عودة الحبايب.. بعد فراق 6 سنوات أحضان أنقرة وتل أبيب تلتقيان (الأسباب الخفية)

تقارير وحوارات

الرئيس التركي أردوغان
الرئيس التركي أردوغان ورئيس وزراء إسرائيل نتنياهو


تركيا تتنازل عن فك الحصار على غزة.. وتعلن رسميًا تطبيعها السري مع إسرائيل
مراقبون: حالة العزلة الدولية أجبرت أردوغان على ذلك.. وخبراء: التطبيع قائم ويضر الدولة الفلسطينية



ساعات قليلة ويعلن تطبيع العلاقات الدبلوماسية التركية الإسرائيلية، تحديدًا الأحد القادم، بعد أزمة استمرت ستة أعوام بين الجانبين، على خلفية التوتر الذي شهدته البلدين، بعد مهاجمة وحدات اسرائيلية خاصة في 2010، لسفينة مساعدات "نافي مرمرة" التي استأجرتها تركيا في طريقها إلى غزة في أوج الحصار على القطاع، ما أدى الى مقتل عشرة ناشطين اتراك.

بعد الحادث وضعت أنقرة ثلاثة شروط لتطبيع العلاقات هي تقديم اعتذارات علنية عن الهجوم ودفع تعويضات مالية للضحايا ورفع الحصار الذي تفرضه "إسرائيل" على غزة، وتمت تلبية الطلبين الأولين جزئيا، فيما لم يتحقق الأمر الثالث.

وسيتم «الاكتفاء» بدلاً من رفع الحصار بمرور المساعدات «الإنسانية» التركية إلى القطاع عبر ميناء أسدود. وبالعودة إلى الخطاب التركي بهذا الشأن فإن تركيا «تخلّت» عن رفع الحصار وقبلت «بالمصالحة» مقابل التعويض ومقابل صيغة «ما» للاعتذار.

وبموجب شروط الاتفاق، ستسمح "اسرائيل" باستكمال بناء مشفى في قطاع غزة بالإضافة إلى بناء محطة طاقة جديدة ومحطة تحلية لمياه الشرب.

وأكدت مصادر مسؤولة أن "الرئيس التركي رجب طيب اردوغان أبلغ قيادة حركة "حماس" أنه فعل كل في وسعه لرفع الحصار، أو حتى تخفيفه، لكن السلطات الإسرائيلية تمسكت بموقفها الرافض، وأنه سيضطر للمضي قدما في تطبيع العلاقات مع "اسرائيل" انطلاقا من المصالح التركية في هذا الصدد".

وكان رئيس الوزراء التركي بن علي يلديريم صرح الأسبوع الماضي أنه لا يريد توترا دائما مع دول الجوار بعد الأزمات مع مصر و"اسرائيل" وروسيا وسوريا في السنوات القليلة الماضية.


مراقبون: حالة العزلة السياسية التي تعيشها أنقرة مع دول الجوار سبب التطبيع

عزا مراقبون تخلي تركيا عن أفضل شرط وقبولها بالشكليات والثانويات على حساب هذا الجوهري على الرغم من أهمية الشكليات، إلى حالة العزلة السياسية التي تعيشها أنقرة مع دول الجوار. فقد تدهورت علاقاتها مع سوريا والعراق ومصر واليونان وروسيا وغيرها، بل وحتى مع بعض البلدان الأوروبية، وتراجعت صورتها السياسية بشكلٍ ملفت وكبير بالتزامن مع التهور الذي بدت عليه السياسة التركية ارتباطاً بالملف السوري أولاً وبكافة ملفات الإقليم الأخرى ثانياً وتالياً، وبالترافق مع إقصاء التيار الذي كان يعارض الأردوغانية بشكلها الخاص وتحويلها إلى حالة من الزبائنية السياسية.

ولأن تركيا في حُلّتها الزبائنية باتت تحتاج إلى متنفّس سياسي ودبلوماسي للخروج من حالة العزلة والمختنق الذي تعيشه على المستوى الإقليمي بل والدولي، إلى حدٍ ما، فقد تمت التضحية بطموحات حركة «حماس»، خصوصاً وأن حركة «حماس» لا تمتلك رفاهية الرفض للصفقة الإسرائيلية التركية، سيّما وأن حركة «حماس» لا تملك أوراقاً جديّة للخروج من أزمتها الخاصة في ظل فشلها في التصالح مع مصر وتطبيع العلاقة مع الرياض.

محلل سياسي: تركيا في حاجة مُلحة لمصالحة إسرائيل
الكاتب والمحلل السياسي، حاتم أبو زايدة، يؤكد أنّ تركيا في حاجة ملحة لمصالحة مع إسرائيل في ظل الظروف الإقليمية التي تشهدها المنطقة، وحالة التوتر على الحدود، والأزمة السورية، وهو ما يشكل دافعاً أساسياً لاستعادة العلاقات مع إسرائيل.

ويقول أبو زايدة إنّ تركيا وإسرائيل لا تستطيعان إنهاء حصار غزة بشكل كامل في ظل تحكم مصر بحركة الأفراد من خلال معبر رفح، وطول الفترة الزمنية التي سيأخذها قرار إنشاء ميناء بحري يربط قطاع غزة بالعالم الخارجي والترتيبات اللازمة له.

ويلفت إلى أنّ خيارات وأوراق الضغط الخاصة بـ"حماس" على تركيا غير متوفرة للحركة، فهي غير قادرة على الضغط على الحكومة التركية من أجل التمسك بخيار إزالة الحصار، ومن الممكن أنّ تقبل بخيار تخفيف الحصار في ظل الواقع السياسي الحالي.
 
 ويشير إلى أنّ علاقات تركيا مع حركة “حماس” تعتبر جيدة من خلال احتضان الأخيرة وفتح مكاتب شبه رسمية لها، إلا أنها لا تعتبر علاقات استراتيجية حتى اللحظة، بالرغم من طبيعة العلاقات التي شهدت تقارباً ملحوظاً خلال السنوات الأخيرة.

المستشار الثقافي لسفارة فلسطين: التطبيع يضر الدولة الفلسطينية
في هذا الشأن يقول غازي فخري، المستشار الثقافي لسفارة فلسطين وعضو المجلس الوطني الفلسطيني، إن العلاقة التركية الصهيونية موجودة من قديم الأزل، مؤكدًا أن أنقرة حليف للعدو الصهيوني اقتصاديا وسياسيًا، وأن قصة التصعيد الذي لحق "مرمرة" مفتعلة بهدف تهدئة الشارع التركي لكن الحقيقة العلاقات لم تنقطع أبدًا.

وأشار فخرى إلى أن النظام التركي يتبع جماعة الإخوان المسلمين ويعادي الدولة المصرية ومن الطبيعي أن يكون متواصل مع حركة حماس بدعوى دعم المقاومة.

وعن أهمية التطبيع للأطراف المختلفة يضيف فخري في تصريح خاص لـ"الفجر" أنه يفيد الثلاث أطراق؛ لكنه في غير صالح الدولة الفلسطينية، بهدف فصل حماس عن الدولة الفلسطينية.

أستاذ إسرائيليات: التطبيع قائم بالفعل
وافقه في الرأي الدكتور أحمد حماد، أستاذ الدراسات الإسرائيلية عين شمس، الذي قال إن العلاقات السياسية "التركية الإسرائيلية" لم تتوقف بعد حتى يمكن الحديث عن إعادتها، مؤكدًا أنها قائمة على أساس المصالح السياسية المشتركة وهي اقتصادية في المقام الأول.

وأوضح حماد في تصريح خاص لـ"الفجر" أن التطبيع الذي من المقرر إعلانه رسميًا الأحد المقبل هو بمثابة "إعلان ما هو قائم بالفعل" أي خروج التعاون السري للعلن.

وعن تنازل أنقرة لشرط فك الحصار عن "غزة" قال أستاذ الدراسات الإسرائيلية، إن تركيا حاولت أن تلعب دور حاملة راية الإسلام في الآونة الأخيرة بغرض الهيمنة فقط، لكنها لا تبحث إلا على مصالحها في المقام الأول.

ووصف حماد التطبيع التركي الإسرائيلي بأنه نوع من تهدئة الصراعات والموائمات الدولية، لمحاولة السيطرة على "الشرق الأوسط" مع إيران وإسرائيل.