نادية صالح تكتب: صورة ورسالة

مقالات الرأي




مع كل حزنى مثلما حال الملايين من المصريين على استشهاد النائب العام المستشار الجليل هشام بركات، بعد جريمة إرهابية خسيسة، وقفت صورته تحادثنى وتحاورنى - وقد ملأت الشاشات كلها-، وأنا لم أشرف بمعرفته شخصيا ولم أقابله.. لكننى كنت أتابع تصريحاته ومواقفه الوطنية مدافعا جريئا عن الحق وصوتا أمينا للشعب وضد الإرهاب وصنَّاعه وكنت من المعجبات بالأمانة والشجاعة فيها، وللحق كان الرحيل فاجعة، بعدما تأرجحت الأنباء حول الإصابة وتصورنا أنه «نجا» منها، لكن الله كتب له الاستشهاد جزاء وطنيته ودفاعه عن الحق، وبعد خبر الاستشهاد توقفت الحياة فى مصر إلا من أخبار الجريمة والاستشهاد والجرحى الذين يعالجون حتى الآن وقد بلغ عددهم تسعة من المرافقين له، ووسط كل الأحزان حادثتنى صورته.. صدقونى.. حادثتنى الصورة ودار بينى وبينها هذا الحوار:

أنا: سيادة النائب العام.. كم تمنيت أن أقابلك شخصيا لأسمع منك وأتعرف على تاريخك العائلى، وأساتذتك منذ الطفولة وحتى الشباب، وأشياء كثيرة.

سيادة النائب العام: أنا مصرى مثلما كل مصرى، نشأت فى أسرة متحابة، رضعت حب مصر، وعرفت أن الله موجود وإذا كنت لا أراه فهو يرانى، وتعلمت ألا أخاف إلا الله.. العلى القدير، وتثقفت على كتب العقاد وعبقرياته، وروايات نجيب محفوظ فى تصوير الحياة المصرية بأدق تفاصيلها حتى وصل بها للعالمية وحصل على نوبل.

أنا: ومن يقف وراء شجاعتك التى تعكسها نظرتك وصورتك فى «رجولة» مستقيمة، ومصرية أصيلة، وتواضع لله.

سيادة النائب العام: أبى وأمى، وجدودى كلهم، عايشت بعضهم وحكوا لى عن بعضهم الآخر، ولا أنسى قصص البطولات التاريخية التى درستها وقرأت عنها لمصطفى كامل ومحمد فريد وغيرهما كثير من الأبطال.. وكم أحببت سيرة د.مصطفى محمود واعتداله الدينى ومعادلته التى عرفناها عنه فى «العلم والإيمان» والتى سجلها التاريخ ليعرفها الشباب والناس.

أنا: سيادة النائب العام.. ماذا تقول لنا وأنت فى الجنة بإذن الله ورحمته.

صورة النائب العام: اثبتوا ورابطوا، واعتصموا بحبل الله جميعا ولاتفرقوا.

أنا: سبقت دموعى تفكيرى وقلمى، أفقت على عمق المعانى التى بعثت بها صورة البطل الوطنى الشهيد محامى الشعب ونائبه العام بالملامح والقسمات،

أخيرا وليس آخرا..

يرحمك الله شهيدا ومعلما، وعزاء من القلب إلى أسرتك الصغيرة.. الزوجة والابن والابنة ومعهم -كما أتصور- أخوات ومعهم على ما اتصور حفيد.. استطاعت صورتهم التى رأيناها لأول مرة أن تعكس مدى الحزن الذى هو -ولابد- معناه ترابط ومودة ورحمة بين أفراد هذه الأسرة الصغيرة.. ولابد أن مصر كلها ورئيسها البطل عبدالفتاح السيسى وهو بينهم -لعل ذلك- بعضا من العزاء والترابط الذى هو سر هذه الشخصية المصرية العبقرية التى تعطينا القوة والصبر والله المستعان.