة ودحر الإرهابيين إلى تركيا ليعودوا من حيث أتوا أو لقتلهم. ليس هناك خيار آخر".

وأضاف: "حلب ستكون نقطة انطلاق مهمة جداً للقيام بهذه الخطوة".

ومع تكثيف الضربات الجوية والقصف على شرق المدينة منذ يوم الثلاثاء، بعد فترة وجيزة من الهدوء النسبي وافقت الحكومة السورية على خطة للأمم المتحدة للسماح بدخول قوافل المساعدات إلى أغلب المناطق المحاصرة في سوريا باستثناء حلب.

وأسفرت الحرب الأهلية ‭-‬التي دخلت عامها السادس- عن مقتل نحو 300 ألف شخص وتشريد ملايين في حين استقطبت قوى إقليمية ودولية وألهمت هجمات متشددين إسلاميين في الخارج.

حرب عالمية
ويحظى الرئيس بشار الأسد بدعم من القوات الجوية الروسية والحرس الثوري الإيراني ومقاتلين شيعة من دول عربية مجاورة في حين تلقى قوى سنية تسعى للإطاحة به الدعم من تركيا الولايات المتحدة ودول عربية.

وأوضح الأسد للصحيفة إن الحرب في بلاده باتت صراعاً بين روسيا والغرب.

وأضاف: "ما رأيناه في الأسابيع وربما الأشهر القليلة الماضية هو ما يشبه الحرب الباردة وربما أكثر... لا أدري ماذا أسميه لكنه ليس شيئاً ظهر مؤخراً لأنني لا أعتقد أن الغرب وخاصة الولايات المتحدة أوقفوا حربهم الباردة حتى بعد انهيار الاتحاد السوفيتي".

وقال الأسد إن تحركات تركيا في سوريا تمثل "غزواً وتتنافى مع القانون الدولي والأخلاق وضد سيادة سوريا".

جرائم حرب
وقال مسؤول من الدفاع المدني إن ضربات جوية قتلت يوم الخميس 13 شخصاً في أحياء الكلاسة وبستان القصر والصاخور في المنطقة التي تسيطر عليها المعارضة في حلب في حين وضع وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي مسودة بيان يتهم سوريا وحلفاءها بعنف "ربما يصل إلى جرائم حرب".

وقالت مسودة البيان التي أطلعت رويترز عليها "منذ بداية الهجوم الذي شنه النظام (السوري) وحلفاؤه وكثافة القصف الجوي ومداه على شرق حلب مفرطة بشكل واضح".

وتقول الحكومتان السورية والروسية إنهما لا تستهدفان سوى المتشددين.

وإلى الجنوب قال سكان ومقاتلون إن مئات من مقاتلي المعارضة وأسرهم غادروا بلدتين خضعتا لسيطرتهم على المشارف الشمالية لدمشق بموجب اتفاق مع الحكومة التي تدفع معارضيها إلى مناطق بعيدة عن العاصمة.

وجاء الإجلاء بعد أن حدد الجيش لقادة البلدتين- وهما الهامة وقدسيا- مهلة لإخراج عدة مئات من المقاتلين من البلدتين أو التعرض لهجوم شامل. وكانت البلدتان تتمتعان بهدوء نسبي وفقا لاتفاقات هدنة محلية.

وأشار عضو مجلس المعارضة المحلي، يوسف الحسناوي، إلى إن النظام لم يمنحهم خيارات فقد قال لهم "غادروا أو نفتح عليكم أبواب الجحيم".

أوباما يدرس الخيارات
وقال مسؤولون أمريكيون إن من المقرر أن يجتمع الرئيس باراك أوباما مع كبار مستشاريه للسياسة الخارجية اليوم الجمعة، لبحث الخيار العسكري وخيارات أخرى في سوريا.

ويرى بعض المسؤولين أنه يتعين على الولايات المتحدة العمل بقوة أكبر في سوريا وإلا واجهت خطر خسارة ما تبقى من نفوذ لها على المعارضة المعتدلة وحلفائها من العرب والأكراد والأتراك في قتال تنظيم داعش.

ويقول المسؤولون الأمريكيون إنهم يستبعدون أن يأمر أوباما بشن غارات جوية أمريكية على أهداف للحكومة السورية وأكدوا على أنه ربما لا يتخذ أي قرارات في الاجتماع المقرر لمجلس الأمن القومي.

ومن المقرر أن يجتمع وزير الخارجية الأمريكي جون كيري ونظيره الروسي سيرغي لافروف في سويسرا يوم السبت، لاستئناف جهودهما التي فشلت حتى الآن في إيجاد حل دبلوماسي مع نظرائهما من بعض دول الشرق الأوسط.

ودعت موسكو يوم الخميس دول المنطقة إلى عدم تزويد مقاتلي المعارضة السورية بصواريخ محمولة مضادة للطائرات وحذرت من أن أي إجراء عدائي ضد القوات الروسية لن يمر دون رد مناسب.

قصف مستمر
وتراجعت الضربات الجوية على المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة في شرق حلب في مطلع الأسبوع بعد أن أعلن الجيش السوري أنه سيقلل الغارات من أجل ما وصفها بأسباب إنسانية لكن الضربات الجوية تكثفت منذ يوم الثلاثاء.

وأكد المسؤول في الدفاع المدني إبراهيم أبو الليث، في حلب لرويترز، من داخل المدينة إن القصف بدأ في الثانية صباحاً ولا يزال مستمراً.

وقال عمال الإغاثة إن 154 شخصاً قتلوا في الأيام الأخيرة. ولم تتمكن رويترز من التأكد من عدد القتلى من مصدر مستقل.

وحلب مقسمة منذ سنوات بين مناطق تابعة للحكومة وأخرى خاضعة للمعارضة. ويعتقد أن أكثر من 250 ألف شخص محاصرون في شرق حلب -أهم معقل حضري للمعارضة- ويواجهون نقصاً في الغذاء والوقود والإمدادات الطبية.

وفي جنيف قالت الأمم المتحدة إن الحكومة السورية وافقت جزئياً على خطتها الخاصة بالمساعدات لشهر أكتوبر (تشرين الأول) وأعطت دمشق الضوء الأخضر لإرسال قوافل إلى 25 منطقة من أصل 29 منطقة محاصرة ويصعب الوصول إليها بمختلف أرجاء سوريا المحرومة أيضاً من بعض الإمدادات الضرورية.

من جهته قال نائب مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا، رمزي عز الدين رمزي، إن الحكومة السورية لم توافق على إرسال مساعدات إلى شرق حلب وثلاث مناطق في ريف دمشق ووصف الموقف بأنه "ملح".

وأكد المرصد السوري لحقوق الإنسان أن إحدى المناطق التي تسيطر عليها الحكومة في غرب حلب شهدت مقتل 4 أطفال على الأقل وإصابة 10 يوم الخميس، عندما سقطت قذائف قرب مدرسة.

وقالت الوكالة العربية السورية للأنباء (سانا) إن المدرسة الواقعة في منطقة السليمانية استهدفت فيما وصفته بأنه هجوم إرهابي.