خدعوك فقالوا : هذا هو تمثال "لاظوغلي"

منوعات

بوابة الفجر


أثناء مرورنا بميدان لاظوغلي بصحبة الصديق عمرو الخربوطلي "هو أحد أشهر جامعي التحف و النوادر بمصر "  فاجأنا بأن صاحب التمثال الموجود بالميدان ليس هو لاظ أوغلي و لكنه تمثال لـ "سقا " يشبه لاظ أوغلي 
و الحكاية في أساسها تعود الى الثاني والعشرين من شهر رمضان عام 1242 هـ توفي الميرالوا كتخدا محمد لاظ أوغلي أغا بك بعد أن لعب دورا هاما في عصر محمد علي، وفي سنة 1869م وأرادت الحكومة المصرية عمل مجموعة تماثيل ميدانية لعدد من الشخصيات المصرية البارزةفي تلك الفترة تخليدا لذكراهم فقررت صنع تماثيل لـكل من .. محمد علي باشا –إبراهيم باشا -محمد لاظ أوغلي بك وسليمان باشا الفرنساوي .
ولعمل تمثال لشخص ما يجب الحصول على صور له حتى يستطيع النحات التعرف على ملامحه وتفاصيله، لذلك حصلت الحكومة المصرية على صور أغلب الشخصيات من أوربا فقد كانت صورهم شائعة هناك إلا أنها فشلت تماما في العثور على صورة واحدة لكتخدا مصر الراحل محمد لاظ أوغلي، فكلفت الحكومة أحمد باشا الدرملي محافظ مصر وقتها بالبحث عن صورة للاظ أوغلي عند أقاربه أو عند من كانت تربطهم به علاقة، لكنه فشل هو الآخر تماما في العثور على تلك الصورة، وبذلكفقد الجميع الأمل في إقامة تمثال يخلد ذكرى كتخدا مصر السابق .
في عصر أحد الأيام كان أحمد باشا الدرملي يسير بصحبة محمد ثابت باشا وزير المعارف والأوقاف في حي خان الخليلي، وفجأة شاهد ثابت باشا رجلا رث الملابس كان يسير في الجهة المقابلة من الطريق وهو يحمل على ظهره قربة ممتلئة بالماء، فاستوقفه الباشا وتفرس في وجهه فتوجس السقا المسكين خيفة وارتعدت فرائصه وهو
يقف أمام محافظ مصر في ذلك الوقت ..
مال أحمد الدرملي باشا على ثابت باشا وقال له :
- لماذا استوقفت هذا الرجل يا باشا ؟!
فأخبره الأخير أن ملامح وطول ذلك السقا المسكين تكاد تنطبق تماما على ملامح وطول الراحل محمد لاظ أوغلي الذي يبحث عن صورة له طمأن الدرملي باشا السقا المذعور واتفق معه على أن يحضر إليه في صباح الغد
لمقابلته بالضبطية، ووعده بمكافأة مجزية و في المساء لم يستطع السقا الفقير النوم فقد كانت الظنون والهواجس تلهو برأسه، فماذاجنى المسكين حتى يذهب بقدميه للباشا في الضبطية . استر يا رب في صباح اليوم الثاني كان الدرملي باشا يجلس في مكتبه وبرفقته ضيفان كان قد استدعاهما لمعرفتهما الجيدة بملامح الراحل لاظ أوغلي عندما دخل أحد المعاونين على الباشا وأخبره بأن هناك رجلا هيئته مذرية يلح في مقابلته، بل ويدعي أنه على موعد معه 
 أمر الباشا على الفور بدخوله، ونهض يستقبل السقا بترحاب وبوجه بشوش، وبعد أن تفرس الضيفان في ملامح السقا أخبرا الباشا بأن ذلك الرجل بالفعل يشبه تماما محمد لاظ أوغلي .
كلف الدرملي باشا أحد معاونيه بأن يأخذ السقا ويفصل له بدلة فاخرة تناسب تلك الفترة التاريخية، وبعد استكمال الملابس والعمامة، استحضر سيفا وكل ما يلزم، وتم التقاط عدة صور فوتوغرافية للسقا، ثم أرسلت الصور إلى المثّال الذي بدأ في تنفيذ ذلك التمثال الذي نعرفه جميعا .
واليوم وأنت تمر في ميدان لاظ أوغلي (سابقا) والسقا (حاليا) الذي لم يذكر اسمه في كتب التاريخ أرجو منك أن تتذكر وأنت تنظر إليه أن ملامح رجل فقير خلدته وجعلته يقف حتى كتابة هذه السطور شامخا في أشهر ميادين القاهرة، والسبب تشابه ملامحه مع أحد مشاهير رجال مصر .
هذه القصة العجيبة نقلها أمين سامي باشا عن وزير المعارف والأوقاف السابق ثابت باشا الموثوق في أمانته التاريخية، ووضعها في كتابه القيم (تقويم النيل)