ننشر أسباب براءة "نظيف" من "الكسب غير المشروع" أمام "النقض"

أخبار مصر

أحمد نظيف
أحمد نظيف


أودعت محكمة النقض، حيثيات حكمها والقاضي ببراءة الدكتور أحمد نظيف - رئيس مجلس الوزراء الأسبق - في قضية اتهامه بتحقيق كسب غير مشروع، وانقضاء الدعوى الجنائية لزوجته المتوفية، وعدم جواز نظر الدعوى عن تهمتين واردتين بأمر الإحالة.

وقالت المحكمة في أسباب حكمها، إنه بالنسبة لما نسب للمتهم من تهمة استغلاله لسلطات وظيفته، بحصوله لزوجته المتوفاة على شقة ببرج مشروع سان استيفانو، الذي تساهم فيه الدولة بنصيب بثمن يقل عن الثمن المعلن عنه، وبتسهيلات للدفع غير متوفرة للكافة، فإن البين من الاطلاع على تحقيقات النيابة أنها انتهت إلى التقرير في الأوراق، بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية قبل منى السيد عبدالفتاح، للسداد ولوفاتها.

وتابعت الحيثيات، أن هذا الأمر لا زال قائما، لم يلغ ممن يملك إلغاءه ومن ثم يتعين القضاء بانقضاء الدعوى الجنائية بالتصالح.

وعن الاتهامين الواردين بأمر الإحالة، وهما استغلال المتهم وظيفتة في الحصول على قطعة أرض بالشيخ زايد، بثمن بخس وبالمخالفة لإجراءات التخصيص والحصول لنفسه ونجله على قطعتي أرض لبناء مقابر بالمخالفة لإجراءات التخصيص، قالت المحكمة إنه يبين من الاطلاع على تحقيقات النيابة المرفق صورتها الرسمية بالأوراق، أنها صورة منسوخة من قضية أخرى بمناسبة التحقيقات في القضية رقم 19 لسنة 2011 كسب غير مشروع موضوع الدعوى المطروحة، وانتهت تحقيقات النيابة في هاتين الواقعتين حسبما جاء بمذكرتها إلى استبعاد شبهة جناية التربح للنفس وللغير والتعدي على أرض مملوكة للدولة والتسهيل للغير والتعدي المرتبط بجريمة التزوير، وقيد الأوراق بدفتر الشكاوى الإدارية، تأسيسًا على أنه ثبت من التحقيقات أن حصول نظيف على  هذه الأراضي، كان بحق ودون أي عدوان على المال العام، ولما كانت ما انتهت النيابة هو في حقيقته أمر بألا وجه لإقامة الدعوي الجنائية لعدم الجناية وكانت الوقائع محل القضية سالفة الذكر هي بعينها ذات الوقائع الواردة بأمر الإحالة  وكان من الثابت من الأوراق أن الأمر لا زال قائمًا لم يلغ فإنه ما كان ينبغي للمحكمة أن تعاقب المتهم عن الواقعتين سالفتي الذكر تحت وصف جديد، ومن ثم فإن المحكمة تقضي بالنسبة للتهمتين سالفتي الذكر، بعدم  جواز نظر الدعوى لسابقة صدور أمر بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية عنهما في القضية سالفة الذكر.

وعن الاتهامات الواردة بشأن استغلال المتهم سلطات وظيفتة في الحصول لنفسه وأسرته على هدايا من المؤسسات الصحفية القومية وتبرعات لمؤسسة تنمية الطفل والمجتمع بالقرية الذكية التي أدارتها زوجتة المتوفاة وولديه، وكذا الحصول لزوجتة الحالية على كسب غير مشروع بتمكينها من تولي وظيفة مهمة حصلت من خلالها على ذلك الكسب، فإن المحكمة تمهد لقضائها في هذه الاتهامات، بما هو مقرر قانونا من أن أصل البراءة، يعتبر قاعدة أساسية في النظام الاتهامي، والأحكام في المواد الجنائية يجب أن تبنى على الجزم واليقين من الواقع الذي يثبته الدليل المعتبر ولا يؤسس على الظن والاحتمال من الفروض والاعتبارات المجردة.

وحيث أن المحكمة بعد أن استعرضت الأدلة التي ركنت إليها سلطة الاتهام في خصوصية هذه الاتهامات، شهادة الشهود من الأول إلى التاسع تبين أن هذه الأدلة، لا تصلح أن تكون سندًا لإدانة المتهم، حيث أن شهادة الشهود خلت من بيان تفاصيل الوقائع والأفعال التي قارفها المتهم والمثبتة لارتكابه تلك الجرائم بعناصرها القانونية، فلم يتضح للمحكمة من أقوال أي من الشهود وجه استغلال المتهم نفوذه وسلطان وظيفته ونوعيتها ووقائع المصالح التي أداها أو سهلها  للمؤسسات الصحفية القومية أو للقائمين على أمور إدارتها  وكذا وجه استغلاله لنفوذ وسلطان وظيفتة وكيفيته ونوعه في الحصول على تبرعات من جهات حكومية وغير حكومية لمؤسسة تنمية الطفل والمجتمع التي تديرها زوجته المتوفاة وولديه، كما خلت أيضا من بيان الأفعال التي آتاها المتهم ولمن أداها وتفصح عن تدخله لدى المسؤولين بغرض تمكين زوجتة الحالية من تولي الوظائف المهمة التي تتيح لها الحصول على المكافآت بالمخالفة للقانون، ابتغاءً لنيل الهدايا والتبرعات والمكافآت وصلة ذلك كله بالوظائف التي تولاها  والقواعد والنظم المعمول بها، التي أهدرها واجترأ على مخالفتها وكيف خالف القانون لا سيما وأن سلطات وظيفته لا تخوله الرقابة أو الإشراف الفعلي المباشر على المؤسسات الصحفية القومية، كما أنها لا تمنحه حق طلب التبرعات أو فرضها أو حق التعيين منفردًا بالوظائف العامة والمهمة، ومن ثم فإن ما توكأت عليه سلطة الاتهام سواء من أقوال الشهود أو التحريات التي تضمنتها أقوال الشاهدين الأول والثاني في مقام التدليل على مقارفة المتهم للجرائم المسندة إليه لا تقوم به جريمة الكسب غير المشروع في حق المتهم لوهن الأدلة وبورها من دليل معتبر يكشف عن استغلال المتهم بالفعل لأعمال أو نفوذ أو ظروف وظيفته أو مركزه وحصوله لنفسه أول أسرته على مال مؤثم نتيجة لهذا الاستغلال وابتنائها على الظن والاحتمال والاستنتاج والفروض المجردة، واتخاذها من كون المتهم قد تقلد العديد من المناصب آخرها، أنه كان رئيسًا لمجلس الوزراء دليلًا تحكميًا على أنه كسب من وراء ذلك كسبًا غير مشروعًا، وهو الأمر الذي انساقت إليه سلطة الاتهام، ما حجبها عن مواجهة عناصر الدعوى الخاصة بمقارفة المتهم أو عدم مقارفتة للجريمة بمظاهرها الواقعية وخصائصها المادية والتي هي مناط التأثيم وعلته، ومن ثم فإن المحكمة تطرح هذه الاتهامات لخلو الأوراق، مما يثبت على سبيل الجزم واليقين أن المتهم قارفها وتقضي ببراءته.

وعن الاتهام بأن طرأت على ثروته زيادة لا تتناسب مع موارده، فالبين من من مطالعة أوراق الدعوى، أنها خلت من دليل يقيني تطمئن إليه المحكمة، يؤكد أن المتهم استغل وظيفتة وما طوعتها له من سلطات في الحصول على كسب غير المشروع، أدى إلى زيادة ثروته كما أن المحكمة لا تطمئن لما جاء بتحريات الرقابة الإدارية، ومباحث الأموال العامة، ولا إلى ما جاء على لسان مجريها الشاهدين الأول والثاني لعدم قيام دليل تستند إليه وتناقضهما مع بعضهما البعض في شأن بيان مفردات ومصدر ثروة المتهم وأسرته وتناقضها مع ما جاء بتقارير الخبراء في خصوص وكيفية تقدير الثروة وورودها وأقوال مجريها في عبارات عامة مجملة ومجهلة لا تستند إلى أساس صحيح من القانون، ولا يبين منها وقائع معينة ومحددة كسب منها المتهم كسبًا غير مشروعًا باقترافه سلوكا مخالفًا لنص عقابي أو للأداب العامة أدى إلى زيادة في ثروتة وابتنائها في مجملها على الظن والاستنتاج والافتراض وعلى مجرد الاتهام في قضايا عديدة لم يثبت من الأوراق صدور أحكام فيها بالإدانة نهائية وباتة وهي من بعد لا تعدو أن تكون رأيًا لصاحبيها يخضع لاحتمالات الصحة والبطلان والصدق والكذب ولا تصلح دليلًا كما أن المحكمة لاتطمئن إلى أقوال خبراء الكسب غير المشروع، وما تضمنته تقاريرهم لكونها ناقضت بعضها البعض، في شأن إجمالي مبلغ المصروفات غير معلومة المصدر الذي يمثل قيمة الزيادة التي طرأت على ثروة المتهم وعدم اتساقها في هذا الشأن مع ما جاء بقرار الاتهام، ووقائع ومستندات الدعوى الأمر الذي تتشكك معه المحكمة في صحة إسناد ذلك الاتهام للمتهم، وترى أن ما ارتكنت إليه سلطة الاتهام لا يعدو مجرد قرائن أسمتها أدلة لا تطمئن إليها المحكمة، وترى أنها لا تبلغ حد الكفاية لإثبات أن زيادة غير مبررة، قد حدثت في  مال المتهم وأن وظيفتة قد أتاحت له فرص استغلالها الأمر الذي لا يصح معه افتراض أن ما عجز عن إثبات مصدره من تلك الزيادة، يمثل كسبًا غير مشروعًا.

وتابعت المحكمة أنها مادامت قد انتهت إلى براءته، فإنه يتعين إلغاء الأمر بالرد في مواجهة باقي الخصوم المدخلين.

وباشرت محكمة النقض، محاكمة "نظيف" من الناحية الموضوعية (موضوع الاتهام) في ضوء الطعن المقدم منه، حيث سبق وأن قضت بإلغاء الحكم الجنائي الصادر بمعاقبته بالسجن لمدة 5 سنوات وتغريمه 53 مليونًا و353 ألفًا و133 جنيهًا، وإلزامه برد مبلغ 48 مليونًا و613 ألفًا و347 جنيهًا في قضية اتهامه بتحقيق كسب غير مشروع، وقررت إعادة محاكمته.

أما بخصوص الدعوى المدنية، قالت المحكمة إنه سبق أن قضى الحكم المنقوص (الجنايات ) الصادر في 13 سبتمبر 2013، بعدم قبولها ولم يطعن المدعيان بالحقوق المدنية، في هذا الحكم، ومن ثم تضحى الدعوى المدنية غير مطروحة أمام المحكمة ولهذ قضت المحكمة ببراءة المتهم من سائر التهم المنسوبة إلىيه في أمر الإحالة.