عمرو خالد: الوطن ليس "حفنة تراب".. والحفاظ عليه حفاظ على الدين

أخبار مصر

عمرو خالد - أرشيفية
عمرو خالد - أرشيفية


شدد الدكتور عمرو خالد - الداعية الإسلامي - على أهمية حب الوطن والتمسك به، والحفاظ عليه، كـ "ضرورة دينية"، قائلاً إن "حب الوطن، غريزة فطرية غرسها الله في نفوس البشر، إلا أن بعض المتدينين يرونه يتعارض مع حب الدين، على الرغم من أنه لاتعارض بين هذا وذاك، فكلاهما مصدر واحد".

ودلل على ذلك بموقف النبي صلى الله عليه وسلم عندما أرغم على الهجرة من مكة إلى المدينة حينما قال كلمات والدموع تنساب من عينه، تنبع حبًا وتقطر حزنًا على فراق بلده الذي ولد فيه" :والله أنك لأحب بلاد الله إليّ، ولولا أن أهلك أخرجوني منك ما خرجت أبدًا".

وأضاف "خالد" - في تصريحات صحفية - أن "هؤلاء الذين يرفضون فكرة "الوطن" أسسوا معتقدهم الخاطئ على أن الوطن لايعدو من وجهة نظرهم أن يكون "حفنة تراب"، ويعتبرونه "فكرة مضادة للأمة"، وأن الأوطان هي "عبارة عن حدود صنعها الاستعمار"، ولم يرد في القرآن والسنة كلام عن الوطن، ويزعمون أن عبارات الحب التي قالها النبي عن مكة بلده الذي ولد فيه لا يمثل قاعدة عامة، وأن الأمر خاص بمكة فقط".

وأكد أن "هؤلاء لايفهمون حقيقة معنى "الوطن"، فالوطن ليس "حفنة تراب"، بل هو شعب – تاريخ – علماء – إنجازات – حماية الدين، وأنه لو لم يكن هناك وطن لما عرفنا هذا التنوع والتعدد والاختلاف الإيجابي، فلكل دولة علماؤها، لهم أفكارهم وثقافتهم المرتبطة في الأساس بوطنهم".

وردًا على من يؤسس رفضه لفكرة الوطن إلى كون قضية الأمة أعلى من الوطن، قال خالد إن "هذا قول حق يستخدم استخدامًا خاطئًا، لأن فكرة الأمة هي جزء من عقيدة المسلم، لكنها تستخدم لتمرير ثقافة قبول تفتيت الوطن أو عدم التمسك به لتقديم مصلحة الأمة على مصلحة الوطن، وهذه فكرة خطيرة يستفيد منها أعداء الوطن وأعداء الإسلام في آن واحد نتيجة الفهم السطحي الساذج".

وتابع الداعية الإسلامي: "أما من يقولون بأن الأوطان وضع حدودها الاستعمار، فإنهم لايفرقون بين الوطن والحدود، إذ إن الأولى أقدم من كل الحدود، وليس معنى أن الاستعمار هو الذي وضع الحدود، أن أرفض فكرة الوطن تحت هذه الذريعة، فالعدوان على الحدود القائمة حرام".

ورد على من يتذرع في رفضه لفكرة الوطن بأنه لم يرد مفهوم الوطن في القرآن والسنة، قائلاً: "هذا غير صحيح.. ففي القرآن "وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِن دِيَارِكُم مَّا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِّنْهُمْ ۖ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا".. "الفخر الرازي" في تفسيره جعل فراق الوطن معادلاً لقتل النفس، أما باقي المفسرين فقالوا إنه أعلى قيمة حب الوطن وجعله في مقام حب النفس".

وذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "من قاتل دون أرضه فهو في سبيل الله"، موضحًا أنه لم يكن للأرض قيمة لما جعل من يقتل دفاعًا عنها شهيدًا، مشيرًا إلى أن من يقولون إن الوطن عصبية جاهلية استنادًا إلى قول النبي "دعوها فإنها منتنة" يتجاهلون المناسبة التي قيل فيها، وهو أنه عندما تنازع الأنصار والمهاجرون والأوس والخزرج، وقام كل منهم إلى سلاحه، نهاهم عن الصراع من أجل العرق، وليس رفضًا لحبهم وطنهم، لكنه نهى عن أن يتحول حب الوطن إلى صراع وعصبية.

وأشار إلى أن النبي دعا لكل بلد ولأهل كل وطن... فقال عن مصر: "ستفتح عليكم بعدي مصر فاستوصوا بقبطها خيرًا، فإن لكم منهم صهرًا وذمة"، و"إذا دخلتم مصر فاتخذوا منها جنداً فهم خير أجناد الأرض".

وشدد "خالد" على أن الحفاظ على الوطن هو حفاظ على الدين ذاته، والخروج عن فكرة الوطن هو خروج عن فكرة أن الإسلام صالح لكل زمان ومكان، فلن نستطيع عيش الشريعة إلا من خلال الأوطان، فالدين يحتاج إلى جملة من الأشياء: الأمان - المال، وكل هذا يحتاج إلى وطن بعيدًا عن الصراع، ولايجوز لأحد أن يشمت في وطنه إذا أصابه مكروه، لأنها من الشماتة في الدين.

ولفت إلى إن الوطن لا يحسب عمره بالأزمات، لكن يحسب عمره بالعافية، وإذا كانت مصر في حالة حرب، فإنها "في رباط إلى يوم الدين"، وهذا ليس رباطًا عسكريًا فقط، لكن رباطًا مجتمعيًا.

وختم قائلا: "نريد غرس حب الوطن في أولادنا، حتى لايكبروا وهم لايدركون قيمة ومعنى الوطن.. فنضيع أرضنا ويأخذها عدونا.. وعندها نكون ارتكبنا إثمًا عظيمًا.. علموا أولادكم أن بر الوطن مثل بر الوالدين، وأنه مثلما لايوجد شخص يكره أمه، فلايوجد شخص يكره وطنه.. اللهم احفظ بلادنا".