رسائل نارية من مصريين بالأردن بين الذلة والمهانة.. ويفجرون مفاجأة

محافظات

سفارة مصر بالأردن
سفارة مصر بالأردن - صورة أرشيفية


- موجة غضب للعاملين بالأردن.. والمصريون يستعدون لتنظيم وقفة احتجاجية أمام السفارة المصرية بعمان
- مواطن أسيوطي يتعرض للسجن دون ذنب
- مصرع مصري سقط من أعلى "سقالة البناء" أثناء مطاردة الشرطه له 

حلم ضائع وسحابة لبست ثياب حداد وعلى المدى أسراب طير راحل نسي الغناء فصار سرب جراد، هذه بلاد تاجرت في أرضها وتفرقت شيعًا بكل مزاد لم يبقى من صخب الجياد سوى الأسى، تاريخ هذه الأرض بعض جياد في كل ركن من ربوع بلادي تبدو أمامي صورة الجلاد لمحوه من زمن يضاجع أرضها، حملت سفاحًا فاستباح الوادي لم يبق غير صراخ أمس راحل ومقابر سأمت من الأجداد، وعصابة سرقت نزيف عيوننا بالقهر والتدليس والأحقاد، ماعاد فيها ضوء نجم شارد ماعاد فيها صوت طير شادي تمضي بنا الأحزان ساخرة بنا وتزورنا دومًا بلا ميعاد، شيء تكسر في عيوني بعدما ضاق الزمان بثورتي وعنادي أحببتها حتى الثمالة بينما باعت صباها الغض للأوغاد لم يبق فيها غير صبح كاذب وصراخ أرض في لظى استعباد لا تسألوني عن دموع بلادي.

- الهروب من مصر إلى جحيم الأردن
هذه الكلمات قالها الرائع فاروق جويدة فىي قصيدته "هذه بلاد.. لم تعد كبلادي" نتذكرها سريعًا عندما نسمع خبر عن مآساة أو معاناة المصريين المقيمين في الخارج، نتذكرها عندما تتنافس وسائل الأعلام في تغطية أخبار تتعلق بالسفارات المختلفة أو بالسفراء في الدول العربية دون تطرق الكثير منها إلى مشاكل هؤلاء المصريين.

نتأثر كثيًرا عندما نعلم أن هؤلاء الهاربين من جحيم الحياة في بلادهم هربو بحثًا عن لقمة عيش في بلاد مجاورة، أو هربوا بحثا عن حلم الزواج وتكوين أسرة التي قد يكون دافعًا للكثير من الشباب للعمل وتخطي تحديات وصعوبات في حياتهم من أجل هذا الحلم، إلا أن حلمهم قد يتحول إلى دافع الموت، إما بالسقوط من أعلى الإنشاءات أو التعرض لممارسات أمنية وحشية.

هذه الكلمات التي قالها الكاتب فاروق جويدة تتجسد معانيها في قرى ومدن محافظات جمهورية مصر العربية، والتي يعاني أهلها من غربة ذويهم في البلدان العربية الشقيقة لكسب لقمة العيش، يتعرضون للمخاطر والاعتداءات الجسيمة دون تحرك من السفارات المختلفة.

- ضغط الكفيل
"الأردن" تلك الدولة التي تحتوي على أكثر من 500 ألف عامل مصري، فكل شبرًا فيها شاهدًا على جهد وتعب وعرق المصريين، الذين حملوا الحجارة ليشيدوا العمارات والأبراج، وعملوا في المدارس ليعلموا أولاد الذوات، وباتوا في المستشفيات ليسهروا على راحة المواطن الأردني، وتحملوا مشقة السفر والغربة وذهبوا لوطن غير الوطن من أجل البحث عن لقمة العيش، لكنهم تعرضوا للاعتداءات والملاحقات الأمنية في بلد اعترفت صراحة بأن هناك بعض المهن مغلقة على مواطنيها، وأنه يجب تسريح العمالة المصرية العاملة بهذه المهن على عكس ما يحدث في وطننا "مصر".

قد تجبرهم الظروف على القيام بأعمال لا تتفق مع المبادئ العامة والقيم السائدة لحقوق العمال المهاجرين، وقد يتعرضوا لعمليات الإتجار بهم أو للخضوع لشروط أقل من شروط عمل العمال الآخرين بسبب قيام "الكفيل" بتشغيلهم في مهن غير الذين سافروا من أجلها، إضافة إلى تعرض الكثير من المصريين للسجن غير القانوني، بسبب تجاهل السفارات لهم وعدم التدخل لحمايتهم من السجن، وتعرضهم للاعتداءات سواء بالقتل أو السرقة بالإكراه أو غيرها.

- اعتداءات وسقوط
حاولنا رصد بعض من مشاكل المصريين العاملين في دولة الأردن خاصة بعد تزايد الاعتداءات ومنها قيام أشقاء رجل اعمال منذ أيام بالاعتداء على مصري جنسيًا بعد خطفه وإلقاءه على إحدى الطرق الصحراوية عقب ضربه، وبعد اعلان العاملين في الأردن عن تنظيم وقفة احتجاجية أمام السفارة المصرية بالعاصمة الأردنية "عمان" ضد ملاحقات الشرطة التي أسفرت عن مصرع عامل سقوطًا من أعلى "السقالات" وإصابة اثنين آخرين عقب ملاحقة الشرطة لهم.

وقال عمرو الغريب - أحد المصريين المقيمين بالأردن، إنه عقب قرار علي الغزاوي - وزير العمل الأردني، بتقليص العمالة في الأردن وتسريح بعض العاملين في بعض المهن الخاصة بالأردنيين، وأصبحت الشرطة تلاحق المصريين دون غيرهم من الجنسيات، مما يؤدي لتعرضهم للسقوط والموت أحيانًا سواء من أعلى "سقالات البناء" كما حدث منذ أيام أو أثناء محاولة الهروب.

- زيادة رسوم استخراج التصاريح
وأوضح "الغريب" – في تصريحات خاصة لـ"الفجر" - أن وزير العمل بادر برفع أسعار استخراج وثائق العمل كالتصاريح، مع وقف تجديد تصاريح العمل للمصريين دون غيرهم، كأنه يقوم بتصفية حسابات مع العمال المصريين، موضحًا أنه يتم تغريم العامل المصري 500 دينار أردني، حال عدم تجديد تصريح العمل، رغم وضع عراقيل أمامهم.

وأشار أحد المصريين المقيمين في الأردن، إلى أن السفارة المصرية لا تسأل عنهم حال تعرضهم لمشاكل سواء مع الكفيل أو مع موظفي استخراج الأوراق الرسمية.

وأضاف عبد الغفار أحمد - أحد أبناء محافظة كفر الشيخ العاملين بالأردن، أنه عقب قرار وزير العمل الأردني، بملاحقة المصرين، الحاصلين والغير حاصلين على تصاريح عمل لتسفيرهم وتوفير فرص عمل للأردنيين، وشنت الشرطة بمساندة أجهزة الأمن العام الأردنية، عدد من الحملات التفتيشية على مواقع العمل الأردنية وخاصة المعمارية منها، والتي يعمل بها المئات من أبناء الشعب المصري.

- تصفية حسابات وغرامات
وأوضح "عبد الغفار" أن الشرطة تلقي القبض على كل من هو مصري وتترك غير المصرين حتى ولو كانوا غير حاملين لتصاريح العمل، مشيرًا إلى أن الشرطة الأردنية تٌصفي حسابات مع المصريين دون ذنب، مؤكدًا على أنه أثناء قيام الشرطة بحملة تفتيشية في إحدى ضواحي عمان، حاول ثلاث شباب الهرب خوفًا من القبض عليهم ودفعهم لغرامات مالية كبيرة مما ادى لسقوطهم من أعلى "سقالات البناء" ووفاة أحدهم وإصابة اثنين آخرين بكسور وجروح متفرقة.

وتابع ضياء السيد - أحد المصريين العاملين بالأردن، أن الشرطة الأردنية تفرض 500 دينار أردني، حال عدم تجديد تصاريح العمل، مشيرًا إلى زيادة رسوم استخراج الأوراق، موضحًا أنهم ذهبوا للسفير خالد ثروت - سفير مصر في الأردن، على مدار الأيام الماضية، للتقدم بشكوى ضد أفراد الشرطة الأردنية، إلا أنهم فشلوا في مقابلته.

وشرح عبدالعزيز محمد بسيوني - أحد العاملين بدولة الأردن، أن سكنه هو وزملاءه تعرض لحملة تفتيشية ليلية أول أمس، رغم وجود تصاريح عمل معهم ستنتهي في شهري يناير ومايو المقبلين، إلا أن الشرطة الأردنية استهدفت سكنهم دون وجه حق، وعندما قدم تصاريح العمل وكافة الوثائق الرسمية أصرت الشرطة على أخذه مما أدى لمحاولة هروب صديقه "عبدالعال" وتسبب في كسر زراعه الأيسر.

- ملاحقات أمنية وحملات تفتيشية
وأضاف "بسيوني" أن الشرطة تلاحق المخالفين والمنضبطين، وتفرض عليهم غرامات بدعوى أنهم يعملون في مهن غير مهنهم أو غيرها من الحجج، مشيرًا إلى أن الشرطة بدأت في تنفيذ حملات أمنية مكثفة، تستهدف المصريين دون غيرهم وبدون مبررات في بعض الأحيان - على حد قوله.

وأكد رجائي جمال - أحد العاملين في الأردن، على ضبط المصريين ويقومون بدفع كفالة تتخطى 2000 دينار أردني، موضحًا أن عددًا من المصريين يحاولون نقل العامل الذي تعرض للاعتداء من قبل أشقاء رجل الأعمال، من مستشفى البشير الأردنية الحكومية لكن باءت المحاولات بالفشل، بسبب تهديد رجل الأعمال للمصريين، مضيفًا أن السفارة المصرية لكم تتحرك تجاه إنقاذ هذا العامل.

وقال محمود يوسف - أحد المصريين المقيمين بالأردن، إن أصحاب الأعمال في الأردن يظنون أن العامل المصري بدون كرامة، نظرًا لعدم اهتمام السفارة بهم، ويقومون بتشغيلهم في مهن ليست هي التي سافروا من أجلها، ثم يحاولون التعدي على حقوقهم في بعض الأوقات، وعندما يريدون تغيير "الكفيل" لم يستطيعوا، وإذا هربوا للعمل في أماكن أخرى يقومون بالإبلاغ عنهم.

- نصب الكفيل وسجن المصريين
وأوضحت نورا أحمد – إحدى العاملات في الأردن، أن المصريين يعيشون في "ذل وإهانة" قائلة: "إن العامل المصري يذهب للأردن بعقد عمل، وعندما يصل إلى ميناء العقبة يدفع 250 دولار، وفي حالة تسوية التصريح خلال 45 يوم، يسترجع المبلغ.

وتابعت "أحمد" أنه يدفع أكثر من 16 ألف جنيه مصري، قيمة العقد وعندما يصل يرفض صاحب العقد عمل تصريح له، ويضطر لعمل تصريح على مكان آخر، ما يتسبب في ملاحقة الشرطة له ويتعرض للضرب والإهانة، والتي قد تصل لحد سب الشعب المصري وقيادات الدولة، من قبل الشرطة الأردنية.

- قصة سجن مواطن أسيوطي
وشرح أحد العاملين في الأردن على مجموعة "الجالية المصرية بالأردن" على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، أن علاء محمد أحمد عارف سعيد - أحد أبناء محافظة أسيوط، وسافر والده ليبيا وانقطعت اخباره واضطر علاء للسفر الأردن في 2008م، وعمل فى تحميل الحجر والرخام وفي شهر يناير الماضي، واتصل به أحد الأشخاص، وقاله له: "أنا عايز أحمل سيارة نقل ثقيل حجر من محافظة معان متجهة لدولة السعودية.. وكان رد (علاء) بالرفض لأن تصريح عمله بمنطقة عمان، وذهب للرجل قال له خلاص هبعتلك الحجر في سنجلين على عمان، وأنت رتبهم على طبالي خشب وجمعه وارفعه على سيارة نقل من عندك، وأنا سأرسل لك نصيبك في الأموال مع الحجر.. فوافق علاء".

واستكمل القصة قائلًا: "اتفق معه وجاءت السناجل محملة بالحجر، وبدأ علاء بمعاونة ابن عمه (مجدي عمر أحمد) بترتيب الحجر بماكينة خاصة به، واتصل بمكتب التخليص لصاحبه (محمد موسى شاهر غيث) ليجمع له سيارة، واتصل (غيث) بـ (محمد نصار - صاحب مكتب نقل) وأرسل لهم سيارة وحملوها بالحجر، واتجهت إلى حدود المدورة الأردنية وتبوك بالسعودية، وبفحصهم على الطريق على الحدود السعودية، اكتشفت الجمارك أن الأحجار بها أكثر من مليون حبة من المخدرات، مع العلم أن متوسط سعرهم 750 ألف دينار أردني، أي ما يعادل 11 مليون و250 ألف جنيه مصري".

واختتم رسالته قائلًا: " تم الإبلاغ عن السيارة وبتسلسل الأسماء "السائق - مكتب النقل - مكتب التخليص علاء" وهنا وقف التسلسل لأن كل الذي يربط علاء بالتاجر رقم الهاتف، مع العلم أنه لم يتم القبض على (علاء) بل هو الذي سلم نفسه، وهو الآن متواجد في سجن الجويدة، والسفارة "لا حياة لمن تنادي" وهو بالسجن منذ 7 أشهر، ولا تعلم السفارة عنه شيئًا، رغم مناشدة المصريين للسفير المصري بالأردن.

هذه بعض قصص وحكايات المصريين المقيمين في الأردن، الذين اتفقوا على تنظيم وقفة احتجاجية، أمام السفارة المصرية بالأردن، غدًا الأحد، اعتراضًا على ما أسموه بالملاحقات الأمنية من قبل الشرطة الأردنية.

وقال عدد من المصرين العاملين بالأردن، إنهم يتعرضون لملاحقات أمنية غير مبررة - على حد قولهم - موضحين أنهم قرروا تنظيم الوقفة الاحتجاجية أمام السفارة المصرية، عقب تزايد الاعتداءات على المصريين وتعذيبهم حتى الموت.

وأكدوا على عرضهم شهادات للمصريين المقيمين بالأردن، وحق الرد مكفول للسفير خالد ثروت - سفير مصر بالأردن وللجهات الحكومية في عمان.