تحرير سيناء.. كيف استردت مصر أرضها من العدو الإسرائيلي؟

تقارير وحوارات

تحرير سيناء
تحرير سيناء

يتم الاحتفال في الخامس والعشرين من أبريل من كل عام بذكرى تحرير سيناء في مصر، وتكون هذه المناسبة للاحتفال بالقوات المسلحة أيضًا. سيناء هي أرض مقدسة ومعبر للأنبياء، وهي تحمل أهمية استراتيجية عميقة لمصر وتحتل مكانة راسخة في قلوب جميع المصريين. 

تحرير سيناء 

إن يوم تحرير سيناء يحمل ذكرى خاصة في قلوب كل مصري، حيث تجسد ملحمة استعادة الأرض ليست فقط انتصارًا عسكريًا ودبلوماسيًا، بل أصبحت نموذجًا خالدًا للقهر لليأس والإحباط بهدف استعادة الكرامة في المجال العسكري والسياسي.

يحتفل المصريون في الخامس والعشرين من أبريل من كل عام بعيد تحرير سيناء. تم تحرير سيناء من الاحتلال الإسرائيلي في عام 1982، وتم استكمال عملية التحرير بعودة طابا في عام 1988. بعد حرب يونيو 1967، أحتل الاحتلال الإسرائيلي سيناء بالكامل، وبدأت بعدها معركة المقاومة المسلحة بين الجيش والشعب في حرب الاستنزاف، وانتهت بملحمة النصر الكبرى في أكتوبر 1973.

بعد نصر أكتوبر، بدأت معركة دبلوماسية جديدة بين مصر وإسرائيل، وكانت بدايتها في عام 1974 و1975 مع المفاوضات لفصل القوات المصرية والإسرائيلية. ثم جاءت مفاوضات كامب ديفيد التي أدت إلى إطار السلام في الشرق الأوسط، وتم توقيع معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل في عام 1979.

في الخامس والعشرين من إبريل عام 1982، قام الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك برفع العلم المصري فوق شبه جزيرة سيناء بعد استعادتها بالكامل من إسرائيل. وكان هذا الحدث الأخير في سلسلة من الصراعات الطويلة بين مصر وإسرائيل، التي انتهت بنجاح السياسة والعسكرة المصرية في استعادة كامل أراضيها.

في أكتوبر ونوفمبر عام 1973، تمت مباحثات الكيلو 101 وهي التي فتحت الباب أمام المحادثات السياسية لتحقيق تسوية دائمة في الشرق الأوسط. تم التوقيع على اتفاقية في 11 نوفمبر 1973 تنص على وقف إطلاق النار وضمان وصول الإمدادات اليومية إلى مدينة السويس، وكذلك مراقبة الطريق من قبل قوات الطوارئ الدولية، تبعًا للاتفاقية. تضمن هذا الاتفاق مرحلة افتتاحية هامة نحو إقامة سلام دائم وعادل في منطقة الشرق الأوسط.


في يناير 1974، تم التوقيع على الاتفاقية الأولى لفض الاشتباك بين مصر وإسرائيل، حيث تم تحديد الخط الذي ستنسحب إليه القوات الإسرائيلية على مسافة 30 كيلومترًا شرق القناة، بالإضافة إلى تحديد خطوط منطقة الفصل بين القوات، التي سترابط فيها قوات الطوارئ الدولية. وفي سبتمبر 1975، تم التوقيع على الاتفاقية الثانية، حيث تقدمت مصر إلى خطوط جديدة، مستردة نحو 4500 كيلومتر مربع من أراضي سيناء. ومن بين النقاط الهامة التي تضمنها الاتفاق الثاني أن النزاع في الشرق الأوسط لن يتم حسمه بالقوة العسكرية، بل بالوسائل السلمية.


السادات في مدينة القدس الفلسطينية

خطف الرئيس الراحل أنور السادات الأنظار، وذلك في نوفمبر 1977، بزيارته الرمزية للقدس، كانت هذه الخطوة ليست مجرد زيارة، بل كانت رمزًا لتغيير جذري في العلاقات العربية الإسرائيلية. بعد خطابه التاريخي أمام مجلس الشعب المصري، أعلن استعداده للذهاب إلى إسرائيل من أجل تحقيق السلام.

وفي ذلك الوقت الحاسم، دخل السادات أرض السلام، وألقى كلمته أمام الكنيست الإسرائيلي، مقدمًا خطته للسلام التي تتألف من خمسة أسس أساسية. هذه الأسس لم تكن مجرد كلمات، بل كانت رؤية واضحة لتحقيق السلام المستدام:

- إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية التي احتلتها عام 1967.
- تحقيق حقوق الشعب الفلسطيني الأساسية وحقه في تقرير المصير، بما في ذلك حقه في إنشاء دولته.
- تأمين السلام والأمان لكل دول المنطقة، وضمان الحدود والاستقرار بوسائل سلمية وموثوقة.
- إدارة العلاقات بين دول المنطقة بما يتماشى مع ميثاق الأمم المتحدة، مع التزام بعدم استخدام القوة وحل النزاعات بشكل سلمي.
- إنهاء حالة الحرب المستمرة في المنطقة، وتحقيق السلام الدائم.


مؤتمر كامب ديفيد

في الخامس من سبتمبر 1978، وافقت مصر وإسرائيل على دعوة أمريكية لعقد مؤتمر ثلاثي في كامب ديفيد بالولايات المتحدة. وكان هذا المؤتمر بمثابة نقطة تحول حاسمة نحو السلام في المنطقة.

يوم 17 سبتمبر 1978، تم الإعلان عن التوصل لاتفاق تاريخي بين مصر وإسرائيل، ويوم 18 سبتمبر 1978، وقع الرئيسان الراحلان أنور السادات ومناحيم بيغن على وثيقة كامب ديفيد في البيت الأبيض. هذه الوثيقة كانت تعتبر خطوة هامة نحو تحقيق السلام في المنطقة.

تضمنت الوثيقة الأولى بيانًا يؤكد على ضرورة السلام في الشرق الأوسط وفقًا لمبادئ الميثاق الدولي وقرارات مجلس الأمن، والتزام كل الدول المعنية بالتفاوض لتحقيق السلام والأمن في المنطقة، أما الوثيقة الثانية، فقد تم توقيع معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل في 26 مارس 1979، تأكيدًا على رغبة البلدين في بناء علاقات سلمية ومستقرة في المستقبل.

خروج الاحتلال الاسرائيلي من سيناء

عندما أُبرمت معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل، فتحت أبواب الأمل لعودة سيناء إلى حضن مصر، واستعادة السيادة المصرية على كامل ترابها المصري. وتم تحديد جدول زمني دقيق للانسحاب الإسرائيلي المرحلي من شبه جزيرة سيناء، وكانت اللحظات الرئيسية كالتالي:

- في 26 مايو 1979، ارتفع العلم المصري فوق مدينة العريش، وانسحبت إسرائيل من خط "العريش / رأس محمد"، بدءًا من تنفيذ اتفاقية السلام.
- في 26 يوليو 1979، بدأ الانسحاب الإسرائيلي من سيناء بالمرحلة الثانية، من "أبوزنيبة حتى أبو خربة".
- في 19 نوفمبر 1979، تم تسليم سلطات محافظة جنوب سيناء من القوات المسلحة المصرية بعد أداء دورها في تحرير الأرض وتحقيق السلام.
- في نفس اليوم، تم الانسحاب الإسرائيلي من منطقة "سانت كاترين ووادي الطور"، وأُعلن اليوم الوطني لمحافظة جنوب سيناء.
- وفي يوم 25 أبريل 1982، عاد العلم المصري ليُرفع على حدود مصر الشرقية، في مدينة رفح بشمال سيناء وشرم الشيخ بجنوبها، وبذلك استكمل الانسحاب الإسرائيلي من سيناء بعد عقود من الاحتلال.

وهذا اليوم أصبح عيدًا قوميًا في مصر، يُحتفل به كتذكير بتحرير كل شبر من تراب سيناء.

وأظهر الاحتلال الاسرائيلي خسته مرة أخرى ووقت الخروج رفضوا ترك الجزء الأخير، الذي تجلى فيه التحدي بمشكلة طابا، أثناء انسحاب إسرائيل من سيناء، حيث شهدت المعركة الدبلوماسية لتحرير هذه البقعة تجسيدًا للجهود المصرية المتواصلة على مدى سبع سنوات.

وفي 19 مارس 1989، رفع الرئيس السابق محمد حسني مبارك العلم المصري فوق طابا المصرية.