ربيع جودة يكتب: الصحافة هدير بلا تأثير

ركن القراء

بوابة الفجر


ما ينبغي النظر إليه حقاً.. ان تكون صرخات الصحفيين أكبر بكثير من كونه صدام بين الداخلية والنقابة.. فلعلها آهات حارة استنفرتها طبيعة الحال. من تعدي وتهميش وتقليص للدور. وإجهاض لصوت الرأي الحر الذي خلفته نيران الثورتين. وتأججت به صدور الرافضين لأن يعود الحال علي ما كان عليه..

كان الأمر قد بدأ بالتمتمة ثم تلاها الضجيج.. بعد أمر الجُزر. وكان ضجيجاً مشروعاً ليس فقط للغيرة علي الأرض.. ولكن لأن التظاهر لم يكن مشوباً بتهمتي الأخونة والعمالة.. كلتا التهمتين العالقتين دائماً فوق رؤوس كل المصريين.. كلما علا صوت أو اختلف رأي. سقطت عليه إحداها.. وبعد أن غيض ماء الجزر.. واستوي الأمر علي تعليمات صارمة بغلق الأفواه ورفع الأقلام. زاد معه القلق والتوتر. وأصاب جسد الحرية في مقتل. فاحتبست الآهات.. وتمنعت الأقلام الخائفة عن تسطير ما يلج في الرؤوس من فكر..

حتي قامت الداخلية بدور مدافع الكرة الذي يحرز اهدافه في مرماه.. ليضيع معه مجهودات فريق بأكمله وبطولة برمتها.. فانتبهنا علي حلقة جديدة من مسلسل الأحداث الفردية.. في الرحاب.. وكان لزاماً أن تتأدب الأقلام رغم فظاعة الموقف حتي تمر الأزمة تنفيذاً للتعليمات ذاتها التي أشارت بعدم الحديث في أمر الطالب الإيطالي ريجيني.. وكأنهم يُسكتون طفلاً غبياً مخافة أن يوقعهم في شَرَك.. وفي كل مرة يحاول فيها كاتب أن يكتب كما علمه ضميره. إذا بطيف التهمتين يلوح فوق رأسه ليغمد قلمه قائلاً.. شمعة تغني عن الظلام.. وكأنه فاصل إعلاني من الثورات عدنا بعده إلى ما قبل المخلوع الأول.. لنواصل مشاهدة واحدة من اكبر السياسات القمعية المصابة بالانفصام.. فبينما يدّعون الديمقراطية يمقتون الفكر. ويوئدون الرؤى... 

وكانت المواجهة متوقعة حين أصرت جحافل الداخلية اقتحام النقابة.. ولا أجد عيباً في تنفيذ القانون.. ولكني أعيب الفقر السياسي وعدم الموائمة السياسية في ظل ظروف متتالية تعرض لها أصحاب الرأي المكتوب.. انتهت بقرار النائب العام بوقف إطلاق الكلام في قضية الاقتحام.. ليعلم أصحاب الحبر الأسود أنهم ليسو سوي عرائس من الخشب.. خيوطها في أيدي اخرين لا يعلمون أن الصحافة ليست رقصاً علي طبول الفضائح.. وإنما هي إرشاد وتبيين.. ورصد لآلام الأمة.. وصرخاتهم هي صرخات المحب. العاشق. الغيور.. ولن يرضوا أبداً ان يكونوا كهدير ليس له تأثير.