"الحبس الانفرادي".. عقوبة الموت المؤقت خلف القضبان

تقارير وحوارات

الحبس الانفرادي -
الحبس الانفرادي - أرشيفية


الأمم المتحدة: تعذيب يجرمه القانون
 أهالي المحبوسين انفراديا: أبشع جريمة في حق الإنسان
قانوني: مخالف للقانون والدستور
حقوقي: "العقرب" الأشرس في الحبس الانفرادي


"اضطراب في الهوية وفقدان الشعور بالاتجاه، ارتفاع نسبة الإصابة بالاكتئاب والقلق وصعوبة في التركيز" هذه المخاطر تبدأ في الظهور إذا تجاوزت مدة "الحجز الانفرادي" شهرين فما فوق- بحسب دراسة أمريكية أجريت على المحبوسين انفراديا في السجون.

اعتبرته الأمم المتحدة "تعذيبًا يجرمه القانون"، وركزت المنظمة في تقرير لها على وضع المساجين بأمريكا؛ كونها من أكثر الدول التي تمارس مثل هذا الانتهاك لمدة طويلة مع السجناء.


أما في مصر بعد 30 يونيو فحدث ولا حرج عن "الحبس الانفرادي"، فيكفي أن تكون معتقلا سياسيًا حتى تنطبق عليك هذه العقوبة بمجرد أن تطأ قدماك المعتقل.
 
 
شروط الحبس الانفرادي
قبل البدء في "التقرير" يجب التنويه إلي أن الحبس الانفرادي له ضوابط وشروط ومنها حسب قانون السجون: "إنه عقاب على تهمة ما يلزملها تحقيق وسماع شهود قبل صدور القرار، سقف العقاب 30 يوم على اقصى تقدير، والحبس يكون زنزانة انفرادي 22 ساعة وساعتين تريض مع اخرين وزيارة مع اخرين".
 
القانون يوضح
 

القانون رقم ٣٩٦ بشأن تنظيم السجون يوضح أنه يوجد إشراف عام قضائي للنائب العام ووكلائه على السجون، حيث تقدم لهم الشكاوى لمنع الفعل المخالف.

 
المعتقلون في مصر
 
يقضي معظم المعتقلين عقوبتهم انفرادي بدون تهمة أو تحقيق، وبكسر سقف المدة، ويمنع عن بعضهم الزيارة، والجميع يتريض منفردا ليس مع آخرين.
 
وبذلك لا تنطبق معظم الشروط على حالات الحبس الانفرادي في مصر، وهوما يعد انتهاكا للقانون.
 
معنى الحبس الانفرادي
هو عقوبة تأديبية توقعها لجنة التأديب بالمؤسسة السجنية المعنية ضد السجين المخالف للنظام الداخلي للسجن وتتمثّل في إيداعه بغرفة انفرادية لمدة محدّدة، بحسب تعريف قوانين تنظيم المؤسسات العقابية بجامعة الدول العربية.
 
وله تنظيم في القانون المصري، تحت رقم 396 لسنه 1956. بتعديلاته التي شملها القرار الجمهوري في 2015، لكنه جرم أمميًا بإعلان الأمم المتحدة في 2004، بأنه من وسائل التعذيب ويجب تحريمها.
 
حملة "لا للحبس الانفرادي"
بالأمس أطلق عدد من النشطاء حملة على مواقع التواصل الاجتماعي احتجاجًا على معاقبة المعتقلين بالحبس الانفرادي، وتدشين هاشتاج حمل اسم "لا للحبس الانفرادي"، لفضح انتهاكات الداخلية، وإلقاء الضوء على معاناة المعتقلين انفراديا، والتي وصلت للحبس لبعضهم السنوات.


متضامنون مع المحبوسين انفراديا
تضامن مع المحتجزين عدد كبير من الساسة والإعلاميين والحقوقيين، الذين نشروا صورهم خلف القضبان على حساباتهم الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك وتويتر".

ومن أبرز المتضامنين "الإعلامية ريم ماجد، والإعلامية ليليان دواد، والدكتورة سالي توما، والناشطة الحقوقية إسراء عبد الفتاح، والمحامي الحقوقى جمال عيد، والمحامية راجية عمران، ونورهان حفظي زوجة دومة، ومحمد أشرف، ودكتورة أهداف سويف، والمحامى رامى غانم والمحامى مختار منير، والمحامى كريم عبد الراضى ، والمحامي الحقوقي أحمد عبد النبي، والدكتورة عايدة سيف الدولة، والصحفى أحمد جمال زيادة، والصحفى محمد الجارحي، وخالد عبد الحميد، وناجي كامل، وأسماء محفوظ، وسامية جاهين، وشيرين الجيزاوى، وشريف الروبى، وسلمي عقل، ومحمد ناجي، ومروة قناوي، وسارة رمضان، ونجلاء أحمد، ومحمد صلاح، ومحمود محمد معتقل التيشيرت".


شكاوى على مكتب النائب العام
كشف النشطاء  أن "أسماء علي زوجة مالك عدلي قدمت شكوى بالفعل للنائب العام، و نورهان حفظي زوجة دومة تنوي تقدم شكوى للنائب العام، وبعض الأهالي في طريقهم لهذا الأمر.
 
أهالي المحبوسين "انفرادي"
تقول رنوة يوسف، زوجة المعتقل  الصحفى يوسف شعبان، أنه مر العام الأول على حبسه بشكل انفرادى، مشيرًة إلى أن هذا الحبس يعد نوعًا من أنواع التعذيب وأبشع تجربة من الممكن أن يمر بها أى إنسان.

وأضافت رنوة، "أن يوسف ممنوع عنه الجوابات والورق والأقلام لأن السجن شايف خطه الوحش هو شفرة لحاجة مش مفهومة فقرر يمنعها من بابها.. يوسف بيقعد ف زنزانته الانفرادية 22 ساعة وبيطلع تريض ساعتين فى اليوم بس وبرضه بيكون لوحده معظم الوقت".

أما نورهان حفظى، زوجة الناشط السياسى والثورى  أحمد دومة، قالت "أحمد داخل فى 3 سنين حبس انفرادي, ساعتين تريض و22 ساعة فى الزنزانة لوحده, من فترة لما بدأ يزهق بدأ يقدم طلبات زيادة ساعات التريض لـ4 وفقًا لنصوص لائحة حالات الحبس الانفرادي كان الرد فى الأول ماشى هنشوف حاضر.. بعد شوية مع تكرار المطالبات بشكل رسمى ومكتوب لرئيس المصلحة، بقى الكلام فى مجملة من المصلحة كده كده جاية تجردلك الزنزانة.. مش قادرة أفهم إيه الخطر المحظور فى زيادة التريض مع العلم بأن العنبر اللى فيه أحمد يعتبر فاضي".  
وأضافت حفظى"أعيادنا وإجازاتنا بتعدى على المعتقلين عذاب ومرار بيتقفل عليهم طول مدة الإجازة الرسمية وبيتمنعوا من خروج حتى التريض.. تخيل لو كمان محبوس انفرادى لوحدك".  

وتابعت: "أنت مطالب تكلم نفسك طول مدة الإجازة يوم أو يومين أو تلاتة ومطالب تكلم نفسك 22 ساعة فى اليوم ولك ساعتين تكلم فيهم المخبرين لحد معاد الزيارة كل 15 يومًا, فى الزيارة هتتكلم مع أهلك ساعة وترجع تانى لنفس السيناريو".


ماهر: الحبس الانفرادي مخالف للقانون والدستور
وفي هذا الإطار يقول الدكتور أحمد مهران، الخبير القانوني، إن "الحبس الانفرادي هو عقوبة فوق العقوبة، وجريمة في حق المسجون لأنه يؤثر على صحته ويمس كرامته، وينال من حقوقه في الطعام والنوم والحقوق الآدمية، وعقوبة غير منصوص عليها في لقانون والدستور، فلا عقوبة إلا بنص".
 
وبسؤاله عن كيفيه محاسبة الدولة التي تتعامل بهذه الطريقة مع المعتقلين قال مهران لـ"الفجر" إن " الدولة ليس لها كبير، ولا يوجد شيء اسمه محاسبة الدولة" وعلى الأهالي تقديم بلاغات ضد المخالفين لتطبيق القانون باعتبار أنهم هم معنيين بتطبيقه- بحسب قوله.
 
وأشار إلى أن مصر موقعة على نصوص الاتفاقيات الدولية، والعهد الدولي الذي وقعت عليه مصر سنة 82 ، واتفاقيات حقوقي المساجين والتي تؤكد على ضرورة معاملة المسجون معامله آدمية في الحق في الأكل والإصلاح والتأهيل الذي لا يتم الا من خلال جلسات جماعية لا زنازين إنفرادية.
 
 
"العقرب" الأكثر شراسة في تطبيق "الحبس الانفرادي"
في هذا الإطار يقول المحامي والناشط الحقوقي عزت غنيم، إن "حملة "لا للحبس الانفرادي" تأتي في إطار توسع السلطة في الانتهاكات ضد المعتقلين داخل السجون وأماكن الاحتجاز.

وأكد غنيم أن الحملة هي محاولة للضغط الإعلامي على النظام لوقف الانتهاكات داخل السجون ووقف سياسة العقاب بالحبس الانفرادي داخل المعتقلات، والذي يؤثر على نفسية ومعنويات المعتقل بالإضافة إلى كم الانتهاكات التي يتعرض لها المعتقل في الحبس الانفرادي بتقطير الطعام والشراب ومنع الاتصال والكلام مع أي إنسان مدد متتالية قد تصل الى ٦٠ يوم في بعض الحالات.

وأوضح الحقوقي في تصريح خاص لـ"الفجر"، أن سجن العقرب يعد المثال الأكثر شراسة في الحبس الانفرادي ويتم فيه بشكل دوري أن "كل نزلاء زنزانة واحدة يخرجوا من بينهم مسجون ليدخل الحبس الانفرادي لمدد من ٧ إلى ١٥ يوم".

وعن قانونية ذلك يقول غنيم إن "الوضع الحالي في مصر مخالف لكل الصكوك والمواثيق الدولية الصادرة عن الأمم المتحدة ولجانها".
 
أما فيما يخص المنظمات الحقوقية الدولية يؤكد المحامي أنها "اصدرت كثير من التقارير حول الوضع الحقوقي في مصر إلا أن السلطة ترفض الانصات لما يرد في هذه التقارير"، بالإضافة إلى أن كافة التوصيات التي تصدر من آليات الأمم المتحدة وخاصة من المقررين الخاصين بالمفوضية السامية لحقوق الإنسان ترفض الحكومة المصرية تنفيذها.