أحمد فايق يكتب : الداخلية والأولتراس إيد واحدة

مقالات الرأي



إذا كنت ممن يعشقون التخوين والتكفير بالله وبالوطن، فلن تجد نفسك فى هذه المساحة، فقد خصصت من أجل اللملمة ، جسد متمزق وأشلاء ملقاة فى مساحات شاسعة من الخلاف الفكرى والمذهبي، تاريخ من الدماء صنع فى وقت قصير، المعطيات تؤكد أنه من المستحيل أن يطبطب الله علينا ونتوافق ملحوظة مصطلح طبطبة الرب أخذته بتصرف من الرائعة إسعاد يونس ، المعطيات تقول لا يوجد ضابط أو جندى فى وزارة الداخلية ساهم فى تأمين مباراة كرة قدم إلا ونال نصيبه من السباب والقاذورات التى القيت فى وجهه، ولا يوجد مشجع أولتراس إلا وزار قسم شرطة أو سجنا وأخذ الواجب وزيادة، هذا هو الواقع الذى كان يجب على الجميع أن يعترف به، وزير الداخلية أقسم أنه لن يدخل جندى أو ضابط من عنده استاد كرة قدم لو عاد الجمهور لمباريات كرة القدم، وهذا حقه لأنه لا يريد أن يتحمل مسئولية مذبحة مثل بورسعيد، أو إهانة لرجاله، والاولتراس ومشجعو الكرة لا يجدون متعة فى الحياة دون أن يشجعوا نواديهم، ويفرغوا طاقة الحماس فى الانتماء إليه، هنا يجرى الخلط بين الامور. بعض مجموعات إعلام مصالح يهاجم الأولتراس ويحاكمهم بتهمة الانتماء لنادى، وتبدأ موجة من التخوين لا تقل عن إرهاب وتكفير الإخوان لبقية المصريين، مارس الإعلام مع الاولتراس لعبة الإقصاء طوال الوقت، دفعوا هؤلاء الشباب إلى الانعزال وعمل جيتو خاص بهم، ماذا تنتظرون من شباب لديه طاقة إيجابية يريدون بناء وطن، ولم يكن أمامهم سوى التخوين والسجن والتكفير، حتى حقهم فى حضور مباريات كرة القدم سلب منهم، لأن مافيا المصالح استخدموا بعضهم ورقة فى إدارة الصراع السياسى بمصر، هل الحل هو الإقصاء والعنف وتحويل شباب مصر إلى إرهابيين أم الاحتواء، هناك طبقة مصالح تريد الحل الأول، لأنه يضمن استمرار الصراع الداخلى فى الوطن، ولكن هل تتحمل الدولة هذا الانشقاق الدائم؟ وهل يصلح العنف حلا؟

أسئلة لم يطرحها المطبلون من الإعلاميين، بل كانوا يطالبون الشرطة بالقمع، لم يدع أحدهم إلى الحوار، أو التقارب، أصبح هناك ثأر شخصى بينهم وبين شباب الاولتراس، شكا بعض الإعلاميين من تعرضهم للضرب والسباب من الاولتراس، لكنهم لم ينظروا إلى أنفسهم وهم يمارسون العنف والتحريض على شباب فى العشرينات من عمرهم على فضائياتهم المشبوهة، المصالح أصبحت متداخلة وبعضهم يلعب دور الاهلى والزمالك والحكم والجمهور، كيف تكون عضو اتحاد كرة أو مسئولا رياضيا ورجل أعمال ترسم سياسات الكرة فى مصر وتعقد الصفقات الرياضية وفى نفس اليوم مساء تتحدث من الشاشة وتحلل سياسات الكرة التى رسمتها صباحا أو تنتقدها!

لكن هناك دائما أملا.. الامل بدأ من مجموعة شباب مؤسسة اسمعونا فيه أمل، وهم مجموعة من المتفائلين بمستقبل مصر، قرروا تحويل الطاقة السلبية فى المجتمع إلى طاقة إيجابية، أخذوا على عاتقهم واجبا وطنيا مقدسا وهو لملمة المصريين وجمعهم تحت علم واحد وهدف واحد وهو الأمل، منهم الكاتب الصحفى محمد فتحى والكاتب الصحفى محمد الدسوقى رشدى مدير تحرير اليوم السابع ومصطفى زمزم وهيثم نبيل وغيرهم من خيرة شباب مصر، وسأترك الحكاية كما كتبوها على صفحتهم الرسمية، فمثل هذه الموضوعات لا تحتمل اجتهادات صحفية والفرقعة فيها تساوى مصير شباب وعائلات وربما وطن، قالوا فى بيانهم.

بفضل الله ستعود الجماهير للملاعب مرة أخرى، وتم الإعلان بالفعل عن ذلك اليوم

لكن كيف بدأ الموضوع، وكيف تم إحراز تقدم فيه رغم عدم نجاح كل المحاولات السابقة من أطراف أخرى؟

وكيف يجب أن يعلم الجميع أن الموضوع خطوة أولى، وأن التفاصيل القادمة هى الأهم وسيتم بذل الكثير من المجهود فيها؟

الموضوع بدأ فى لقاء شباب الإعلاميين برئيس الجمهورية..

قبيل النهاية تحدث كريم رمزى عن الأولتراس وسأل الرئيس عن رأيه فيهم، فأجاب أنه مع الحوار وليس مع الاشتباك، وأشاد بهم، فى خلال هذه الفترة كان الأمر نفسه على مائدة صديقنا هيثم نبيل الذى قدم مبادرة شاملة وافية إلى اسمعونا ، دعا فيها إلى عودة الجمهور للملاعب، والتواصل مع الأولتراس من جهة والأطراف الفاعلة فى الدولة من جهة أخرى.

تفاعلت (اسمعونا) مع المبادرة، ثم كان المشهد الأجمل والأبرز فى نهائى الكونفيدرالية بعد اللوحة الرائعة التى قدمها الجماهير ومطلبهم الواضح للعودة.

التحية قوبلت بأحسن منها حين أشاد رئيس الجمهورية بالجمهور فى بيان رسمى.

ثم وجهت لهم وزارة الداخلية الشكر فى بيان رسمى فى بادرة ربما لم تحدث قبل ذلك.

وهذا ما زاد من رغبة هيثم نبيل واسمعونا فى تنفيذ المبادرة، لاسيما بعد أن كتب عنها هيثم فى يالاكورا مقالاً بديعاً، ثم فوجئنا بطلب رئيس الجمهورية للقائنا للحديث عن المبادرات، وفى اللقاء، طرح هيثم رؤيته بشكل كامل ومدروس.

وأشار إلى نقاط لم تكن الدولة تعلمها عن الأولتراس، مشيراً إلى أن التعامل معهم فى الوقت السابق كان تعاملاً غير مدروس، ويحتاج لوعى أكبر، ومعرفة بطبيعتهم، ومحاولة التواصل والحوار معهم بدلاً من الاشتباك.

وكان الرئيس مهتماً، وسأل: هتساعدونى؟

قلنا: نعم.. هنساعد طالما هناك رغبة فى هذا الأمر

بعدها تشكلت مجموعتا عمل:

مجموعة كان يقودها هيثم نبيل ود.محمد عبدالعزيز

ومجموعة أخرى كان يقودها شريف أسعد.

وكلتهما يعملان بتنسيق كامل للتواصل مع الأولتراس الذين كانوا بصراحة على مستوى المسئولية، وتعاملوا مع المبادرة بمنتهى الاحترام والتقدير والمرونة والاخلاص.

ثم تم التعامل مع الدائرة الأخرى الحساسة

دائرة وزارة الداخلية.

واستطعنا تدبير موعد مع الوزير ساعدنا فيه أحد كبار الإعلاميين (لم نستأذنه فى ذكر اسمه ولذلك لم نذكره)

وجلسنا مع وزير الداخلية لساعتين كاملتين..

ثم تم تحديد جلسة أخرى

حضرها ممثلاً عن الأولتراس (بناء على طلبهم) أحد أعضاء مجلس إدارة الأهلى الذى حمل وجهة نظرهم بشخصه وليس بصفته، والذى استجاب لاسمعونا وحضر لقاء وزير الداخلية الثانى مع ممثل اسمعونا شريف أسعد .

ثم كان الاتفاق على عودة الجماهير، مع ضوابط سيتم عرضها، وإيضاحها خلال الأيام القليلة القادمة بعد التنسيق مع كل الأطراف ليكون الأمر بمثابة ميثاق شرف حقيقى يتم تنفيذه من كل الأطراف..

المشجع يظل مشجعاً وله احترامه وله مدرجه، ورجل الأمن يظل عنصر إنفاذ القانون، ولا شىء إلا القانون، والعلاقة علاقة تعاون وتكامل، وليس علاقة اشتباك وعداوة

واليوم تم الإعلان عن الأمر..

وهى الخطوة الأولى التى بدأتها اسمعونا استجابة لدعوة رئيس الجمهورية للمشاركة فى حل الأزمة، وعبر التواصل مع الجهات المعنية بالأمر. وسيتبع الأمر عدة خطوات يتم الإعلان عنها تباعاً لإعطاء نموذج فى تعاون المبادرات المجتمعية مع صانع القرار فى إدارة الأزمات.

خطوات خاصة بأعداد الجماهير، وبضوابط حضورهم فى المباريات التى تحمل حساسية معينة، وتستدعى وجود جمهور فريق واحد على غرار ما يحدث فى الليجا الإسبانية، إلى جانب التفكير بشكل جدى فى وجود شركة لتأمين الملاعب، وغيرها من التفاصيل الجارى التواصل فيها بالتنسيق مع رئاسة الجمهورية، وعدنا فأوفينا، وسنكمل ما بدأناه.

هذا البيان وهذه القصة نموذج يجب أن نسير عليه جميعا فى حل مشاكل مصر، شباب يبتكر ورئيس يستجيب ولديه خيال لمستقبل بلاده ومؤسسات تبذل جهدا فى لم الشمل، وإعلام صحى يرعى هذا، لو أديرت أزمات مصر بنفس الطريقة سيرحمنا الله من مشاكلنا، وسنصل إلى مصر التى فى خاطرنا جميعا.. اسمعونا فيه أمل.