الإبادة الأرمينية.. عقدة تركية

أخبار مصر

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية


أكثر من مائة عام مضت على مذابح الأتراك للأرمن، تم فيها قتل مليون ونصف أرمنى، وذلك حسب تقدير الباحثون، ومازالت أرمينيا تكثف جهودها للحصول على إعتراف دولى بشأن جرائم الإبادة الجماعية التى إرتكبتها تركيا بحق الشعب الأرمينى.

أعلنت أرمينيا عزمها على إدانة تركيا دوليًا، وطالبت الدول الأعضاء فى الأمم المتحدة، والمنظمات الدولية، توحيد الجهود من أجل إستعادة العدالة التاريخية، وإحترام ذكرى ضحايا الإبادة، وأعربت عن شكرها للدول والمنظمات الدولية التى إعترفت وأدانت الإبادة الأرمنية.

كما قامت أرمينيا بدعوة تركيا من أجل التخلى عن سياسة التزييف وإنكار الحقيقة، ولكن تركيا مازالت ترفض الاعتراف بهذه الإبادة حتى لا تتحمل تعويضات مادية ومعنوية أمام العالم.

وفى عام 2009 كانت هناك مساع للمصالحة مع الجانب التركى، وتم الاجتماع بسويسرا، وتوقيع إتفاقية بين أرمينيا وتركيا، وأعلن الجانب الأرمنى عن إستعداده للمصالحة والمسامحة بشرط الاعتراف مع الحصول على حقوقه كاملة، ولكن قامت تركيا برفض التوقيع على الاتفاقية.

وفى ظل إنكار تركيا للإبادة الجماعية للأرمن، دشن ناشطون حملات من أجل الاعتراف الرسمى بها من مختلف الحكومات فى جميع أنحاء العالم، وإعترفت 22 دولة و43 ولاية أمريكية رسميا بوقوع المجازر.

كما إقترح مجموعة من الحقوقيين الأرمن، ملفا خاصا للتعويض يشمل عدة عناصر، منها الاعتراف والاعتذار والتربية والذكرى، أى أن تقوم الحكومة التركية والهيئات غير الحكومية المتواطئة بالاعتراف رسميًا بالإبادة، ووفق برنامج التعويض أيضا، يتوجب على تركيا تنفيذ مبادرات تربوية واسعة، توضح من خلالها تاريخ الإبادة فى المناهج التربوية.

كما ينبغى أن تقيم تركيا متاحف عديدة وتمول فعاليات لذكرى الإبادة فى تركيا والعالم، ودعم الأرمن وأرمينيا، أى يتوجب على الدولة التركية توفير الدعم السياسى وغيره للدولة الأرمنية والأرمن فى العالم، بهدف تأمين حياتهم، بالإضافة إلى التعويض المادى ووقف العمليات المسيئة، كما جرى عند إغلاق الحدود الأرمنية التركية، وتعزيز الاحترام تجاه الأرمن فى تركيا، واستئصال آثار فكر وعقيدة الإبادة ومعاداة الأرمنية من كل الهيئات، وقيام تركيا بإعادة الأملاك والتعويض مقابل الوفاة والمعاناة، أى إعادة الأراضى التى تم الاستيلاء عليها خلال فترة الإبادة، وكذلك المبانى والعقارات والأملاك المنقولة وغير المنقولة، وكذلك دفع التعويض للدولة والمؤسسات الأرمنية.

ومن جهة أخرى، طالبت أرمينيا أن تعلن مصر إعترافا رسميا يدين إرتكاب تركيا للمذبحة، وأكدت أن إعتراف مصر على وثيقة الإبادة للأرمن مهمة جدا، لأنها ستكون دفعة قوية لجهودنا، لأن مصر أكبر دولة عربية وإسلامية ولها ثقلها فى المنطقة كلها، وإعترافها سيؤثر على باقى الدول العربية والإسلامية، وعلى الرغم من أن الموقف المصرى واضح، إلا أن المجتمع الدولى لا يعترف إلا بالرسميات، وذلك كما فعلت عدد من المنظمات الدولية بالاعتراف بالمذبحة، على رأسها الأمم المتحدة، والاتحاد الأوروبى، الذى يمنع إنضمام تركيا حتى الان، كما إعترفت أيضا منظمة حقوق الإنسان بالمذبحة، وجمعية الشبان المسيحيين.

وأكدت المصادر الموثقة للمجزرة، أن الإبادة بدأت فى نهاية القرن التاسع عشر، وتحديدا فى أعوام 1894-1895 بغية تقليص عدد الأرمن فى تركيا والقضاء عليهم، ويعتبر الرابع والعشرين من شهر ابريل عام 1915، بداية رسمية لإبادة الأرمن الجماعية فى فترة حكم، مصطفى كمال أتاتورك، حتى عام 1922، وذلك عندما إتخذت السلطات التركية قرار الإبادة الشاملة للاقليات غير المسلمة، وقام العثمانيون بجمع مئات من أهم الشخصيات الأرمنية فى إسطنبول، وعددهم 225 قياديا أرمنيا، وتم إعدامهم فى ساحات مدينة إسطنبول، ثم صدرت الأوامر من السلطان بإبعاد جميع العائلات الأرمنية فى الأناضول، وأمرتهم بترك ممتلكاتهم والانضمام إلى القوافل التى تكونت من الآلاف من النساء والأطفال فى طرق جبلية صحراوية.

كما أكدت المصادر، أنه فى عام 1913 كانت أحوال الأرمن تزدهر وأرباحهم تتزايد، بينما كانت أعمال الاتراك تتراجع وأحوالهم تتدهور، وهو السبب الاقتصادى الرئيسى فى الصراع العرقى الذى نشأ بين الأتراك من جهة والأرمن واليونانيين من جهة أخرى، وبعد أن إنتهت عمليات القتل والترحيل، أصبح بمقدور الأعيان الأتراك الاستيلاء على الأعمال التجارية والصناعية ووضع اليد على الأراضى الزراعية للأرمن.

ومن جانبها، أعلنت الحكومة التركية، أن عدد من ماتوا من الأرمن لم يتعد 300 ألف أرمنى، وأكدت أن أسباب وفاتهم، البرد والجوع وظروف الحرب العالمية الأولى التى جعلت هذه المنطقة عبارة عن جبهات قتال وإغارة، وبناء على ذلك فإن تركيا تؤكد أن ما حدث للأرمن ليس إبادة، لأنه تم بعوامل طبيعية دون أمر بالقتل.