"الصناديق الخاصة".. لعبة الكبار في كل نظام.. وخبراء: "باب خلفي لسرقة المال العام"

تقارير وحوارات

الصناديق الخاصة وسرقة
الصناديق الخاصة وسرقة المال العام - أرشيفية


خضير: الصناديق الخاصة مأساة وباب خلفي لسرقة المال العام
محي الدين: الجهات الأكثر نفوذَا في مصر هي الأكثر استفادة من الصناديق الخاصة
فهمي: لابد من إدراجها داخل الموازنة العامة.. وهي بديل للاقتراض من الخارج
 
تظل الصناديق الخاصة لغزًا يثير التساؤلات، على الساحة العامة بمصر مفادها، لماذا غابت هذه الصناديق من الموازنة العامة للدولة على مدار السنوات الماضية حتى الآن، والجهات الرقابية ووزارة المالية لا تعرف حجم أموالها، وجاءت بعض التأكيدات من المختصين بأن هذه الصناديق بمثابة "كارثة" وباب خلفي لإهدار المال العام، لعدم وجود تقديرات لحجم الإيرادات والمصروفات بها.
 
أسست الصناديق الخاصة بقرارات جمهورية وفقاً لاعتبارات معينة وبغرض تحقيق أهداف محددة، وتتبع الوزارات والهيئات العامة والمحافظات والمجالس المحلية وتحصل على مواردها من عامة الشعب، من حصيلة الدمغات والغرامة ومن رسوم اصلاح فى المبانى، ورسوم اللوحات المعدنية للسيارات، ورسوم استغلال المحاجر، ورسوم دخول المستشفيات، وغيرها الكثير.
 
وتعمل تلك الصناديق خارج الموازنة العامة للدولة، بل اتسع نطاقها إلى قانون الإدارة المحلية الذي أعطى الحق لرؤساء القرى أو المراكز أو المحافظات في إنشاء صناديق خاصة.
 
ورصدت "الفجر" آراء بعض الخبراء المختصين بهذا الشأن ونواب البرلمان حول هذه القضية الشائكة في السطور التالية.

 
تشديد الرقابة
من جانبه يقول الدكتور محسن خضير، الخبير الاقتصادي، إن الصناديق الخاصة باب خلفي لسرقة المال العام، والغرض من إنشائها البعد عن أعين الرقابة وعدم التدخل فيها، حيث تصل إلى (20 ترليون) جنيه مصري، يحول العجز المصري إلى فائض دائم ومستمر، لكن للأسف هذه الصناديق تكون لأغراض خاصة بعيدة عن الموازنة العامة للدولة ومراقبة الجهاز المركزي للمحاسبات
 
وأضاف "خضير"، في تصريح خاص لـ"الفجر"، أن الصناديق الخاصة بمصر "مأساة" ووسيلة بسيطة لنهب المال العام، موضحًا أنه يوجد صناديق خاصة في جهات كثيرة لا يعلم أحد عنها شيء غير أصحابها، رغم أن لها موارد ضخمة، لكن تستخدم بشكل شخصي، دون رقابة من أجهزة الدولة، ومن المفترض أن كل جنيه يدخل هذه الصناديق من حق الدولة الإشراف عليها ودخولها الموازنة العامة، فمن السهل جدًا معالجة العجز في الموازنة العامة للدولة من خلال هذه الصناديق.
 
وأشار "خضير"، إلى أن هذه الأموال تعتبر إهدار للمال العام لعدم وضع الصناديق في بنوك وطنية بل كانت توضع في حسابات سرية ببنوك تجارية بالمخالفة للقانون، مطالبًا بتشديد الرقابة عليها حتى تصرف أموالها في صالح الأهداف التي أنشئت من أجلها، بوضع قانون يجبر هذه الصناديق أن تكون تحت رقابة الجهاز المركزي للمحاسبات.
 
وأعلن الجهاز المركزي للمحاسبات في الحساب الختامي للموازنة العامة للدولة للعام المالي 2009/2010 أن إيرادات الصناديق الخاصة بلغت نحو 21 مليار جنيه ومصروفاتها 15 مليار جنيه وأرصدتها 12 مليار جنيه وهذا هو المعلن في حسابات البنك المركزي المصري، والذي نص القانون على ضرورة وضع أموال الصناديق الخاصة به ولا يجوز وضعها في البنوك التجارية وهو ما لا يحدث على أرض الواقع.
 

فائدة للعاملين بها وليست للدولة
من جانبه يرى الدكتور محمد محي الدين، أستاذ القانون، وبرلماني سابق، أن الصناديق الخاصة فائدة للعاملين في الجهات التي تديرها، لكنها ليست فائدة مباشرة للدولة، والهدف منها تحقيق مادي للعاملين فيها، مؤكدًا أن من السهل تكون هذه الصناديق بؤرة للفساد.
 

ولفت "محي الدين"، في تصريحات خاصة لـ"الفجر"، إلى أن منذ سنوات يحاول المسئولين السيطرة على هذه الصناديق وتوجيهها لصالح الدولة إلا أنهم يصطدموا بقوى تستحوذ على العائد المادي لصالحها، لاسيما وأوجه الصرف غير محددة، فتصرف بشكل شخصي، لذا بوضعها في الميزانية العامة سيكون موجه للدولة بشكل عام.
 

وأشار "محي الدين"، إلى أن مشكلة الصناديق الخاصة أن الجهات الأكثر نفوذَا في مصر هي الأكثر استفادة منها، فمثلا القضاء رّتبه عالية نظرًا لأن هذه الصناديق الخاصة التي تديرها الجهات القضائية تزيد من دخل القضاء والعاملين فيها، وبإلغاء هذه الصناديق ستضر هذه الجهات، ولهذا صعب إلغائها لا سيما ويوجد بها نفع آخر يقدم خدمات للطلاب في الجامعات وتدريب للخريجين وإرسال بعثات للخارج، وبعضها يساعد على رصف الطرق والكثير في هذا الشأن، مردفًا أن الحل بإدراجها داخل الموازنة العامة.

 
لابد من إدراجها داخل الموازنة العامة
وتؤكد بسنت فهمي، عضو مجلس النواب، أنه من الطبيعي أن تندرج الصناديق الخاصة داخل الموازنة العامة، لا سيما في ظل الظروف الاقتصادية التي تمر بها مصر، فمن المنطق أن نرجع إلى أموال الصناديق الخاصة، وليس للإقتراض من الخارج.
 
وتضيف "فهمي"، أن أموال تلك الصناديق توجد خارج إطار الموازنة العامة، مما يضعها في موضع شبهات، نظرا لأنها لا تخضع لأي جهات رقابية، لذا سنطالب بإدراجها داخل الموازنة العامة والكشف عنها لصالح البلاد بشكل عام، مشيرة إلى أن البلد حاليًا بحاجة لكل جنية يساعد على نموها:" من بابا أولى نرجع لفلوسنا.. مش نقترض ونتحمل ديون أكثر".
 
وأردفت "فهمي"، أن على مدار الأعوام السابقة لن يتم إدراج الصناديق الخاصة في بنود الموازنة العامة، ولن تعرض على مجلس النواب، رغم أهميتها خاصة في هذا التوقيت، لذا سنناقش هذا البند خلال الجلسات العامة للوصول لإجابة واضحة حيال هذا الأمر من جانب الحكومة.
 

7 صناديق خاصة تابعة لمكتب النائب العام
ورغم مرور أكثر من عقدين تقريبًا على ظهور الصناديق الخاصة، كان تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات المقدم إلى النائب العام، هو الوحيد الذي حدد حركة أموال تلك الصناديق، منذ عام 2011، ووفقًا للتقرير فإن أرصدة الصناديق التي أمكن للجهاز المركزي للمحاسبات مراجعتها بلغت 31.5 مليار جنيه في أول يوليو 2010، وهي تختلف كثيرًا عن أرصدة الصناديق نفسها، التي رصدتها كشوف البنك المركزي، الصادرة في 30 يونيو 2010 والبالغة 339 مليارًا و533 مليون جنيه.
 
ووفقًا لكشوف الحسابات الصادرة عن البنك المركزي، توجد 7 صناديق خاصة تابعة لمكتب النائب العام، اثنان منها يخصان "تطوير التعليم"، وتبلغ أرصدتهما 150 مليون جنيه، فيما بلغ رصيد صندوق تحسين الأراضي الزراعية التابع للمكتب أيضًا 50 مليون جنيه.