نادية صالح تكتب: ذكريات وأمنيات (وطنى حبيبى)

مقالات الرأي



ربما بل من المنطقى أن تسبق الذكريات الأمنيات، ولكن.. أحيانا ماتتدافعان وتتسابقان.. تحكيان وتحكيان..

■ تذكرون (وطنى حبيبى) الأغنية، غناها عبدالوهاب وعبدالحليم حافظ، شادية ونجاة، وردة وصباح، فايدة كامل ونجاح علام.. هل نذكرها؟ مؤكد أننا نذكرها.. وربما نسمعها أحيانا ولكن هل مازال (وطنى حبيبى) وكيف حاله؟!

■ تذكروا (وطنى حبيبى) برنامج صباحى كان يذاع يوميا فى الثامنة وخمس دقائق.. وكنت أنا أقدم فى خمس دقائق.. نحكى فيه حكايا نجاح وقصص كفاح للناس فى (وطنى حبيبى).. فهل مازال النجاح والأمل فى (وطنى حبيبى)؟!

كنا «نفطر ونتغدى ونتعشى» على مائدة زاخرة بأطباق تغذينا.. حتى لو كان نصيب البعض منا قليلا من الفتات لكن الحب كان يحولها إلى طعم العسل، ينفخ فى صورتها وكأنها أفخر أنواع الطعام، أعرف أن الزمن تغير وهكذا حال الدنيا، ولكن هناك ثوابت لاتتغير، فهل يمكن أن يتغير مادرسناه عن مناخ مصر.. «حار جاف صيفا.. دافىء ممطر شتاء».. حفظنا حال هذا المناخ.. ومهما زادت السيول وأغرقت.. لكن هناك متوسطا لهذا المناخ لايتعداه بإذن الله.. يتفاوت.. نعم.. ولكن لايتغير، أريد أن أقول إن (وطنى حبيبى) لابد أن تظل ثوابه وأن نثق فى ذلك كل الثقة، وتعالوا بنا نسترجع بعض الثوابت ونتذكرها فالذكرى تنفع المؤمنين الوطنيين الصالحين:

■ تعالوا اتذكر (مائدة الغذاء).. الأسرة كلها حولها فى موعدها.. جميع أفرادها ملتفين حولها.. يحكون ويتبادلون الخبرة.. الكبير والصغير، المشاكل تذوب وحلولها تقفز مع الحب والتكاتف الذى يجمعها.. الأم والأب الأبناء كل يعرف دوره ويحترم الآخر، يحنو عليه.. الفرقة والانفعال لم يكن موجودين إلا فيما ندر.. وكأن للأسرة دستورا لم تضعه لجنة الخمسين المستحدثة على أيامنا، ولكن وضعته لجنة التقاليد والأعراف.

■ تعالوا بنا نتذكر الأهل والجيران، وقصص الحب بل الغزل العفيف أحيانا حتى تأتى الكوشة لتضم الحبايب، وقل ماشئت الحكايا التى مازلنا نسمع عنها وسجلتها أغنيات عن بنات الجيران وقهوة الستات فى الصباح بين ربات البيوت، وإن قلت كثيرا بعدما خرجت المرأة إلى العمل، ربما انتقلت هذه القهوة (للأسف) بينهن إلى المكاتب، ولكن طعم هذه العلاقات الطيبة مازال موجودا ومحسوسا حتى وإن قل كثيرا.

■ تعالوا نتذكر إيماننا بأن الدين لله والوطن للجميع، وأن مرقص وإيفون اصدقاء وإخوة بل أحباب لـ (محمد وفاطمة) يضمنا (وطنى حبيبى).

ويا أيها السادة.. تذكروا وتذكروا ثم تعالوا نتدارس ماوصلنا إليه، وما صار إليه حالنا اليوم، على أن نضع فى الاعتبار عوامل الزمن وضرورة التغيير وأثر التطور التكنولوجى بمزاياه وعيوبه، ومؤامرة السمك الكبير (التى هى الدول الكبيرة) الذى يحاول أن يأكل السمك الصغير (الدول الصغيرة).. ودعونا نتذكر أننا بالذكاء والحيلة، وبالسياسة والتدبر يمكن أن ننجو من هذه الشبكة الخبيثة التى ينصبها لنا الكبار، والتاريخ يحكى -ومازال- عن الدول الناجية من هذه الشباك والمؤامرات التى تأخذ شكل المؤتمرات أحيانا.

دعونا نتدارس أحوالنا ونصطف حول بعضنا البعض لايغتب بعضنا بعضا، ولا يأكل بعضنا لحم أخيه حتى لانكرهه، وأشياء أخرى تعرف جيدا والتاريخ يحكى عنها تقوض الشعوب وتفشلها وتفشل تقدمها، وقالوا لنا «فى الليلة الظلماء يفتقد القمر»، وعندما أظلمت حياتنا أو كادت بعث الله لنا من أنفسنا ما جعلنا نقوى ونتكاتف ونخرج يدا واحدة بالملايين لندفع الظلم والفاشية.. ونجحنا.. وكانت قواتنا المسلحة الباسلة وشرطتنا الوطنية فى ظهرنا.. فاستقام عودنا وهزمنا ما كاد أن يأكل هويتنا.

واليوم.. كلنا يعرف ما نعانيه.. من الخارج والداخل أيضا، ولذا يجب علينا وعلى كل وطنى حبيب أن يتكاتف.. أن ينسى نفسه وأحواله الشخصية أمام خطر يهدد بلادنا.. وكاد أن يأكل زرعنا ويجفف مياهنا.. ونتذكر أن القمر الذى نفتقده فى هذه الأيام هو «قمر» العمل الجاد وقمر «الضمير الحي»، وقمر «إنكار الذات»، حتى يسطع نور قمر «الرجل العظيم»، «الوطنى الشجاع»، «السياسى بامتياز» الذى لايخشى فى الحق لومة لائم، «المهذب فى وقار»، و«القوى فى حنان»، «العامل بلا كلل» بدرجة رئيس الجمهورية، ولندعو معه دائما تحيا مصر.. تحيا مصر.. تحيا مصر «وطنى حبيبى».

ختاما.. تحية واجبة من «وطنى حبيبي»

1- إلى الجاليات المصرية فى الخارج التى غلبت جاليات الشر فى لندن وهزمتها شر هزيمة.

2- إلى العظيمة (جيهان السادات) حرم الرئيس البطل أنور السادات وهى تقف مدافعة فى هذا الوقت الحساس أمام مجلس العموم البريطانى دفاعا عن بلدها.

3- تحية إلى رجل الأعمال والناشر (صلاح دياب) الذى امتثل لكل هذه الغلظة والتجاوز فى استدعائه للتحقيق.. تصرف (صلاح دياب) برقى، ونجح فى اختبار قوة الأعصاب.. تصرف الرجل تصرف الكبار أمام خشونة وتجاوز فى اللياقة.. والآن والأمر كله أمام قضائنا الشامخ.. نثق فى الرجال وفى «وطنى حبيبى» حماه الله وأبقاه لنا شامخا يحمينا ونستظل بسمائه دوما (وطنى حبيبى).