بالصور.."المراكب النيلية" بدون صيانة.. والمراكبية: "احنا بتوع كل حاجة"

تقارير وحوارات

بوابة الفجر


"نص ساعة بإتنين جنية .. وللعائلات" عبارة لم تكن غريبة على من يمرون بجانب كوبري قصر النيل، فتجد بأسفل الكوبري عشرات المراكب التي يصدر منها أصوات صاخبة للأغاني الشعبية واضائة ذات ألوان مُبهجة، يجذب من خلالها أصحابها الركاب.

عشرات المراكب النيلية أسفل كوبري قصر النيل، مثلها مثل عدد كبير من الأماكن التي تشبهها كـ"المعادي، القناطر، الوراق، المنيل"،  كلها أماكن يذهب إليها البسطاء ليشتموا رائحة الهواء ويقضوا ساعات قليلة ينسوا من خلالها متاعب الحياة، ليس لقضاء وقت يقضوا به على حياتهم ويكون مصيرهم "الغرق".

 تساؤلا كثيرة طرحت حول المسئول عن هذه المركب ووسائل الأمان فيها حتى يستطيع الركاب أن يشعروا بالأمن أثناء ركوبهم بها وعدم تعرضهم للغرق، خاصة بعد أن وقع مساء أمس الأربعاء حادث غرق مركب نيلي بعد اصطدامه بصندل لنقل البضائع، وكان يستقل ها المركب ما يقرب من 50 راكباً، بمجرى النيل بمنطقة الوراق بالجيزة، ذهبنا إلى مرسى المراكب النيلية بأسفل كوبري قصر النيل في منطقة التحرير، لسؤال أصحابها عن وسائل تأمين هذه المراكب، بالإضافة إلى معرفة من المسئول عنها؟.

 
احنا بتوع الصيانة

البداية كانت مع "سعيد"، ريس احدى المراكب النيلية، والذي كان يحاول اقناعي النزول لركوب مركبته بأنها عائلية، وحينما علم بأني "صحفية" أريد التحدث معه عن أحوال المراكب النيلية وسائقيها، سألني: "إنتي جايا علشان المركب اللي غرقت في الورق؟ .. هنا الوضع مُختلف .. ومصر كلها ها تخاف تركب مركب بعد اللي حصل".

وأكد سعيد، أن الظروف بالوراق كانت سبباً في غرق المركب، مشيراً إلى أنها كانت تسير في الظلام بالإضافة إلى تصادمها بـ"صندل بضائع"، وأن المراكب الكبيرة غير مسموح لها بالسير بالنيل ليلاً، الأمر الذي أدى إلى غرقها.

وبسؤاله عن صيانة المراكب والجهة المسئولة عن ذلك، رد قائلاً: "احنا بتوع الصيانة وكل حاجة"، موضحاً أن سائقي المراكب هم المسئولين عن صيانتها، لافتاً إلى أنهم يقومون بتعليم الأطفال "سواقة" المراكب، وأن أصغر سائق بمرسى التحرير عمره 18 عام، متابعاً: " بنعلم العيال ومش بأدي لحد المركب إلا لما يكون ميه الميه".

 ولفت أيضاً إلى أن المسطحات المائية تجري تفتيشاً يومياً على المراكب النيلية، مؤكداً أن من لم يوجد معه تراخيص لم يتحرك من المرسى.

التراخيص

وأضاف "محمود"، سائق بمركب، 28 عام، الذي قال: "أنا كبرت لاقيت نفسي على المراكب.. بدأت وأنا عمري 10 سنوات مع والدي"، وشدد على أن التراخيص هي أهم من أي صيانة للمركب، ومُرجعاً السبب وراء غرق مركب "الورق" إلى تحركها بالمساء وهي غير مصرح لها بذلك، بالإضافة إلى واقعة التصادم.

وأوضح أن المراكب بمرسى التحرير تكون مؤمنة أكثر خاصة وأن أي سائق لا يتحرك الا ويكون معه مساعد إنقاذ لمساعدته حال وقوع أي طارئة، وعن عدد الرحلات اليومية، قال: "احنا بنعمل الرحلات كتير في اليوم طول ما هو معانا ماتور شغال بنتحرك بالمركب وما بيحصلش حاجة".

مركب بدون "ريس"

وأوضح محمد، 28 عام، خريج كلية الحقوق، وسائق مركب، أن أي مركب لها عدد من الركاب بحسب الترخيص الذي حصلت عليه، مشيراً إلى أن هذا العدد يتراوح ما بين 5 حتى 100 فرد بالمركب، بالإضافة إلى طاقم بحري مكون من "ريس ومساعد ميكانيكي بحاري مهمته تربيط أدوات الأمان والإنقاذ  المكونة من طوق نجاه وسيديري نجاة ، بالإضافة إلى إثنين مقداف وبلطة".

وأضاف "محمد" أن ريس المركب لابد أن يكون مساعد ميكانيكي حتى يتثنى له صيانة أي عطل فني، بالإضافة إلى مهمته بتدريب الطاقم المساعد له، مستكملاً أن التراخيص هي الأمر الوحيد الذي يتوقف عليه تحرك المركب أو منعها، مشيراً إلى أن بعض المراكب يتم ايقافها من قبل الملاحة النهرية بسبب التراخيص.

 ونوه إلى أن غالبية المراسي النيلية بمناطق "المعادي، بنها، الوراق، القناطر" المراكب فيها غير حاصلة على أي تراخيص، وأن التراخيص الموجودة معهم هي "ثابت" و"مجرور"، أي تكون مكانها أو تتحرك عن طريق مركب أخرى، فضلاً عن أن معظم المراكب تتحرك بدون ريس ويقودها أطفال سنهم أقل من 16  عام.

   من المسؤول؟

ومن جانبه، أوضح محمد شحاتة، رئيس مجلس إدارة الجمعية المصرية للنقل، إن الملاحة بنهر النيل يتم الإشراف عليها من عدة جهات هي السلامة البحرية والنقل النهري، والمحافظات وعدد من الجهات الأخرى، منوهاً إلى أن هذا الأمر أدى في النهاية لعدم وجود مسئول واحد يمكنه وضع مخطط عام للملاحة بنهر النيل، وهو ما أدى لتعطيل مشروعات النقل النهري كاملة على مدار السنوات الماضية.

وأضاف شحاتة، أن حوادث غرق المراكب النيلية تحتاج إلى تشكيل لجنة لوضع أسس تشريعية وقانونية وفنية للملاحة بنهر النيل، مؤكداً أن هذه الحوادث ترجع لعدم وجود إشراف على نهر النيل نهائيًا.