متضررو حريق "الدرب الأحمر" يفجرون مفاجآت.. وأحدهم: أرفض الجنسية المصرية (فيديو)

تقارير وحوارات

آثار حريق الدرب الأحمر
آثار حريق الدرب الأحمر


مواطن يستغنى عن جنسيته بعد أن خيب المسؤولين آماله.. وآخر: مصيرنا أصبح الشارع
متضررة: احنا على باب الله.. وأخرى: "نعمل إيه عشان الكبار يشوفونا؟"



خيمت حالة من الحزن على أهالي منطقة "الدرب الأحمر" بمحافظة القاهرة، لاسيما المتضررين منهم الذين التهمت النيران منازلهم التي لم يتبقى منها شيئًا، في ظل تقاعس وحدة الإنقاذ والتدخل السريع عن أداء مهامهم ما جعل مصير العقارات يذهب أدراج الرياح.


وكعادة بعض المسؤولين في تعاملهم إزاء الأزمات، قدموا الوعود للمتضررين الذين لحقت بهم خسائر فادحة، بتعويضات بخسة، الأمر الذي جعل المنكوبين يفقدون الأمل في حصولهم على تعويضات تتناسب مع حجم الخسائر التي لحقت بهم.


وكان قد نشب حريقاً، أول أمس الأربعاء، بـ "غية حمام" أعلى العقار رقم 33 شارع دويدار خلف مستشفى الحسين الجامعي بمنطقة الدرب الأحمر، وتم على الفور توجيه 12 سيارة للتعامل مع النيران، حيث نجح رجال الإطفاء في السيطرة عليه وإخماده، وأسفر عن ذلك مصرع ثلاث أشخاص وإصابة العديد من أصحاب العقارات المجاورة، فضلاً عن امتد الحريق لنحو 8 منازل مجاورة، ما أدى إلى احتراقها.


ورصدت "الفجر" من موقع الحريق الهائل بمنطقة "الدرب الآحمر" الأضرار التي لحقت بسكان المنطقة، ومطالبهم التي أكدوا أن المسؤولين خيبوا آمالهم في تحقيقها.


تفاصيل عن الحريق
في البداية يستهل فتحي السيد محمد، أحد المتضررين في حريق شارع "الدوداري" بمنطقة الدرب الأحمر، حديثه قائلاً: إن السبب في حدوث الحريق " اشتعال النار في "غية حمام"، إثر ترك مجموعة مشتعلة من الفحم داخلها، بالإضافة إلى تواجد أربعة أجهزة تكييف مما أدى إلى اشتعال النيران بجميع أركان المكان وامتداد الحريق إلى ثمان عقارات مجاورة، فضلً عن وفاة ثلاثة أشخاص، وإصابة الجميع من إصابات سطحية إلى خطيرة.


وأضاف "فتحي"، في حديثه لـ"الفجر"، أن صاحب العقار كان على علم بأنه سيحدث حريق يوما ما نتيجة الشكاوي المتكررة من قبيل الجيران، ونظرًا لارتفاع درجة الحرارة، ولكنه لم يبالي لهم، لافتًا إلى أن مصيرهم أصبح الشارع، فمنذ أن وقع الحريق وهم قابعين على الأرصفة أمام حطام بيوتهم، دون مسكن أو مأوى، مشيرًا إلى أن كل ما فعلة المسئولين هو تطمينهم ومنحهم عددًا من البطانيات، و100 جنيه للبعض بإجمالي 2500 جنيها، بالإضافة إلى توفير مكان للنوم لبعض الأهالي في اليوم الأول داخل "مركز شباب" حتى أخرجوهم منه في اليوم التالي.


وأشار "فتحي"، إلى أن لديه 13 بنت و2 من الأولاد، والآن أصبحوا جميعهم مُشردين في الشارع، في ظل غض طرف المسؤولين عنهم، متابعًا: "سكتونا بكلمتين وملاليم ومشيوا، وكده عملوا اللي عليهم، واحنا بقى لنا ربنا يتولانا"، لافتًا إلى أن "هاني مصطفى" صاحب "غية الحمام"، تم إيداعه داخل مركز شرطة "الدرب الأحمر"، ويتم التحقيق معه، متخوفًا من خروجه دون عقاب وأن يكون الخاسر الوحيد "الناس الغلابة اللي مالهاش ظهر في البلد"، مؤكدًا أن المالك لم يخسر شيء فهو يمتلك الكثير ومن بينهم "غية الحمام" التي تقدر بمبلغ 80 ألف جنيه.


حسرة وألم
أما حسين السيد، أحد السكان المتضررين، يقول أيضًا بحسرة تملء قلبه: "البيوت كانت عبارة عن جهنم أثناء الحريق، نار في جميع الاتجاهات، ولم أستطع انقاذ أسرتي من شدته"، لافتًا إلى أن الحريق طال أجسادهم وأمواله التي كان يستعد أن يقوم من خلالها بتجهيز ابنته لزفافها بعد عيد الفطر، قائلًا: "الفلوس اتحرقت قدام عينيا وأنا لسه طالع على المعاش وواخدهم من كام يوم، يرضي مين ده بس".


وعن دور المسئولين تابع "السيد: "زارنا القائم بأعمال محافظ القاهرة، وقالنا اطمنوا احنا هنلاقي حل وهنجبلكم سكن بديل، والسكن كان النادي الرياضي قعدنا فيه على الأرض وقعدنا ليلة بس، وده اللي خدناه من الحكومة ومن الرئيس"، مطالبًا أن يقوم مسؤولي الحكومة بزيارة موقع الحريق لمعاينة الأضرار وصرف تعويضات.


وأضاف: "ييجوا يشوفوا البنات في الشوارع وبتستخدم حمام مشترك.. احنا ناس غلابة واليوم بيومه هنعمل ايه دلوقتي على الأقل كان عندنا سكن، دلوقتي بقينا في الشارع، والحكومة ولا هنا، بترملنا عظمة بـ100 جنيه.. هل دي آدمية ؟".


وبعد أن خيب المسؤولين آماله، وشعوره بعدم الأمان، قال بصوت مشحوح يملأه الحسرة: "أنا عاوز الجنسية الإسرائيلية، وبرفض الجنسية المصرية، طالما فيها إهانة لبناتي ولأهلي مش عاوزها ومتنازل عنها، وأطالب بالجنسية الإسرائيلية حفاظًا على آدميتنا".


قهر واحتياج
على جانب آخر تروي سعاد حميدة، إحدى المتضررات، لـ"الفجر"، قائلة في حزن شديد: "احنا عايشين على باب الله، وبيوتنا متدهورة وكانت بالعافية ساترانا، دلوقتي الحي شافوا حالتنا وسابونا نشيل همنا، وكأننا مش من البلد دي ولا لينا حقوق حتى كبني آدمين".


ولفتت إلى أنه بجانب خسارتها لمسكنها إلا أنها فقدت أيضًا والدتها التي توفت نتيجة الحريق، مضيفة وهي في حالة من البكاء الهيستري: "هو ذنبنا إيه أنا خسرت أمي ماتت، ومفيش حد يسندني غير أخويا الكبير المريض والبيت اللي ساترنا جدرانه اللي اتشققت واتحرق نصه".


وتطالب "حميدة" المسؤولين بترميم منزلها، أو منحها سكن بديل، للعيش في حياة كريمة، مشيرة إلى أنها متخوفة من الدخول في منزلها وانهياره، نظرًا لتهالكه إزاء شدة الحريق، مستكملة: "نفسي أشوف حد من المسؤولين يجيلنا يقولنا هيعملوا إيه معانا ولا هيسيبونا كده محلك سر على الرصيف، نفطر ونتسحر بالشوارع ولا الكلاب في الشوارع"_بحسب وصفها.


وعن إفطارهم لاسيما ونحن بشهر رمضان الكريم، قالت: "نفطر في الشارع أمام حطام بيوتنا، أهل الخير بيساعدونا بوجبات واحنا اصلا ملناش نفس، هو حد فايق للأكل ولكن بنكسر صيامنا على القهر والحوجة".


رضاء بالقليل 
في السياق ذاته تضيف إيمان محمود، متضررة، أن الجزء الأمامي من منزلها كان يوجد به شرخ وأبلغت الحي لعدم استطاعتها ترميمه على حسابها الخاص، ولكن جاء ذلك دون أي جدوى أو استجابة، وأن الحريق التهمه بالكامل وأصبح عبارة عن ركام ورماد.


وعن التعويضات التي حددتها الجهات المسؤولة، قالت: "منحونا 100 جنيه وبطانية، وأنا زوجي راجل معاق وموظف ولا أستطع توفير شقة وعندي بنتين منهم واحدة عمرها 8 أشهر ومريضة وتحتاج للعلاج، والأخرى عامين، ومصيرنا حاليًا الشارع".


واختتمت: "نفسي أعرف هو احنا مش الرئيس قال لينا حق طيب احنا فين من الحقوق دي، والمفروض نعمل ايه علشان الكبار يشوفونا ويطبطبوا علينا زي كل الدنيا ما بتعمل مع شعوبها".

تسكين الأسر المتضررة
من جانبه قال اللواء محمد أيمن عبد التواب، نائب محافظ القاهرة للمنطقة الغربية، إنه سيتم تجهيز أماكن مؤقتة لاستضافة الأسر وتوفير كافة احتياجاتهم، مضيفاً أنه سيتم تشكيل لجنة لمعاينة حالة العقارات المحترقة وتسكين الأسر المتضررة.


وأكد" عبد التواب"، أنه سيتم تسكين السكان في منطقة بدر التابعة للمحافظة مع صرف تعويضات لهم وفقاً للقواعد المحددة.