وجهة نظر || أغيثونا.. كلنا فاسدون !

الفجر الرياضي

بوابة الفجر

عاشت رائعة المخرج عاطف الطيب "ضد الحكومة" في أذهاننا لسنوات وسنوات بعد أن لمست مرارة الواقع الذي نعيشه في هذه البلاد وتفشى الإهمال والفساد في كل نواحي المحروسة.

 

فحينما كتب بشير الديك سيناريو "المرافعة التاريخية" الذي قدمه العبقري أحمد زكي جاءت جملة يبدو وأنها أصبحت بيت القصيد في معظم أزماتنا الحقيقية التي نعيشها وهي أننا "كلنا فاسدون.. لا أستثني أحد".. فالجميع يشارك في الأزمات التي نعيشها ولا نستثني أحد.

 

القصة في الفيلم والحادثة المفجعة لأوتوبيس مع قطار راح ضحيتها عشرات الأطفال، كان يراها "الدكتور عبدالنور" أنها قضية واضحة ومعروف المخطئ فيها وهو عامل التحويلة أو سائق القطار وهي النظرة القاصرة التي يراها البعض في مختلف الأزمات.

 

لكن الحقيقة التي أصر عليها "مصطفى خلف" الذي كان هو الأخر منغمس في الفساد لكنه حاول أن يستفيق  ويتحول لمحامي ثائر أكدها من منظوره بأن "كلنا فاسدون" وأن "المنظومة بالكامل يجب أن تتحمل مسئولياتها وليس مجرد عقاب الضلع الأخير بها أو الطرف الضعيف.

 

فمنذ ساعات ودعت مصر بطولة أمم إفريقيا من دور الستة عشر في كوت ديفوار على يد الكونغو بركلات الترجيح... وهنا نصطدم جميعا "بالحادثة"  وهي أمامنا والجميع يحللها ويتحدث عن أثارها وأسبابها.

 

هل تكون نظرتنا لمجرد "إقالة فيتوريا" وتعيين مدرب جديد كما كان يراها "دكتور عبدالنور".. أم نجد من يفتح الباب للحساب الكامل والشامل لكل أطراف المنظومة التي وصلت بنا لهذا المصير.

 

بالمناسبة.. الخروج من دور الستة عشر في حد ذاته قد لا يكون الأمر الكارثي الذي نسعى من خلاله للتصحيح وإعادة الحسابات.. فمنتخب المغرب الذي شرف العرب والقارة السمراء في مونديال قطر الأخير كان قبلها بثلاث سنوات يودع بطولة أمم إفريقيا 2019 من نفس الدور وبنفس السيناريو بركلات الترجيح وأمام منتخب أقل من الكونغو وهو منتخب بنين.

 

فالكارثة ليست الخروج من دور الستة عشر.. الكارثة في كل ما وصلنا له من منظومة كرة القدم المصرية.. كل عناصر الصناعة تنغمس في الوضع ذاته.

 

نعم يا سادة.. الأمر الكارثي حقا في السنوات الماضية هو "كل" ما نعيشه في منظومة كرة القدم في مصر.. فالأكاديميات تؤكد أننا "كلنا فاسدون" وحقوق الرعاية وتوزيعها.. ومسابقات الناشئين.. وانتظام المسابقات الأساسية.. ومعدل الأعمار.. ونتائج الشباب والناشئين في إفريقيا.. "كلنا فاسدون".

 

وكلاء اللاعبين وصفقات تحت الترابيزة.. جمعية تدوير المدربين المحليين.. تعاقدات المدربين الأجانب.. ونوعية اللاعبين الأجانب.. بنود التعاقد ومعيار تحديد قيمة الصفقة.. الانتقالات الداخلية.. القرارات الخاصة برخص التدريب ورخص الأندية.. مديونيات الأندية.. ملف المنشطات.. ملف الجماهير.. الاستعداد للأولمبياد.. التجهيز للبطولات.. اللوائح.. عوائق الاستثمار الرياضي.. الإعلام الرياضي.. مجالس إدارات الأندية.. ملف صناعة كرة القدم بالكامل وملف صناعة الرياضة من الأساس بالكامل وبكل ما يضمه من التفاصيل الكبيرة والصغيرة يؤكد أننا أمام نفس المعنى المأسوي أننا "كلنا فاسدون".

 

يا سادة.. أنا ومعى المستقبل كله لا أعلم بمن نلوذ ولا لمن نلجأ.. فكلنا فاسدون.. ومن لديه حلول نقول له بأعلى صوت... أغيثونا... أغيثونا.

 


 

تهدينى بصيرتى.. وإن زاغ البصر
ويبقى الود موصولًا ما بقيت وجهة النظر

للتواصل مع الكاتب عبر الفيس بوك من هنا