جسر بين الأدب والشاشة.. تحويل الروايات إلى أعمال فنية فكرة متوارثة عبر العصور

الفجر الفني

أعمال فنية
أعمال فنية

تعتبر فكرة تحويل الروايات إلى أعمال فنية من أبرز الأفكار التي احتلت عالم الفن منذ بداياته الأولى حتى الآن، فهي ليست وليدة العصر بل إنها فكرة تسللت وسُطرت تاريخًا عملاقًا بحروف العديد من الروائيين والأدباء والمفكرين، ليصبح الفن جسرًا وبوابة لمشاهدة الأدب دون قراءته.

وخلال هذا التقرير سنرصد بعض المزايا والعيوب والآراء المتابينة المتعلقة حول ذلك الأمر بالإضافة إلى الاستعانة ببعض النماذج التي ما زالت عالقة في أذهان الكثيرين.

فالمزايا متعددة ومن أبرزها أن تحويل الكتب إلى أفلام يسمح بتجسيد الشخصيات والمشاهد بطريقة بصرية ما يضيف أبعادًا جديدة للقصة كما يتيح للمشاهدين فهم أعمق للشخصيات والسياق الثقافي بشكل مرئي، كما يمكن للتحويل السينمائي أو التلفزيوني إضافة عناصر جديدة أو تفاصيل تثري القصة وتجعلها أكثر جاذبية للجماهير.

وعلى الرغم من متعة التجربة، إلا أن هذا التحول يثير أحيانًا تحفظات القراء اللذين يشعرون بأن التجسيد البصري قد يفقد بعضًا من جماليات النص الأصلي، كما أن بعض المحاولات لتحويل الكتب قد تفشل في تقديم رؤية فنية قوية أو في تلبية توقعات الجمهور، مما يؤثر على سمعة العمل سواء الفني أو الأدبي.

اقتباس السينما والدراما من الروايات والكتب

ولا يجب أن نغفل عن ذكر أبرز الأمثلة القديمة والحديثة المأخوذة عن أعمال روائيين مثل نجيب محفوظ وإحسان عبد القدوس وعبد الرحمن الشرقاوي ويوسف إدريس ويحيى حقي... إلخ

حيث قدمت السينما المصرية العديد من الأفلام المقتبسة في الخمسينيات السبعينات والثمانينات منهم فيلم "زينب" المأخوذ عن رواية "زينب" وفيلم "دعاء الكروان" وفيلم "لا تطفئ الشمس" وفيلم "الطريق المسدود" وفيلم" خان الخليلي" وفيلم "اللص والكلاب" وفيلم "البؤساء" وفيلم "أنا حرة" وفيلم "أرض النفاق" وفيلم "بين القصرين"  وفيلم "الباب المفتوح" وغيرهم من الأفلام الشهيرة 

أما عن حقبة الألفيات فنال الأمر شهرة أوسع في تاريخ السينما فبناءً عليه شاهدنا فيلم وعمارة يعقوبيان" و"هيبتا" و"تراب الماس" و"الفيل   الأزرق" " و"بضع ساعات في يوم ما" ويوجد غيرهم في الطريق إلى شاشات العرض.

ولا يجب أن نغفل عن الدراما والتلفزيون وأن نتطرق بالتحديد لواحد من أهم الروائيين والكُتاب الذي تحولت رواياته إلى مسلسلات، وإن لم يتم اقتباس المسلسلات منه فساهم في كتابتها وظلت عالقة في ذهننا حتى الآن هو  الراحل "أسامة أنور عكاشة" الذي ساهم في إخراج عدة مسلسلات إلى النور بسبب قلمه وتذوقه الفني مثل مسلسل "الشهد والدموع" ومسلسل "ليالي الحلمية" و"ابو العلا البشري" و"ضمير أبلة حكمت" و"زيزينا" ومؤخرًا "راجعين ياهوى".

نسرين أسامة أنور عكاشة وأعمال والدها

وعلى رغم من وفاته إلا أن أعماله مازالت قائمة وعلى قيد العرض والتحويل سواء كانت أفلام أو مسلسلات، وهذا ما أوضحته ابنته الإعلامية نسرين أنور عكاشة في تصريحات خاصة وقالت: "على الرغم من وفاة أبي إلا أعماله وروحه مازالت حاضره، فأعماله الأدبية كانت متنوعة وقابلة للتكيف مع الزمن، وتم إعادة صياغة بعضها لتواكب العصر لذلك هي حتى الآن قائمة، وعلى الرغم أنه توفى وهناك أعمال له لم تكتمل بعد، فـ أنا من الممكن أن أضع إمكانية لاستكمالها، ولكن مع ضمان وجود عناصر جودة"

وأفصحت عن رأيها في العجز الفني الذي تطلب التحويل وقالت: "يعزى إلى تقليل نوعيّة الأعمال الدرامية والفنية، ولكن هناك نقص في الكتّاب ذوي الجودة في مجال السيناريو وأرى أن استخدام روايات مكتوبة بقوة يُعتبر ضمانة للجودة".

وبخلاف الراحل "عكاشة" يوجد العديد من المسلسلات التي نالت على استحسان الجمهور وتميزت بنجاحها على الرغم من إنها مقتبسة مثل "حديث الصباح والمساء"، "لن أعيش في جلباب أبي"، "موجة حارة"، "أبو عمر المصري"  "واحة الغروب" "زودياك"، "ما وراء الطبيعة"، "غرفة 207" و"ذات" ومؤخرًا فيلم “الاسكندراني” الموجود بدور العرض حاليًا بطولة أحمد العوضي.

في النهاية، يظهر تحويل الروايات والكتب إلى أفلام ومسلسلات كجسر إبداعي يربط بين عوالم الورق والشاشة، حيث يتجسد الخيال بألوان الواقع ويصبح متاحًا لجمهور أوسع، فتكمن قوة هذه التحولات في قدرتها على إثراء الثقافة والترفيه، مما يمنح القصص الرائعة فرصة لتأثير أعمق ووصول أوسع إلى قلوب وعقول الجماهير حول العالم.