رحيل «سادات» راعية مسجد شبرا الخيمة

مقالات الرأي



لابد أن تسألوا من هى (سادات) هذه حتى نتأملها معك، نحن لانعرف إلا «سادات» واحد.. رئيسنا.. صاحب قرار الحرب والسلام، الذى اغتالته يد الغدر التى لاتعرف للإخلاص طريقا، تحسن إليهم فيطلقون عليك شرورهم، بل يغتالوك كما فعلوا مع الرئيس المؤمن أنور السادات، الذى أحب مصر وأخلص لها ومات من أجلها، أقول هذا وكلكم تعرفونه وتعرفون ما هو أكثر منه، لكن هذه السيدة التى لايعرفها أحد إلا من قابلها بالصدفة فى هذه الحياة وتحمل نفس الاسم (سادات).. سادات هذه ياسادة سيدة مصرية بسيطة من نبت هذه الأرض.. لم تتعلم .. هى لاتقرأ ولا تكتب ولكن ظلت طوال عمرها تتمنى أن تحفظ بعض الآيات كى تصلى لله رب العالمين وكما أمرنا، ولم أكن ممن ساعدوها على هذا الحفظ فأنا لا أقوى على التحفيظ أو التدريس بشكل عام، ولكن كان لها ما أرادت ووجدت من قام بتحفيظها وفوجئت بها تصلى وتقرأ بعض الآيات وتتقرب إلى الله، ولى معها قصة أحكيها لكم تكريما لمعانى الاخلاص والأمانة فى العمل، وإليكم حكايتى: فى مكتبى بماسبيرو.. دخل علىَّ أحدهم يقول: جايب لك هدية.. ست زى الألماظ حتساعدك وحتشكرينى عليها، وكان ذلك بالفعل هو ما جرى، عاشت معى لأكثر من عشرين عاما، حتى أصبحت «سادات» أختا لى، وجرى حبها وتقديرى لها فى دمى، ويا أيها السادة.. وأشهد الله أن الأمانة والنظافة والإخلاص فى العمل والذكاء الفطرى وخفة الظل المصرية كانوا يجتمعون فيها.. يرحمها الله بقدر ما أخلصت وسيرحمها بإذنه بقدر أمانتها، وقد أكرمها الله بعد أن تقاعدت بمرور السنوات فوجدت ضالتها فى خدمة أحد المساجد فى شبرا الخيمة، الذى جعلته قطعة من الجنة بنظافة لم تكلفها شيئا فقد كانت إحدى أهم سماتها حتى صار المسجد جاذبا للمصلين من فرط نظافته، ولم تنقطع عن زيارتى أبدا وقضاء بضعة أيام فى منزلى، وعندما سمعت بمرضى قطعت المسافة من شبرا الخيمة وحتى مستشفى السلام بالمعادى لتزورنى مطمئنة على صحتى، واستمر الحال حتى أقعدها المرض وثقل عليها، ولأننى وعدت حضراتكم أن أحكى لكم خصالها الأصيلة جاء اليوم الذى زارتنى فيه فى منزلى قائلة:

«أنا عارفة حملك تقيل وعارفة البير وغطاه تيجى أبيع البيت ونصرف منه أنا وأنت عشان نتعالج».. والله العظيم هذا ما حدث وما قالته (سادات) حبيبتى وسميرتى، ولا حظوا أن بيتها هذا الذى آواها هى وأولادها قد لاتتجاوز قيمته أجر يوم واحد وعلاج فى أحد المستشفيات لكنه الكرم المصرى والقلب الطيب والفطرة السليمة والرضا بما قدر الله، جعلها تحسبه وتراه قصرا وثروة كبيرة، وبعد كل هذا ألا تستحق هذه السيدة أن نتذكرها.. ونقدمها ونتأملها مثالا للمسلم والمسلمة الحقة، فى وقت عزَّت فيه القدوة وأساء -سامحهم الله- الكثيرون للاسلام السمح المعتدل الرحيم،، يرحمها الله مسلمة مؤمنة مخلصة صادقة أمينة.. يرحمك الله يا (سادات).