بعد تقرير "تشيلكوت".. إعدام "صدام حسين" في ميزان القانون الدولي.. وخبراء: عملية عراقية بـ"تسليم أمريكاني"

تقارير وحوارات

الرئيس العراقي السابق
الرئيس العراقي السابق صدام حسين


انتظر الملايين من الشعب العراقي بشكل خاص، والعالم العربي بشكل عام، نتيجة تقرير لجنة المخابرات البريطانية بشأن امتلاك الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين أسلحة دمار شامل، والذي أفاد بأن المعلومات كانت خاطئة، ولكن جاء ذلك عقب تنفيذ إعدامه بسنوات فلا يمكن لأي قانون أن يعيد القتلى بحسب رأي خبراء القانون، مؤكدين أن غزو العراق كان غير قانونيًا، وعلى الشعب العراقي رفع دعوة لمحاكمة من تسبب في دماره ووصول بلاده لهذا الحال الذي بات عليه الآن.

ورصدت "الفجر"، رحلة سجن صدام حسين، وصولاُ بإعدامه، إضافة لرأي القانون الدولي حول هذه القضية الشائكة في السطور التالية.

بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر على نيويورك وواشنطن اتهمت الولايات المتحدة العراق بالاشتراك في تنفيذ تلك الهجمات واستمرار حيازته لأسلحة دمار شامل، وبدأ الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش مرحلة تهيئة الرأي العام الأميركي والغربي لشن الحرب على العراق، وفي 20 مارس عام 2003 تحركت القوات الأمريكية البريطانية في سعيها نحو ما تم تسميته بحرية العراق 9 إبريل عام 2003.

 ما بعد سقوط بغداد
بعد سقوط نظام صدام حسين على يد القوات الأمريكية ظلت أخبار صدام مجهولة في الأسابيع الأولى بعد سقوط النظام وانتهاء العمليات الرئيسية للحرب، وتم التبليغ عن عدة مشاهدات لصدام بعد الحرب ولكن أيا منها لم يكن مثبتاً، وظهرت سلسلة من التسجيلات الصوتية المنسوبة له تم نشرها في أوقات مختلفة ولكن مصداقية هذه التسجيلات لا تزال محط تساؤل، تم وضعه على قمة لائحة المطلوبين وتم اعتقال العديد من أفراد نظامه السابق ولكن الجهود الحثيثة للعثور عليه بائت بالفشل آنذاك.

القبض على صدام عقب هروبه
و قام الحاكم المدني في العراق بول بريمر، آنذاك بالإعلان رسمياً عن القبض على "صدام" وتم القبض عليه بحسب ما ذكرت السلطات الأمريكية في 6 ديسمبر عام 2003 في مزرعة قرب تكريت بالعملية المسماة بـ"الفجر الأحمر" بعد أن أبلغ عنه أحد أقربائه حيث كان مختبئاً في إحدى المناطق النائية.

 ونفى الطبيب الخاص أن يكون لصدام حسين أي شبيه لسبب مهم هو أن صدام لا يثق بأحد وبالتالي لا يثق حتى بأن يكون له شبيه.

محاكمة صدام حسين
حوكم صدام وبعض أعوانه بتهمة الإبادة الجماعية في قضية الدجيل، وتم حينها تغيير القضاة ثلاث مرات ولم يعترف صدام بداية بالمحكمة وطعن في شرعيتها، وقال إن النتائج معلومة والمراد جلي ولكن لاحقاً بدأ بالدفاع عن نفسه والتعاون التام مع المحكمة.

الحكم على صدام شنقًا
وفي يوم الأحد الخامس من نوفمبر لعام 2006 حكم على صدام حسين حضورياً في قضية الدجيل بالإعدام شنقاً حتى الموت بتهمة ارتكابه جرائم ضد الإنسانية، فضلا عن محاكمته وعدد آخر من أعوانه في قضية أخرى هي تخطيط وتنفيذ حملة الانفال التي راح ضحيتها الآلاف من الأكراد (حلبجة).

وعقب الحكم تقدم محامو صدام بالاستئناف خلال الثلاثين يوما التي اعقبت صدور حكم الإعدام في الخامس من نوفمبر لعام 2006، وفق ما ينص عليه القانون العراقي، ولكن دون جدوى.

تنفيذ الإعدام
ونفذ حكم الإعدام فجر يوم السبت الموافق 30 ديسمبر 2006، في بغداد الموافق العاشر من ذي الحجة وهو اليوم الذي تزامن مع أول أيام عيد الأضحى، وتمت عملية الإعدام في مقر الشعبة الخامسة في منطقة الكاظمية.

النقل التلفزيوني
وعرضت قناة "بلادي" الفضائية العراقية مشاهد لجثة صدام حسين عقب تنفيذ حكم الإعدام به، ونقلت المشاهد جثة صدام مغطاة بكفن أبيض وممددة على سرير وظهر فيها الجانب الأيسر من وجهه، كما بث التلفزيون العراقي مشاهد من تنفيذ حكم الإعدام ومشهد وضع الأنشوطة حول رقبة صدام حسين.

دفنه
ودفن صدام بمسقط رأسه بالعوجة في محافظة صلاح الدين في مدينة تكريت، حيث قامت القوات الأمريكية بتسليم جثمانه لعشيرته من المحافظة، وأقام ذويه عليه مجالس العزاء بما فيهم ابنته رغد صدام حسين التي قامت بتأبينه في الأردن حيث تسكن.

وبعد ساعات من اتهام تقرير لجنة التحقيق البريطاني الرسمي حول حرب العراق لبلير في المبالغة في تقديره لفعاليته في التأثير على قرارات أمريكا في العراق، وعدم استشارة مجلس الوزراء في بعض القرارات وخوض الحرب بمعلومات استخباراتية خاطئة، وعدم استنفاد الدبلوماسية، قال توني بلير، رئيس الوزراء البريطاني السابق: "يدعي البعض أن إطاحتنا لصدام تسببت في الإرهاب في الشرق الأوسط اليوم، وأنه كان من الأفضل أن نتركه في الحكم، أنا أخالف ذلك بشدة"

الغزو كان غير قانونيًا.. والأمريكان سلموا "صدام" للعراقيين بذكاء
وعن موقف إعدام صدام واعتراف بلير وبوش المثير حول غزو العراق، قال برهام عطاالله، أستاذ القانون الدولي، إن الغزو على العراق كان غير قانونيًا، لأن أمريكا وبريطانيا اتخذا تلك الخطوة دون وجود قرارًا دوليًا، نظرًا لاعتراض فرنسا آنذاك وبناءً على ذلك لم يصدر قرار من مجلس الأمن بشن الحرب على العراق، بل دخلوها من أنفسهم بتحالف بعض الدول.

وأضاف "عطاالله"، في تصريحات خاصة لـ"الفجر"، أن من غير المنطقي أن تقوم دول بالغزو على دولة من أجل فرد في إشارة منه إلى (صدام حسين)،  من أجل أنه ديكتاتوري بحسب ما قلب شعبه آنذاك، فهذا شأن الشعب العراقي فقط، وليس آخرون، وبشروط على الشعب العراقي وإلا تكون هذه حالة من "الفوضى"_ بحسب وصفه، لافتًا إلى أن إعدام صدام كان عملية عراقية فقط، ومحاكمته كانت عراقية، موضحًا ذلك بأن الأمريكان خططوها بذكاء سلموا "صدام" للشعب عقب حرق (حلبجة)، فهم كانوا الأداة فقط.

وأوضح "عطاالله"، أن تقرير تشيلكوت، لم يثبت بوضوح أن توني بلير، رئيس الوزراء البريطاني السابق، مسئول مسئولية كاملة بأنه أخطأ في قرار الحرب، نظرا لوجود (ملائمة)سياسية تشير إلى أن الخطأ كان ليس بناءً على اتخاذ قرارًا فرديًا منه بل ناتج عن معلومات استخباراتية، ومن ثم المسئولية القانونية لـ"بلير" ليست فردية بل كل من كان له يد بصورة مباشرة أو غير مباشرة، مشيرًا إلى أنه من الصعب تحديد مسئوليته الفردية.

ماذا عن ضحايا الشعب العراقي؟
من جانبه قال أيمن سلامة، خبير القانون الدولي، إن تقرير تشيلكوت، أثبت أن لم تكن هناك مساندة قانونية لغزو العراق، وأن هذا التقرير بمثابة مسائلة قانونية ودعوة لاتهامه جنائيًا والمحاكمة الدولية، فضلا عن اعترافه الذي أدلى به بالخطأ، وهذا كافي لمقاضاته كمجرم حرب.

وأشار "سلامة"، في تصريحات خاصة لـ"الفجر"، إلى أن هناك 179 شخصا بريطانيا قاموا برفع دعوة قضائية ضد "بلير"، مطالبين خلالها بتعويضات عن من قتلوا من أبنائهم في العراق، مؤكدًا أن هذا ما يجب أن نقتضى به فيما يتعلق بالعراقيين، وكانوا ضحايا لهذا الخطأ الذي اعترف بها هو شخصيا، وإزاء ذلك لابد من رفع دعوى قضائية ضده.

ولفت "سلامة"، إلى أن  الاعتذار الذي قام به "بلير"، وجه للشعب البريطاني ولن يعترف بالضحايا العراقيين الذين وصل عددهم للآلاف، معتبرًا هذا جريمة في حق الإنسانية قبل القانون، متسائلا ما مسئولية الحكومة البريطانية بعد هذا التقرير، ولما لم توضح موقفها؟، وماذا بعد عن ضحايا الشعب العراقي؟.