زجاجاتها من "القمامة" وخاماتها "مبيدات حشرية".. نكشف أسرار صناعة "البرفانات المضروبة".. (تحقيق)

تقارير وحوارات

البرفانات المضروبة
البرفانات المضروبة

240 دولار سعر جرام المادة الخام لـ"البرفان الأصلي".. و20 قرشًا للمضروب
جامعو القمامة بالمناطق الراقية يبيعون الزجاجات الفارغة إلى محلات البرفانات 
استشاري أمراض جلدية: تصيب الجسم بحساسية والتجاعيد المبكرة
استشاري أمراض صدرية: تصنع من المبيدات الحشرية 

انتشر في الآونة الأخيرة بيع زجاجات البرفانات على أرصفة الشوارع، فعلى الرغم من أن المتعارف عليه أن أسعار هذه البرفانات قد تتعدى المئات، إلا أنها لا تتخطى الجنيهات القليلة في هذه الأماكن.

ولعل أبرز تلك الأماكن منطقة العتبة، التي ينتشر فيها بائعي البرفانات المضروبة، حيث كشفت "الفجر" في تحقيقها أسرار صناعة هذه البرفانات وحقيقة المواد المصنعة منها، بالإضافة إلى استعراض بعض المعلومات التي يمكن من خلالها التفرقة بين هذين النوعين.


أسعار باخثة

وبدأت المحاولة بالذهاب لأحد بائعي البرفانات لسؤاله عن كيفية تصنيع البرفان، واضطرت محررة "الفجر" إلى حيلة الإدعاء بأنها  تنوي أن تتاجر في البرفانات، فقال لها «ياسر إبراهيم» أنه يبيع زجاجة البرفان الواحدة بـ5 جنيهات، وأنه يشتريها من أحد التجار جملة الـ12 زجاجة بـ30 جنيهاً، وأن ذلك التاجر يحصل عليها من مصنع في العتبة.


الفارق بين مكونات البرفانات الأصلية والمضروبة
وعندما حاول البائع التهرب من أسئلة المحررة، توجهت لأحد محلات تركيب البرفانات بأحد الأحياء الشعبية، ويدعى «قشطة» والذي كشف لها كيفية تركيب البرفان، موضحًا أن البرفان مكون من «سبرتو و زيت أي المادة الخام، بجانب اللون الذي يستخدمه البعض في التركيب»، ومشيراً إلى أن السبرتو كلما كان أشبه بالمياه يكون أنظف.

مصانع بير السلم بـ«العتبة» تصنع البرفان بأقل من جنيه

وعن مقارنة البرفان الباهظة الثمن بالرخيصة، يقول «قشطة» أن البرفان الباهظ الثمن والأوريجنال تكون مكوناته باهظة الثمن، حيث يكون سعر جرام المادة الخام منه قد يصل لـ240 دولار، بخلاف سعر السبرتو، أما البرفان الرخيص الثمن الملون يتم شراء مكوناته من مصانع «بير السلم» الموجودة بمنطقة العتبة، حيث يتكلف سعر الزجاجة الواحدة أقل من جنيه.


أسرار من داخل «مصانع بير السلم»
وبعدها توجهت المحررة إلى أحد المصانع الموجودة هناك، منتحلة صفة تاجرة في البرفان، فوجدت جرام المادة الخام «الزيت» في أحد المحلات التابعة لمصنع «تحت بير السلم» سعره يبلغ20 قرشًا، وبالنسبة للسبرتو فأكتشفت أنه أنواع: «إسباني وهو أفضلهم، والفرنسي، والسبرتو الطبي، والمصري الشعبي وهو الذي يصنع في مصانع غير معروفة» وكان ثمن السبرتو المصري بالمصنع التابع له المحل جنيهًا للجرام الواحد.

 أما عن اللون الذي تكون عليه بعض البرفانات في الشارع يكون عبارة عن كيس ألوان سعره 2 جنيه، حيث توضع منه نقطة صغيرة على السبرتو والزيت لتكسب زجاجة البرفان لون كـ«الأصفر والأحمر والأخضر».

خدعة زجاجات البرفانات المضروبة
وبعدها أشار صاحب المحل إلى آخر يبيع زجاجات البرفان بشارع الجامع الأحمر بالعتبة، وأكد أن ذلك المحل يبيع زجاجات تعبأ فيها البرفانات، قائلًا: «ممكن تعملي سبوبة حلوة من المحل ده، هما بيبيعوا أزايز البرفان الأوريجنال فارغة بكارتونتها، وممكن تشتريها وتعملي البرفان وتبيعيه على إنه أوريجنال.. أصلا معظم المحلات الكبيرة بتعمل كده وشغالين والناس مبيفرقوش وكأنهم إشتروا البرفان أوريجنال».

وعندما سألته المحررة  عن مصدر تلك الزجاجات أكد أن المحل يتفاوض مع عمال النظافة في بعض المناطق الراقية كـ«جاردن سيتي والمعادي ومدينة نصر» ليبيعوا لهم زجاجات البرفان الفارغة من «قمامة» سكان المنطقه، ليبيعوها في المحل، مشيرًا إلى أن أصحاب بعض المحلات المعروفة يقوموا بشراء تلك الزجاجات المعروفة الماركة من عمال النظافة ويصنعوا برفان ردئ ويعبؤوه بها ويبيعوه بعد إيهام الزبائن بأنه من النوع الأصلي.


كيف تفرق بين البرفان الأصلي والمضروب؟
وقال محمد النقراشي، صاحب أحد محلات العطور بالجيزة، إنه للتفرقة بين البرفان الأوريجنال والمضروب يجب النظر لسلفنة العبوة، حيث أن البرفان المضروب سلفنته تكون رديئة جداً، وبالنسبة للمكونات فنجد البرفان المضروب يكون بداخله زيت وذلك الملمس الزيتي بسبب مادة لزجة اسمها «سيليفون» الكيلو منها بـ20 جنيهًا، وتلك المادة يضيفها البائعين على المادة الخام فيتحول الكيلو من المادة لـ5 كيلو بفعل تلك المادة.


عواقب استخدام البرفانات المضروبة
من الناحية الطبية قال هاني الناظر، استشاري أمراض جلدية، أن البرفانات بصفة عامة مُضرة للمصابين بحساسية في جلدهم، ولكن البرفانات المركبة والبرفانات رديئة الصنع ومجهولة الهوية مضرة لجميع أنواع الجسم، حيث أنها تصيب الجلد بحساسية جلدية شديدة قد تتطور لإكزيما جلدية يصعب علاجها إذا تحولت لإكزيما مزمنة.

وأضاف الناظر، لـ"الفجر" أن أي مركب كيميائي يضر الجلد ويصيبه بالحساسية، مشيراً إلى أن البرفانات المجهولة الهوية والرديئة الصنع عندما توضع على الجلد ثم يتعرض صاحبها للشمس تتسبب في تكوين فقاقيع على سطح الجلد، عندما تنتهي تلك الفقاقيع ستترك مكانها بقع سوداء على الجلد، مؤكداً أن استخدام تلك العطور بصفة مستديمة على الجلد يسبب الإصابة بتجاعيد مبكرة.

أمراض صدرية تصل إلى الربو
وقال عصام المغازي، استشاري الأمراض الصدرية، إن العطور تحتوي على مركبات كيميائية ضارة بصحة الإنسان وأن بعضها قد يسبب الإصابة بأعراض مرضية حادة في الجهاز التنفسي والعصبي وربو وحساسية الجلد والصداع والغثيان والدوخة وحتى فقدان الوعي.

وأشار المغازي، إلى أن هذه العطور تحتوي على الميثانول (الكحول الميثيلى) بدلاً من الإيثانول، ومن المعروف التأثير الضار للكحول الميثيلي على معظم أجهزة الجسم حيث يؤدي لتهيج في الجهاز التنفسي وكحة إذا تم استنشاقه، مشيراً إلى العطور المزيفة التي تستخدم فيها مواد مهيجة ومثيرة في الجهاز التنفسي العلوي.

وأضاف أن الاضرار التي تسببها تلك العطور تبدأ أولاً بأعراض خفيفة كتهيج في العيون والأنف مع حكة مستمرة وتدميع بالعيون ، ونتيجة الاستخدام المتكرر لها قد يحدث تهيج في الشعب الهوائية وصعوبة في التنفس وكحة مستمرة، وقد يتطور بعد ذلك إلى ربو، موضحًا أن هذه الأعراض تأتي لما بعد درجة التهيج الأول الطفيف في الأنف والعينين.

ونصح استشاري الأمراض الصدرية، بالابتعاد عن هذه العطور لاستخدام مواد شبيهة بالمواد التي تصُنّع منها المبيدات الحشرية في صناعتها، والتي تؤدي إلى أضرار جانبية في الجهاز التنفسي، متابعًا: «إذا كان لديك حساسية صدرية أو أي مشكلة في الجهاز التنفسي فإن هذه العطور تؤثر عليك أكثر من الشخص السليم فيجب التوقف عن استخدامها لانها تحتوي على مواد كيميائية ضارة على صحتك».