في ذكرى ميلاده.. تعرف على وزير الدفاع لحرب أكتوبر 73

تقارير وحوارات

بوابة الفجر


تحل اليوم ذكرى ميلاد المشير "أحمد إسماعيل"، تزامناً مع احتفالات شهر أكتوبر المجيد، والذي خلد ذكرى حرب الشرف الكرامة، كذلك ضم إلى ذاكرته ميلاد أحد أبطال هذه الحرب، والقائد الأعلى لها، والذي عرف عنه حبه الشديد لوطنه وللقوات المسلحة، هذا الحب الذي دفعه إلى ترك الدراسة بكلية التجارة والالتحاق بالكلية الحربية. 

كما تميز البطل " أحمد إسماعيل على "، بدماثة الخلق والبساطة والشجاعة والتفاني في العمل والتمسك بالتقاليد والقيم العسكرية، كما تميزت عسكريته بالضبط والربط ، حيث كان يسخر كل إمكانياته لخدمة وراحة ضباطه وجنوده لأنه كان مؤمناً بأن الجندي المقاتل هو أثمن سلاح في المعركة.

حياته ونشأته
ولد القائد "أحمد إسماعيل علي" في 14 أكتوبر 1917م، في حي شبرا بمحافظة القاهرة، وكان والده ضابط شرطة، وكانت والدته قد أنجبت عدداً من البنات، ولما حملت فيه فكرت في إجهاض نفسها خشية أن يكون المولود الجديد بنتاً ولكنها تراجعت عن ذلك.

وبعد حصوله علي الثانوية العامة، حاول أحمد إسماعيل الالتحاق بالكلية الحربية ولكنه فشل فالتحق بكلية التجارة، وفي السنة الثانية بـ"التجارة" قدم أوراقه مع الرئيس الراحل أنور السادات إلي الكلية الحربية، لكن الكلية رفضت طلبهما معًا لأنهما من عامة الشعب إلا أنه لم ييأس. 

وكان الملك فؤاد الأول قد أصدر قراراً بقبول طلاب الكلية الحربية من عامة الشعب وكانت هذه الدفعة وما بعدها هي دفعة "الضباط الأحرار".

وبالفعل قدم أوراقه بعد أن أتم عامه الثالث بكلية التجارة، ليتم قبلوه أخيرًا ليتخرج فيها عام 1938 وكان من زملائه: "جمال عبد الناصر، ومحمد أنور السادات، وعبد المنعم رياض، ويوسف السباعى، وأحمد مظهر".

وتخرج عام 1938 برتبة ملازم ثان والتحق بسلاح المشاة، وسافر في بعثة التدريب بدير سفير بفلسطين عام 1945 م وجاء ترتيبه الأول على الضباط المصريين والإنجليز,

حياته العسكرية
بدأت موهبته تتألق في الحرب العالمية الثانية التي اشترك فيها كضابط مخابرات في الصحراء الغربية، كذلك في حرب فلسطين التي وصل فيها لرتبه  قائد لسرية مشاه في رفح وغزة، وتلك الخبرة أهلته ليكون أول من قام بإنشاء نواة قوات الصاعقة, أثناء العدوان الثلاثي الذي قامت به بريطانيا وفرنسا وإسرائيل على مصر في خريف عام 1956 كان برتبة عقيد وقاد اللواء الثالث مشاه في رفح ثم القنطرة شرق.

وفى عام 1957 م التحق بكلية  "مزونزا العسكرية"  بالاتحاد السوفيتى، وفى نفس العام عمل كبيراً للمعلمين في الكلية الحربية، وبعد ذلك تركها وتولى قيادة الفرقة الثانية مشاه التي أعاد تشكيلها لتكون أول تشكيل مقاتل في القوات المسلحة المصرية. في عام 1960.

وحاولت مراكز القوى الإطاحة به، وكان برتبة "عميد" وبعد عام 1967 م وجدت تلك المراكز مبرراً للإطاحة به، وبالفعل نجحوا في ذلك، ولكن الرئيس "جمال عبد الناصر" استدعاه وسلمه قيادة القوات شرق قناة السويس، وبعد ثلاثة شهور فقط من معارك 1967 أقام أول خط دفاعي كما قام بإعادة تنظيم هذه القوات وتدريبها وتسليحها، وبعد فترة وجيزة تمكنت هذه القوات أن تخوض معركة "رأس العش"، ومعركة "الجزيرة الخضراء"، وإغراق المدمرة الإسرائيلية "إيلات".

نكسة 67
بعد أيام من النكسة أصدر "جمال عبد الناصر" قرارا بإقالة عدد من الضباط وكبار القادة وكان من بينهم أحمد إسماعيل، وبعد أقل من 24 ساعة أمر عبد الناصر بإعادته للخدمة وتعيينه رئيسا لهيئة عمليات القوات المسلحة.

 وبعد استشهاد الفريق "عبد المنعم رياض" رئيس أركان حرب القوات المسلحة على الجبهة في التاسع من شهر مارس عام 1969 ،تولى رئاسة أركان حرب القوات المسلحة، وفى الثاني عشر من شهر سبتمبر عام 1969 تم إعفائه من منصبه بسبب انزال الزعفرانة وترك الحياة العسكرية
وبعد وفاة الرئيس عبد الناصر عام 1970 وتولى الرئيس أنور السادات تم تعيين أحمد إسماعيل في 15 مايو 1971 رئيساً للمخابرات العامة وبقى في هذا المنصب قرابة العام ونصف العام حتى 26 أكتوبر 1972 عندما أصدر الرئيس السادات قراراً بتعيينه وزيراً للحربية وقائداً عاما للقوات المسلحة خلفاً للفريق أول محمد صادق ليقود إسماعيل الجيش المصري في مرحلة من أدق المراحل لخوض ملحمة التحرير.

وفي 28 يناير 1973 عينته هيئة مجلس الدفاع العربي قائداً عاماً للجبهات الثلاث المصرية والسورية والأردنية.

حرب أكتوبر
وخلال عام 1972 قرر السادات إعفاء الفريق أول محمد صادق‏ وعين أحمد إسماعيل مدير جهاز المخابرات العامة لخلفيته العسكرية‏,‏ وحصوله علي أدق المعلومات عن قدرات الجيش الإسرائيلي بحكم منصبه‏,‏ وخوضه معارك ميدانية عديدة قبلها.

واستدعي السادات أحمد إسماعيل إلي منزله في الجيزة في 26 أكتوبر وكلفه بمنصب وزير الحربية والاستعداد للحرب بأسرع وقت‏,‏ وبأعلى درجات الكفاءة، وبالفعل بدأ أحمد إسماعيل ارتداء البدلة العسكرية من جديد وتولي أرفع منصب في الجيش وقيادة أخطر المعارك في تاريخ الوطن معركة أكتوبر‏.

وكان للمشير أحمد إسماعيل دور معنوي كبير وقيادي في حرب أكتوبر, حيث أنقذ الجبهة المصرية من الانهيار‏,‏ وبعد قرار السادات تطوير الهجوم وتوغل القوات المصرية لتخفيف الضغط علي الجبهة السورية حدث الخلاف الشهير بين الرئيس السادات ورئيس هيئة الأركان الفريق سعد الدين الشاذلي.

وقرر السادات إعفاء "الشاذلى" من منصبه بشكل مؤقت‏,‏ وكانت للفريق الشاذلي شعبية واسعة في الجيش بين كبار القادة والجنود‏,‏ إلي جانب أن الخلافات بدأت في عز اشتعال المقاومة الإسرائيلية وظهور ثغرة الدفرسوار‏,‏ بالإضافة إلي الحساسية التي كانت تسيطر علي علاقة إسماعيل والشاذلي‏,‏ وميل الأول إلي تأييد الرئيس علي حساب آراء رئيس الأركان في التعامل مع الثغرة‏.

وتولي إسماعيل قيادة هيئة الأركان بنفسه‏,‏ وعاونه المشير محمد عبد الغني الجمسي رئيس هيئة عمليات القوات المسلحة الذي جري تصعيده إلي المنصب رسميا مع انتهاء الحرب‏.‏ 

ونجح أحمد إسماعيل في الحفاظ علي وحدة الصف بين القادة‏,‏ وانصاع في الوقت نفسه إلي تعليمات القائد الأعلى للقوات المسلحة‏.

وبعد الحرب منحه الرئيس السادات رتبة المشير في 19 فبراير عام 1974 اعتباراً من السادس من أكتوبر عام 1973 وهي أرفع رتبة عسكرية مصرية وهو ثاني ضابط مصري يصل لهذه الرتبة بعد المشير عبد الحكيم عامر، كما حصل أيضاً علي نجمة سيناء من الطبقة الأولى وتم تعيينه في 26 أبريل 1974 نائبا لرئيس الوزراء.

"وفاته"
توفى "احمد إسماعيل"  الأربعاء ثاني أيام عيد الأضحى 25 ديسمبر 1974 عن عمر يناهز الـ57 عاما في أحد مستشفيات لندن، بعد إصابته بسرطان الرئة.

وجاءت وفاته بعد أيام من اختيار مجلة الجيش الأمريكي له كواحد من ضمن 50 شخصية عسكرية عالمية أضافت للحرب تكتيكاً جديداً.

توفى "إسماعيل" و لم يتمكن من كتابة أهم كتاب عن حرب أكتوبر لكنه كان يكرر دائما أن الحرب كانت منظمة ومدروسة جداً وأن كل صغيرة و كبيرة خضعت للدراسة وأن شيئا لم يحدث بالصدفة.