مركز بحث أمني أمريكي يكشف: مؤامرة "بوجينكا" الإرهابية وراء سقوط الطائرة المصرية

تقارير وحوارات

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية


وسط تكهنات عديدة لا تملك أدلة حول أسباب تحطم الطائرة المصرية في مياه البحر المتوسط أثناء رحلتها من مطار شارل ديجول الفرنسي إلى القاهرة في التاسع عشر من مايو 2016؛ خرج موقع "ستراتفور" (وهو مركز أمريكي بحثي متخصص في الدراسات الأمنية والاستراتيجية) يتساءل في تحليل نُشر في 21 مايو الجاري عن "سبب التزام التنظيمات الإرهابية الصمت تجاه الحادث هذه المرة على نحو غريب؟".

"داعش" والجماعات الإرهابية يتبنون عملياتهم في غضون 3 أيام على الأكثر

ذلك الصمت جعل التساؤل مطروحًا -بحسب تحليل "ستراتفور"- أن جماعات إرهابية كتنظيم "داعش" عادة ما تسارع إلى تبني هذه النوعية من الحوادث عبر منافذها الإعلامية، ويستدل التحليل على ذلك بإعلان تنظيم "داعش" تبنيه لعملية إسقاط الطائرة الروسية في سيناء في أكتوبر 2015، في نفس يوم الحادث، إضافةً إلى أن هذا التنظيم أيضًا أعلن مسؤوليته عن هجمات أخرى في بروكسل وجاكارتا وباريس في غضون يوم واحد من تنفيذها. 

بل إن التحليل يشير إلى أن الجماعات المحسوبة على تنظيم "القاعدة" أعلنت مسئوليتها في اليوم نفسه أو في اليوم التالي عن سلسلة الهجمات التي استهدفت فنادق بغرب إفريقيا في مالي وساحل العاج خلال عامي 2015 و2016. 

وينحو تحليل موقع "ستراتفور" لاستنتاج مفاده، وفقًا لتقرير نشره المركز الإقليمي للدراسات الاستراتيجية: "لو كان تنظيم داعش أو تنظيم القاعدة أو غيرهما من التنظيمات الإقليمية المنسوبة إليهما وراء هذا الهجوم؛ لتوقعنا أن نرى اعترافًا بالمسؤولية الآن".

ويشير تحليل ستراتفور إى حوادث إرهابية نسبت لموالين لجماعات إرهابية بالإشارة إلى أن الهجوم الإرهابي الذي قتل فيه 14 شخصا في إطلاق النار في مدينة سان برناردينو في ولاية كاليفورنيا في ديسمبر 2015 استغرق ثلاثة أيام كي تثني الذراع الإعلامية المركزية لتنظيم "داعش" عليه، ويرجح ستراتفور أن السبب في ذلك يرجع إلى أن هذا الهجوم تم على يد إرهابي وزوجته يعملان تحت لواء التنظيم.

ويوضح التحليل أن "هذا لو كان هجومًا نفذته خلية إرهابية في فرنسا أو تونس أو إريتريا (جميع المواقع التي استقرت فيها الطائرة على مدار 24 ساعة قبل أن تتحطم)؛ لتسابق قادة الجماعات الإرهابية وأجنحتهم، إلى تبني ما حدث.،وكما في هجوم مدينة سان برناردينو، قد يستغرق الأمر بضعة أيام حتى تصوغ أذرع الدعاية الإرهابية ردة فعل".

سيناريو أسوأ للإرهاب

لا يعني ما سبق استبعاد احتمال العمل الإرهابي وترجيح العطل الفني في حادث سقوط طائرة مصر للطيران، لكن التفسير الأكثر تشاؤمًا – بحسب تحليل ستراتفور - هو أن ثمة جماعة إرهابية توصلت إلى طريقة مبتكرة لمهاجمة الطائرات، وأنها تُخفي تورطها كي تعيد الكرّة في مكان آخر.

يدلل التحليل على ذلك بقوله: "لقد شهدنا هذا النوع من النشاط المستتر في مؤامرة بوجينكا التي خطط لها الإرهابي خالد شيخ محمد عام 1995، ولم تُعلَن المسؤولية عن تفجير الطائرة الفلبينية رقم 434 في ديسمبر 1994، لأن المخططين أرادوا توظيف نسخة مُعدلة من جهاز التفجير نفسه، في هجوم أكبر يستهدف 10 طائرات عابرة من بريطانيا إلى المدن الأمريكية عبر المحيط الهادئ".

وذكرت آنذاك تقارير بريطانية وأمريكية، أن منفذي المخطط الذي كان سيتم على ثلاث موجات متتالية، كانوا ينوون إدخال سوائل متفجرة إلى الطائرات في قوارير مشروبات غازية وغيرها، أو في أجهزة كهربائية، ثم خلط المادة المتفجرة داخل الطائرات، ما دفع السلطات البريطانية إلى منع المسافرين من حمل أي شيء باستثناء مستنداتهم الخاصة الضرورية، على أن توضع في أكياس بلاستيكية شفافة.

وبحسب تحليل ستراتفور، "سارعت السلطات إلى الاستجابة لهجوم القنابل المستترة في كعب الحذاء عام 2001، والقنابل المخبأة في الملابس الداخلية عام 2009، ولو كانت تلك الأجهزة قد عُملت بحسب الغرض الذي صُممت لأجله ودمرت الطائرة (خاصة فوق المياه) لاستغرق المحققين أشهرًا أو سنين لتحديد السبب، وقد منح هذا النمط المفجرين فسحة كبيرة من الوقت لاستنساخ العملية". 

وعلى ذلك، يشير تحليل ستراتفور إلى أنه في أسوأ السيناريوهات المحتملة لحادث تحطم الطائرة المصرية، فربما نكون بصدد التعاطي مع صانع قنابل بارع وطليق على دراية بكيفية زرع قنبلة في طائرة، بينما تجهل السلطات الطريقة التي يوظفها.

تحقيقات صعبة

وذكر تقرير للمركز الإقليمي، أن "حقيقة سقوط طائرة مصر للطيران رقم 804 فوق المياه، تجعل التحقيقات أصعب بكثير من التحقيقات التي كانت تُجرَى في الماضي على اليابسة، ومع ذلك فقد استغرق بعضها سنين لحلها، مثل كارثة الطائرة الأمريكية بان آم 103"، لافتًا إلى "تحليل ستراتفور بشأن مضيّ أكثر من عامين على اختفاء الطائرة الماليزية رقم 370، ورغم ذلك فقد استعاد المحققون مؤخرًا فقط أجزاء من حطام الطائرة، ولم يُحددوا سبب سقوطها بعد". 

وأضاف التقرير، أن "موقع سقوط الطائرة المصرية رقم 804 أقرب بكثير إلى اليابسة، وليس عرضة للتيارات المائية نفسها التي أفسدت تحقيقات الطائرة الماليزية 370، ومع ذلك، فإن الحادث وقع في مياه يُمكن أن يصل عمقها إلى ميل كامل، ما يجعل استعادة الحطام أو الصندوق الأسود من قاع البحر عملية معقدة جدًّا".

وبالنظر إلى الكوارث الجوية التي وقعت فوق البحار والمحيطات، من المرجح ألا نحصل على نتائج جنائية حاسمة حول سبب سقوط الطائرة رقم 804 لشهور أو لسنين، هذا إن توصلنا إلى أية نتائج أصلا، وهو ما يُبقي السؤال حول "كيفية" السقوط معلقًا، وفقًا للتحليل.

وأضاف التحليل، إن "التحقيقات الجارية على اليابسة بشأن الطاقم الأرضي وطاقم الكابينة والركاب والاستطلاعات بالأقمار الصناعية، من الأرجح أن تتمخض عن نتائج قبل الوصول إلى أدلة من موقع تحطم الطائرة، لكنها لن تفضي بضرورة الحال إلى القصة الكاملة حول ما حدث، والذي على مايبدو أنها ستستغرق وقتا أطول كما يشير الرئيس عبد الفتاح السيسي، والذي أكد أن الحقائق الخاصة بالطائرة ستعلن فور الوصول لها". 

وختم بقوله: "إن غياب إعلان تنظيمات إرهابية مسؤوليتها عن الحادث ربما يُخفف لدى البعض من وطأة مخاوف الهجوم الإرهابي، ولكن في سياق سيناريو محتمل يُمكن أن يكون هذا الغياب أيضًا علامة على المزيد من الهجمات القادمة للجهاديين، وقد يستغرق تفسير أسباب حادث الطائرة المصرية وقتا أطول حتى يظهر".