أحمد ياسر يكتب: ما الجديد.. وماذا يستطيع العالم أن يفعل؟

مقالات الرأي

أحمد ياسر
أحمد ياسر

إن ضربة حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر 2023، هي بمثابة تذكير للمجتمع الدولي بأن جماعة المقاومة الفلسطينية لا تزال موجودة، ومع تحول أعين حماس وانتباهها نحو حروب وأزمات أخرى، يبدو أن حماس راغبة في إعادة تقييم دعم المجتمع الدولي لفلسطين... فمنذ بداية الحرب المسلحة بين روسيا وأوكرانيا، أصبح الصراع الإسرائيلي الفلسطيني موضوعًا ثانويًا ومنسيًا.

   ومن وجهة نظر حماس فإن الهجوم على إسرائيل يحمل دافعًا مشروعًا: الرد على البؤس والاحتلال العسكري والحصار والعنف الذي يتحمله الفلسطينيون في القدس الشرقية، والضفة الغربية، وقطاع غزة لعقود من الزمن... إن هذا الكفاح المسلح الذي تقوم به حماس يمكن تبريره بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 37/43، الذي أكد على شرعية الكفاح المسلح من أجل الاستقلال وسلامة الأراضي والوحدة الوطنية والتحرر من السلطة الاستعمارية والفصل العنصري والاحتلال الأجنبي.

*معايير موضوعية*

    ويبدو أن الهجوم غير المتوقع الذي شنته حماس قد أثار رد فعل إسرائيلي مبالغ فيه، حيث شنت هجمات متفرقة وضخمة على غزة، موطن أكثر من 2.2 مليون فلسطيني... وقد أشارت منظمة هيومن رايتس ووتش إلى المنطقة على أنها "سجن مفتوح"، والهجمات الإسرائيلية موجهة نحوها، لأنه على الرغم من السيطرة والحصار الإسرائيليين، تظل المنطقة ذات أهمية حاسمة كمركز لمقاومة الشعب الفلسطيني للهيمنة الاستعمارية الإسرائيلية.

   وبحسب بيان رسمي صادر عن وزارة الصحة الفلسطينية بتاريخ 6 نوفمبر 2023، فقد أدى الهجوم الإسرائيلي على غزة إلى مقتل أكثر من 9000 مدني فلسطيني، بينهم نساء وأطفال وصحفيون وعاملون في المجال الطبي، كما أدت الهجمات الإسرائيلية المنهجية على فلسطين إلى تدمير العديد من البنى التحتية الحيوية، بما في ذلك المباني العامة والمواقع الدينية والمدارس والمستشفيات التي من الواضح أنها ليست أهدافًا عسكرية.

   لا يشكل الهجوم انتهاكًا أساسيًا للقيم الإنسانية فحسب، بل إنه أيضًا انتهاك خطير للقانون الدولي وقانون حقوق الإنسان والقانون الإنساني، وهو يفي بالمعايير الموضوعية للجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب.

   تجدر الإشارة إلى أن القانون الدولي الإنساني، وتحديدا اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949، ينظم حماية المدنيين ويحظر جميع أنواع الهجمات التي تشكل خطرا كبيرا على المدنيين والأعيان المدنية، وقد تم التأكيد على ذلك أيضًا في البروتوكول الأول لعام 1977، المادة 51، الفقرة 5 (ب).

   وفي الصراع الإسرائيلي الفلسطيني الحالي، انتهكت إسرائيل أيضًا عددًا من مبادئ القانون الإنساني الدولي... على سبيل المثال، فإن مبادئ الضرورة العسكرية، والتناسب، والتمييز، والإنسانية تقتضي من إسرائيل ضمان أن الهجوم لا يسفر عن إصابات أو أضرار مفرطة أو معاناة غير ضرورية، فضلا عن التمييز بين المقاتلين والمدنيين.

*القبضة*

   إن الصراع المسلح الذي طال أمده بين إسرائيل وفلسطين يشكل أكبر تهديد للسلام والأمن العالميين، وخاصة في الشرق الأوسط.

   إن اتفاقيات وقف إطلاق النار المتراكمة التي تم التوصل إليها بين إسرائيل وفلسطين ليست دائمة ولا تسمح حقًا "بتطبيع" العلاقات بين الطرفين... وفي النهاية فإن وقف إطلاق النار لم يسفر إلا عن استعادة الوضع الراهن، وخلال هذه الفترة من الوضع الراهن تستطيع إسرائيل أن تفرض أي "سياسة طموحة" على فلسطين من دون عوائق.

إن عجز المجتمع الدولي ومحدوديته عن اتخاذ خطوات ملموسة لحل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني دفع إسرائيل إلى الواجهة.... طوال فترة "الجمود" في التوصل إلى حل مثالي ودائم لهذا الصراع، استمرت إسرائيل في بناء المستوطنات غير القانونية وتوسيعها في الأراضي الفلسطينية، ولا سيما في الضفة الغربية والقدس الشرقية، بلا هوادة، مما لم يخلق أي احتمالات للتوصل إلى حل للصراع.... وقد قامت إسرائيل ببناء أكثر من 600 ألف مستوطنة غير قانونية في الأراضي الفلسطينية، بما في ذلك الضفة الغربية والقدس الشرقية، حتى الآن.

   وفي الواقع، فإن عددًا من قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، بما في ذلك القرارات 242، 252، 267، 298، 476، 478، 2334، وقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 3236، دعت إسرائيل صراحةً إلى إنهاء احتلالها وتوسعها الاستيطاني...... وتدعو هذه القرارات أيضًا إلى الاعتراف بسيادة الأراضي الفلسطينية ووحدة أراضيها واستقلالها السياسي.

   ومع ذلك، ومع الدعم السياسي القوي من الدول القوية مثل الولايات المتحدة، يبدو أن إسرائيل غير مهتمة بمعالجة هذه القضية، وتفضل بدلًا من ذلك مواصلة استراتيجيتها المتمثلة في ضم إسرائيل والضفة الغربية والقدس الشرقية وغزة في "قبضة واحدة". ".

*الدمار*

   وبالنظر إلى الوضع الحالي، حيث تتفاعل الدول والمنظمات الإقليمية مع الصراع الإسرائيلي الفلسطيني من خلال مقاربات منقسمة ومستقطبة للغاية... يعتقد عدد من الدول حول العالم أن "حل الدولتين" هو المسار الأفضل الذي يمكن اتخاذه الآن لإنهاء الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.

   ولكن في ضوء الظروف الحالية، تبدو فكرة حل الدولتين غير قابلة للتصديق، وخاصة عندما يتعلق الأمر بأحد الجوانب الأساسية للصراع الإسرائيلي الفلسطيني ــ "تقسيم الأراضي" بين إسرائيل وفلسطين.

   وفي أي مفاوضات محتملة وممكنة، ستكون فلسطين بلا شك في موقف غير متماثل، وغير قادرة على المطالبة بإعادة جميع الأراضي التي تسيطر عليها إسرائيل وتحتلها بشكل غير قانوني... ولهذا السبب فإن كسر "خط الصراع" بين إسرائيل وفلسطين أمر صعب.

   وفي الصراع الإسرائيلي الفلسطيني الحالي، يتعين على كافة الدول أن تبذل جهودًا سياسية حازمة للمطالبة بوقف إطلاق النار وحث إسرائيل على الالتزام بالقانون الدولي، والقانون الإنساني، والقانون الدولي لحقوق الإنسان... لأن العدوان الإسرائيلي المستمر (الهجمات) قد يؤدي إلى المزيد من الدمار، وربما حتى إبادة الشعب الفلسطيني.

    وفي الوقت نفسه، يجب أن تكون البلدان في جميع أنحاء العالم قادرة وراغبة في استخدام طاقتها ونفوذها وسلطاتها الدبلوماسية لتشجيع الأمم المتحدة (مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة) بشكل جماعي على اتخاذ تدابير حاسمة وبناءة وفعالة لتنفيذ جميع قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، ومعاقبة الانتهاكات الإسرائيلية، والتأكد من أن حقوق الشعب الفلسطيني حيوية ومهمة لحمايتها.

وأخيرا، كحل طويل الأمد، يجب على المجتمع الدولي أن يواصل الضغط على إسرائيل للاعتراف بفلسطين كدولة مستقلة ذات سيادة على أساس حدود عام 1967 وقرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 242، فضلا عن وضع حد فوري للعنف والحصار والانتهاكات غير المصرح بها....والبناء والاحتلال العسكري للأراضي الفلسطينية الذي بدأ عام 1967.... وبخلاف ذلك، يبدو تحقيق السلام أمرًا صعبًا.