"الخطبة المكتوبة" بين سيطرة الدولة والتخلص من الفكر المتطرف

تقارير وحوارات

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية


منذ أن تقلّد وزير الأوقاف محمد مختار جمعة وزارة الأوقاف اتخذ العديد من الاجراءت التي أدت إلى جدل واسع، خاصة مع بروز ظاهرة الإرهاب التي أصبحت تتعاظم كثيرا في تلك الآونة وهذه الأيام، ومع تعاظم الفكر الإرهابي نتيجة اعتلاء المساجد من قبل الكثير من غير المختصين، فكان لزاما على مؤسسات الدولة أن تتخذ العديد من الإجراءات المواجهة للفكر المتطرف، من ثم اتخذت وزارة الأوقاف عددا من القرارات في ذلك يأتي أحدثها:-

الخطبة المكتوبة

كان هذا آخر قرارات الوزير محمد مختار جمعة الذي أعلن عن أهمية توحيد الخطبة كتابة، بحيث لا يخرج الأئمة عن سياق المكتوب فيها، مؤكدا على أن الأوقاف هي المسئولة عن إقامة الجمعة والشعائر في جميع مساجد مصر، وبما أنها ماضية في ضم جميع مساجد مصر إليها فإن الأولوية في الضم ستكون لأي مسجد لا يلتزم بالخطة الدعوية التي تحددها والمنهج الذي تلتزمه من الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة دون أي توظيف سياسي حزبي أو مذهبي أو طائفي للمنبر أو للمسجد .

توحيد الخطبة

ولم يكن قرار توحيد الخطبة هو الأول من نوعه في محاربة الفكر المتطرف والعمل على ضبط الخطاب الديني، حيث قرر الوزير أيضا قبل ذلك  توحيد الخطبة دون كتابتها، مما أثار أيضا حفيظة الكثير من الدعاة حينها، وأكدوا على أن هذه الخطوات ليست من محاربة التطرف في شئ.
 
وفي سياق ما سبق أكد عدد من العلماء على أن هذه القرارات بداية من توحيد الخطبة دون كتابتها، ليست هي الأساس في معالجة الفكر المتطرف، وإنما لابد من إيجاد الكثير من الطرق والوسائل الأخرى، التي لديها فاعلية في ضبط الخطاب الديني ومحاربة الفكر الإرهابي، موضحين أن هذه الإجراءات ليست العلاج الناجع.  
الدولة تريد هذا القرار  

والبداية مع الدكتور محمد عبد العاطي رئيس قسم الدراسات الإسلامية، بكلية التربية بجامعة الأزهر، الذي أكد على أن هذا القرار يأتي لإرادة الدولة في هذا التوقيت، لافتا إلى أن هذا إقرار الوزير، بالخطبة المكتوبة في المساجد يوم الجمعة، ليست الطريق الأساسي في محاربة الفكر المتطرف.

وأضاف في تصريحات خاصة لـ"الفجر"، أن محاربة التطرف والإرهاب، وضبط الخطاب الديني يحتاجون إلى وسائل أخرى، ليست على الإطلاق تأتي هكذا بعشوائية أو مجرد قرارات فقط، وإنما الأمر يحتاج إلى صياغة فكر جديد بحيث ويقدم إلى الفئة الأخطر وهي الشباب الذي تستقطبه الجماعات الإرهابية.    

الخطبة المكتوبة لا تسمن ولا تغني من جوع

من جانبه قال الدكتور محمد عامر أستاذ الشريعة والقانون بجامعة الأزهر، الذي أكد أن اقتراح توحيد الخطبة المكتوبة لا تخدم على الإطلاق المجتمع أو الدين محذرا من ضررها الشديد على فكر الدعاة والخطباء.
وأضاف في تصريحات خاصة لـ"الفجر"، أن بداية قرار الوزير من الأساس بتوحيد الخطبة أمرا لا يصح على الإطلاق، حيث أن توحيد الخطبة ومكتوبة بالأخص، يتناقض تماما مع القضايا التي تختلف المناطق والثقافات باختلافها، قائلا أن هناك أفكار وثقافات مختلفة لا يصلح معها قرار الخطبة الموحدة المكتوبة.

وشدد على أن معالجة الخطاب الديني لا يكون بهذه الوسائل، بل إن الأمر يحتاج إلى اهتمام شديد من قبل جميع مؤسسات الدولة وليست الأوقاف فحسب، والعمل على استقطاب الشباب بالفكر الهادئ المستنير، ولن يكون هذا إلا بتوجه كافة المؤسسات.

الفكر المتطرف أكبر من الخطبة المكتوبة

كما أكد الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الشريعة بجامعة الأزهر، أن الخطبة الموحدة ليس لها علاقة بالخطاب الديني ومحاربة الإرهاب والتطرف كما يزعم الكثيرون، مؤكدا أن هذه الخطوات ليست فاعلة أبدا في وجه الإرهاب وتفشي الفكر المتطرف ، موضحا أن الأمر يتطلب أولا بدل من توحيد الخطبة مكتوبة، العمل على تأهيل الدعاة ليكونوا قادرين على مواجهة الفكر المتطرف بعلمهم هم، وليس بمجرد ورقة صماء.


وأضاف في تصريحات خاصة لـ "الفجر" ، أن توحيد  خطبة الجمعة مكتوبة ليس أمرا أساسيا في محاربة الفكر المتطرف، فالجميع لابد أن يهتم بالوسائل الوسطية التي تضمن إيجاد خطاب مجتمعي كامل لا يحث أو يحض على الإرهاب، قائلا أن الإعلام مثلا هناك الكثير من البرامج الغير منضبطة تدفع إلى الفكر الإرهابي ومنها ما رأيناه في رمضان على شاشات الفضائيات.

وشدد على أن محاربة الفكر المتطرف يستوجب مؤسسة تضم أفضل علماء، بحيث يكون هناك مجلسا للعلماء يضع خطط واستراتيجيات للتصدي، وليس العمل بعشوائية كما يحدث، وكما يرى الجميع باتخاذ قرارات منفردة.