بين "العبادة والوجاهة".. انتعاش سوق "السبح" في رمضان.. والصيني تهدد المصرية بالاندثار

تقارير وحوارات

أحد محال بيه السبح
أحد محال بيه السبح


صانعو السبح: اليدوية المصرية أجود من الصيني.. وبائعون: عنوان للوجاهة
مواطنون: نحرص على اقتناء السبحة وتقديمها للأصدقاء  


من الحرف التي تلقى رواجًا كبيرًا، لاسيما في شهر رمضان، حيث يتسابق على اقتنائها جميع الفئات، فينتعش سوق "السبح" لارتباطها بالشهر الكريم، حيث كشف صانعي وأصحاب المحال لبيعها عن تسجيل زيادة في مبيعاتهم خلال شهر الصيام، لارتباطه الوثيق بزيادة العبادات من صلاة واستغفار وتسابيح.

وللسبحة أهمية كبيرة لدى بعض الناس قد تصل إلى درجة التقديس وربطها بأمور دينية، ويحملها معه دوما الكثير من المسلمين والعرب وبعض الشرقيين حتى في كوريا وكذلك رجال الدين المسيحيين ولكن أشكالها تختلف.

فوسط حي يحيطه مظاهر التراث الإسلامي من كل جانب بقلب منطقة الحسين، تجولت "الفجر"، ورصدت قصة "السبحة" اليدوية المصرية، والتي أكد صانعيها أن مصر الأكثر شهرة في العالم العربي بتصنيعها.  





المصرية أجودها وأشهرها
في البداية يقول طاهر سعيد، أحد أشهر صانعي السبح في منطقة "الحسين": "أعمل بالمهنة منذ 40 عامًا، وخلال هذه الفترة مرت السبحة المصرية بمراحل تطور عديدة، فبعد أن كانت تصنع من الحجارة، تم تطويرها إلى "الفضة، والترمسة والزيتونة والبلية"، فضلاً عن الماس والكهرمان الأغلى منها".

وعن الوقت الذي تستغرقه صناعة السبحة أوضح "طاهر": "المسبحة الواحدة تستغرق يومًا كاملا بداية من قطع الخشب أو الصاج أو المادة المصنعة منها لخرط الحبات بالشكل الأجود"، مؤكدًا أن سر صنعة السبح يكمن في الخرط ودقة التطعيم وتصميم وتنفيذ مئذنة المسبحة، موضحًا أنه يوجد أشكال عديدة فمنها عدد حبات المسبحة إما 33 حبة أو مائة حبة، وهناك مسبحة مكونة من ألف حبة يطلبها مشايخ الطرق الصوفية وتستخدم لتزيين الأضرحة.

ويروي "سعيد" أن الإقبال على شراء السبح يكون على مدار العام، لكن في شهر رمضان يتزايد بشكل أوسع، نظرًا لقدسية هذا الشهر والإكثار من الاستغفار، لافتًا إلى أن أكثر مسبحة يزيد الطلب عليها حاليًا الصينية، نظرًا لانخفاض سعرها، أما المصرية يقبل عليها الشريحة ذات الدخل المرتفع؛ نظرًا لارتفاع سعرها حيث نجد أن سعر العقد يتراوح من 4 جنيهات وحتى 15 للعقد الشعبي، وبالنسبة للسبح الكهرمان، فتصل سعر السبحة الواحدة إلى آلاف الجنيهات، وعن أسعار السبحة الصينية  تتراوح سعرها من 3 إلى 25 جنيهًا، أما المصرية فتبدأ من 57 إلى 500 جنيهًا بحسب حجمها والخامات المصنعة منها، فضلا عن الكهرمان التي تصل سعرها لآلاف الجنيهات.

وأشار "سعيد"، إلى أن أكثر المترددين عليه هم أهل الخليج، ممن يحرصون على شراء السبحة المصرية مهما كان سعرها، مؤكدً أن مصر من الدول الأكثر شهرة في العالم العربي بتصنيع السبحة اليدوية، وهي من تقوم بتصديرها إلى دول العالم وعلى قائمتهم السعودية الأكثر استيرادا.





الصيني يكتسح السوق
يضيف أشرف عبد المولى، أحد بائعي وصانعي السبح، أنه يتجه إلى استيراد السبحة المستوردة لرخص سعرها عن المصري، موضحًا أن المواطنين يقبلون على شراء السبحة الرخيصة مهما كانت جودتها، نظرًا لسوء الأحوال الاقتصادية التي طالت الجميع، على الرغم من أن الخامات المصرية أفضل بكثير، لاسيما وأن مصر اتعرفت منذ أكثر من مئات السنوات بالصناعة اليدية للمسبحة.

وأوضح "عبد المولى"، أنه يستورد المواد الخام والاسطمبات، وماكينة اللحام الخاصة بالسبح، فضلاً عن الأكياس البلاستيك، ناهيك عن التوقيت في الصناعة اليدوية، لافتًا إلى أن المستورد يساعد المصانع المصرية على تحسين خامتها وجودتها وأنه في حال إذا توقف ستقوم المصانع بالتقليل من جودتها وستتراجع للوراء، لعدم وجود رقابة على المنتج، مؤكدًا أنهم لهذا السبب يلجؤون للاستيراد ، بالإضافة إلى أن الخامات أسعارها باهظة الثمن وصعب استيرادها في ظل ارتفاع سعر الدولار الأمريكي.


ولفت "عبد المولى"، إلى أن أكثر زبائنه من الجنسين النساء والرجال، لاسيما فئة الشباب في هذه الفترة فالجميع يحرص على اقتنائها للتسابيح، فيما تقبل ربات البيوت على السبح العملاقة المصنوعة من خشب الأرو لتزيين المنزل.





عنوان للوجاهة
خالفته الرأي أمنية حسين، بائعة سبح في منطقة الحسين، قائلة: " منذ أن توفى زوجي وأنا أعمل في بيع السبح ورثتها عنه وعن والدي أيضًا، وأعي تمامًا جميع الأنواع وأقدر كل سبحة حسب خامتها"، موضحة أن صناعة السبحة المصرية تعد صنعة فنية تعتمد على العمل اليدوي بنسبة كبيرة، عكس الصينية التي تتدخل فيها الماكينات، فالأولى لأنها تعتمد على المعادن النفيسة، أما السبح الصينية فلا تعرف العمل اليدوي، لأنها تعتمد على خامات حديثة كالبلاستيك، ورغم أن كثير من التجار حاليا يحترفون استيراد السبح من الخارج لرخص ثمنها، إلا أن السبح المصرية لا تزال في الصدارة من حيث جودة الخامات.

وأردفت "حسين"، أنه منذ بداية العام والوضع غير مرضي لجميع صانعي وبائعي السبح، نظرًا لسوء الأحوال الاقتصادية في البلاد، واتجه والإقبال إلى السبحة الصينية ذات الألوان وتقليد الكريستال؛ لكن مع بداية شهر شعبان كثر الإقبال على السبح المصرية، قائلة: "صحيح الرخيص منها لكن هي أكثر مبيعًا، والشباب والكبار بيشتروها كتير خاصة الفضية".

واستكملت "حسين"، حديثها: "شهر رمضان مبارك في رزقه رغم وقف الحال طول السنة"، لافتة إلى أن الإقبال على المسابح في تزايد مستمر، ورغم التقدم فإن الشباب ما زالوا يشترونها؛ لأنها تحولت إلى عادة اجتماعية، لاسيما المسابح الثلاثة وثلاثين حبة لأنها سهلة في الاقتناء، والشباب أكثر إقبالاً عليها، حيث أصبحت المسابح في الآونة الأخيرة مظهرًا للتباهي خاصة لمن يهوى الأحجار، والأخشاب الأصيلة.





حرص المواطنين على اقتنائها
من جانبه قال صديق السيد، أحد المواطنين: إنه يحرص على اقتناء السبحة طوال الوقت، لاسيما في شهر رمضان فهو شهر الإستغفار والتسابيح، إضافة أنها هدية قيمة لبعض أصدقائه، مشيرًا إلى أنه يعتبرها من أجمل ما يقدم للأصدقاء.

ووافقه الرأي إبراهيم يوسف، حيث قال: "السبحة مكملة لشخصيتي، وأفضل شراء السبحة المصرية القديمة ذات خام العاج"، مشيرًا إلى أنه مع قدوم رمضان كل عام يتردد على منطقة الحسين لاقتناء سبحته له ولأسرته.

ويتركز ذوق النساء في السبح ذات الألوان الفاتحة مثل "الروز، والأحمر" وخام الكريستال، خاصة وأن موضة السبح اجتاحت الكثير من الأوساط النسائية مؤخراً، بحسب ما قالت رباب عادل.