4 ثورات جياع عبر التاريخ.. اختلف الزمان وبقيت الأسباب.. فهل تشهدها مصر قريبا؟

تقارير وحوارات

بوابة الفجر



الدسوقي: ارتفاع الأسعار جنوني واستبعد حدوث ثورة جياع
الحسيني: الوضع الإقتصادي صعب ولابد من وجود تخوفات
 
من أكثر مايهم المواطن يومياً متابعة الأسعار وترقب صعودها، وهو ما جعل كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسي السبت الماضي أثناء حفل إفتتاح مجمع للبتروكيماويات بمحافظة الإسكندرية عن الوضع الإقتصادي يقف عندها الجميع من خبراء ومواطنين.

وقال الرئيس عبد الفتاح السيسي أثناء الحفل أنه لن يتردد في إتخاذ إجراءات إقتصادية وصفها بالصعبة، مشيراً إلى أن محاولة الإصلاح عام 1977 والتي لاقت عدم قبول من المواطنين تسببت في أن كل الحكومات المتعاقبة تحسبت من محاولات الإصلاح وخافت من ردود الأفعال.






ومن هنا يأتي السؤال ما القرارات الاقتصادية التي تخوفت الحكومات الماضية من إتخذها وسيتخذها الرئيس السيسي؟، وقبل أن نسأل عن القرارت نتذكر الأزمات التي أشعلت غضب المواطن ودفعته لإحداث "ثورة جياع" على مدار العقود  المختلفة.






 
إنتفاضة يناير 1977
أثناء حكم الرئيس الراحل محمد أنور السادات حدث ما يعرف بإنتفاضة الخبز حينما خرجت مظاهرات قادتها حركات طلابية ونقابات وتجمعات عمالية، ضد قرارات رفع أسعار السلع، التي أعلنها نائب رئيس الوزراء للشئون الاقتصادية وقتها، عبدالمنعم القيسوني، في خطاب أمام مجلس الشعب يوم 17 يناير، ضمن خطة تقشفية للسيطرة على العجز، بالاتفاق مع صندوق النقد والبنك الدولي.

وشملت هذه القرارات رفع أسعار الخبز والسكر والشاي والأرز والبنزين وعدد كبير من السلع الأساسية .

وخلال انتفاضة يناير ردد المتظاهرون هتافات شهيرة من بينها "هما بياكلوا حمام وفراخ واحنا الجوع دوخنا وداخ"، و"هما بيلبسوا آخر موضة واحنا بنسكن عشرة في أوضة"، و"سيد مرعي ياسيد بيه كيلو اللحمة بقى بجنيه"، و"يا سادات ليه معلش....كيلو اللحمة بستين قرش".

واضطر الرئيس السادات للتراجع عن قرارات رفع الأسعار التي أشعلت المظاهرات في يومي 18 و19 يناير، وأدت لأحداث عنف من بينها إحراق أقسام شرطة وأبنية حكومية، ونزل الجيش لفرض الأمن ومنع المظاهرات، وأُعلنت حالة الطوارئ من السادسة مساءا وحتى السادسة صباحا.

وأطلق السادات على هذه التظاهرات "انتفاضة الحرامية"، وأعتقلت الشرطة خلالها عدد كبير من المتظاهرين والناشطين اليساريين، ووجهت لهم تهمة الانضمام إلى تنظيمات شيوعية، لكن القضاء حكم ببرائتهم بعد ذلك.






أول ثورة جياع
وفي العصر الفرعوني عرفت مصر أول ثورة جياع على مستوى العالم ضد الملك "بيبي الثاني"، الذي حكم مصر لأكثر من 96 عاما، وساءت في عهده الأحوال الاقتصادية، فامتنع الناس عن الذهاب للحقول ودفع الضرائب، وتوقفت التجارة مع البلاد المحيطة، بل وهجم الناس على مخازن الحكومة، واعتدوا على مقابر الموتى، وصبوا غضبهم على قصور الأغنياء، وانهارت الحكومة المركزية، وظهرت مقولات مثل "الأرض لمن يحرثها"، حتى اضطر رجال الدين ومَنْ تبقى من الأغنياء للهجرة، وكانت تلك الثورة نهاية لحكم الملك بيبي الثاني.






تعاقب الأزمات
وبعد الفتح الإسلامي لمصر، كان الناس يعلنون احتجاجهم من خلال المسجد العتيق مسجد عمر بن العاص، رضي الله عنه، ففي شهر المحرم عام 338هـ وقع غلاء في عهد أبو القاسم وأتوجور بن الإخشيد فثارت عليه الرعية ومنعوه من صلاة العشاء في الجامع العتيق.

وفي الدولة الإخشيدية أيضا عظم الغلاء في العام 343هـ حتى بيع القمح كل ويبتين ونصف بدينار ثم طلب فلم يوجد، وثارت الرعية وكسروا منبر الجامع بمصر.

ثم شهد العام 352هـ غلاء استمر 9 سنين في عهد علي بن الإخشيد، وفي عام 353هـ عظم البلاء وانتفضت الأعمال لكثرة الفتن، ونهبت الضياع والغلال، وماج الناس في مصر بسبب سعر (القمح) فدخلوا الجامع العتيق بالفسطاط في يوم جمعة، وازدحموا عند المحراب فمات رجل وامرأة في الزحام، ولم تصل الجمعة يومئذ.







نهاية الدولة الفاطمية
كما كانت الشدة المستنصرية مثالًا لثورة الجياع وبداية النهاية للدولة الفاطمية، فقد ابتدأت الشدة المستنصرية في العام 475هـ، فنزع السعر، وتزايد الغلاء، وأعقب الوباء، حتى تعطلت الأراضي من الزراعة وشمل الخوف، وخيفت السبل برا وبحرا، واستولى الجوع لعدم القوت، وبيع الأردب من القمح بثمانين دينارا، وأكلت الكلاب والقطط حتى قلت الكلاب، فبيع كلب ليؤكل بخمسة دنانير، وتزايد الحال حتى أكل الناس بعضهم بعضا، وتحرز الناس، فكانت طوائف تجلس بأعلى بيوتها ومعها سلب وحبال فيها كلاليب، فإذا مر بهم أحد ألقوها عليه، ونشلوه في أسرع وقت وشرحوا لحمه وأكلوه.. وجاء الوزير يوما على بغلته فأكلتها العامة فشنق طائفة منهم فاجتمع عليهم النساء فأكلوهم. ثم آل الأمر إلى أن باع المستنصر كل ما في قصره من ذخائر وثياب وأثاث وسلاح .. وغيره.. وصار يجلس على حصير وتعطلت دواوينه؛ وذهب وقاره... حتى احتاج المستنصر فباع حلية قبور آبائه.. 
وكانت الشريفة بنت صاحب السبيل تبعث إليه في كل يوم فتيت من جملة ما كان لها من البر والصدقات، حتى أنفقت مالها كله، وكان يجل عن الإحصاء، في سبيل البر، ولم يكن للمستنصر قوت سوى ما كانت تبعث به إليه، وهو مرة واحدة في اليوم.






ضغط على المواطن
وفي سياق متصل قال الدكتور إيهاب الدسوقي، أستاذ قسم الإقتصاد بأكاديمية السادات للعلوم الإدارية، إن ارتفاع الأسعار الجنوني يشكل ضغطًا على المواطن، مضيفاً أنه في حال تم زيادة أسعار البنزين والبترول سيؤدي ذلك لإرتفاع أسعار جميع الخدمات مما يشكل ضغط على الطبقات الفقيرة والمتوسطة.

وإستبعد الدسوقي في تصريح خاص لـ "الفجر" فكرة حدوث ثورة جياع على المدي القصير، مؤكداً على ضرورة تعويض المواطن من خلال رفع الأجور.

وأردف قائلاً: "لو استمر ارتفاع الأسعار في مواطنين هيدخلوا في فقر مضطجع"، مضيفًا أنه يمكن رفع الأجور من خلال إعادة هيكلتها، ومشيراً إلى أن هذا الإجراء لا يؤثر على التضخم.

وأردف: "يعني في ناس بتاخد ملايين نقلل مرتباتهم ونديها للطبقات الأقل".  

 
الأوضاع صعبة
ومن جانبه قال عبد العزيز الحسيني، أمين عام مساعد حزب الكرامة إنه لا نستطيع الجزم بحدوث ثورة جياع أو تحديد أنها يمكن حدوثها في وقت قريب أو بعيد.

وأضاف في تصريح خاص لـ "الفجر" أن الأحداث في مصر تحدث في الغالب بشكل مفاجيء ولا يعلم أحد مايدور في عقل المواطن.

وأوضح الحسيني أن ما يمكن الإتفاق عليه هو أن الأوضاع الإقتصادية في الوقت الحالي صعبة، مضيفاً أن الطبقة المتوسطة والفقيرة مظلومة في إرتفاع الأسعار والضغط المعيشي.

وأشار إلى أنه لابد من وجود تخوفات من الوضع الحالي، وضرب مثال بحصول مصر على الكثير من المساعدات من دول الخليج وأوربا ومع ذلك إلى الآن نحتاج ونطلب مساعدات.

وأردف قائلاً: "الفساد نهب الكثير من أموال مصر من أيام السادات"، متابعًا: "لما ناخد مساعدات نصرف بيها على مشاريع ونشغلها في الإنتاج مش نصرف بيها على الناس".