25 عاما على رحيل "يوسف إدريس" أمير القصة القصيرة

الفجر الفني

بوابة الفجر


يُعد الروائى والكاتب القصصى والمسرحى يوسف إدريس، من أبرز كُتاب القصة القصيرة فى العالم العربى، حيث قدم للأدب العربى أكثر من عشرين مجموعة قصصية، وخمس روايات، وعشر مسرحيات، وتُرجمت أعماله إلى العديد من اللغات العالمية، وركّزعلى نمطين من أنماط الشخصية القصصية، وهما شخصية "المرأة"، والنمط الثانى هو الشخصية الرجولية من الشريحة المظلومة فى المجتمع.


زاول يوسف إدريس، مهنة الطب النفسى، وعمل كطبيب بالقصر العيني منذ عام  1951، وحتى عام 1960، لكنه تخلى عنها وتم تعيينه كمحرر صحفى فى جريدة الجمهورية، ومن كتاباته قصص: "قاع المدينة"، "المستحيل" و"قبر السلطان"، ثم كاتب بجريدة الأهرام، حتى عام 1983، وكتب إدريس، قصته القصيرة الأولى، أثناء دراسته، والتى لاقت نجاحا وانتشارا واسعا بين زملائه.


بدأ إدريس، نشر قصصه القصيرة منذ عام 1950، وأصدر مجموعته القصصية الأولى "أرخص ليالي" عام 1954، والثانية "جمهورية فرحات" عام 1956، وقال الأديب طه حسين عنه: "أجد فيه من المتعة والقوة ودقة الحس ورقة الذوق وصدق الملاحظة وبراعة الأداء مثل ما وجدت في كتابه الأول "أرخص ليالي" على تعمق للحياة وفقه لدقائقها وتسجيل صارم لما يحدث فيها..".


وامتد تأثير كتابات يوسف إدريس، خارج حدود العالم العربى، ليصل إلى العالمية بروايته "الحرام" التى رصدت واقع الريف المصرى بكل تفاصيله، وتحولت إلى فيلم سينمائى بنفس الاسم، وتم عرضه فى مهرجان "كان" الدولى، عام 



1965، وهو من بطولة فاتن حمامة وعبدالله غيث، وإخراج هنرى بركات.

 وحينما عُرض الفيلم بالولايات المتحدة الأمريكية، وجد إدريس، ثلاث سيدات يبكين بشكل هستيري بعد انتهاء الفيلم، ما دفعه إلى أن يسأل واحدة منهن عن سر التأثر الشديد ببطلة الفيلم "عزيزة" فأجابته قائلة: "انت بتكتب عن الإنسان بعيدًا عن ظروف الزمان والمكان، وأنا اتأثرت بعزيزة أكثر من تأثري بجارتي التي تقاربني في الزمان والمكان.. لأني شوفت عزيزة من جوه".


هيأت كتابات الأديب يوسف إدريس، بشكل ما للإطاحة بالنظام الملكى وقيام ثورة 23 يوليو، عام 1952، وذلك عقب حدوث نكبة فلسطين، وفضيحة الأسلحة الفاسدة، مما تسبب له في أزمة نفسية كبيرة ظهرت كمقالات نارية له ولغيره من الصحفيين، وكان لـ "إدريس" مشاركات عديدة فى المظاهرات الطلابية المناهضة للاحتلال الانجليزى والملك فاروق، خلال سنوات دراسته بالجامعة.


عانى يوسف إدريس، برغم رصيده الأدبى الكبير، من الحرمان من التقدير المعنوى من الدولة، ولعل ذلك يعود إلى منهجه السياسي والأدبي الخاص، حيث كان دائم المعارضة لنظام الرئيس الراحل محمد أنور السادات، وخاض .معارك أدبية كثيرة حول الأدب الواقعي.


ويقول الكاتب السويدي شل أسبمارك، رئيس لجنة  جائزة "نوبل" للأدب بين عامي 1998 و2004، وأحد الأعضاء المسئولين عن الاختيار النهائي للفائز بالجائزة، خلال حوار حديث له مع راديو "فرنسا 24"، إن سياسيا سويديا كان في زيارة إلى مصر، واقترح على  يوسف إدريس، أن يقتسم "نوبل" مع كاتب إسرائيلي، ولكنه غضب كثيرا، وراح يصرخ أمام الجميع معلنًا رفضه.


ولعل تقديرا من نوع آخر كان فى انتظار الأديب الكبير، بعد وفاته عام 1991، وهو قرار إدخال كتاب "المفارقة في قصص يوسف إدريس القصيرة" للشاعرة والباحثة نجاة على، ضمن المقررات التي يدرسها طلاب الجامعة الأمريكية بالقاهرة، وصدر الكتاب عام 2009 عن المجلس الأعلى للثقافة، و يعد أول دراسة ترصد المفارقة في قصص يوسف إدريس القصيرة.