أحمد ياسر يكتب: الحقيقة هي الضحية الأكبر في حرب غزة

مقالات الرأي

أحمد ياسر
أحمد ياسر

إن الخطاب حول الحرب على غزة يدور حول الصور والروايات، التي تشكل وتؤثر على الرأي العام وتحشد الدعم بقدر ما يتعلق بالواقع والمعاناة على الأرض.

الحرب الدعائية في أعلى مستوياتها... الحقيقة تموت ببطء بينما سكان غزة يختنقون دون كهرباء ولا ماء ولا طعام ولا وقود ولا إنترنت لإبقاء بؤسهم بعيدًا عن الأنظار وبعيدًا عن المنال.

 عقاب جماعي للأبرياء، وهو بمثابة جريمة حرب... قد يؤدي إلى "تطهير عرقي جماعي"، مبرر باسم الدفاع عن النفس. والآن تجبر إسرائيل أكثر من مليون من سكان غزة على الفرار بينما تشن غزوا بريا، وهو ما قد يؤدي إلى إبادة جماعية.

وفي الوقت نفسه، كان صناع القرار والممولون الذين يسيطرون على وسائل الإعلام الغربية السائدة يفرضون رواية محددة لإبقاء الجمهور جاهلا وموافقا على سياساتهم.

ومع ذلك، فإن عدد الصور ومقاطع الفيديو التي يتبادلها الناس في جميع أنحاء العالم هائل، وذلك بفضل الهواتف الذكية والتكنولوجيا الرقمية ووسائل التواصل الاجتماعي التي تكشف وتقدم رواية مختلفة.

وبالتالي، هناك تحول في الرأي العام، كما رأينا في المظاهرات العامة الحاشدة الداعمة لفلسطين في جميع أنحاء العالم الغربي لوقف انتهاكات إسرائيل للقانون الإنساني الدولي والقانون الدولي، والتي تشكل إحراجًا لحكوماتها التي تقف في الدعم الكامل لإسرائيل.

ردًا على ذلك، تتفشى المعلومات الخاطئة والمضللة، خاصة عندما تكون هناك محاولة متعمدة للتلاعب بالمحتوى والرسائل لنشر إطار عمل وأجندة معينة.

 لقد أصبح من السهل على الصحفيين ووسائل الإعلام الأكثر "احترافية" أن ينشروا ادعاءات لم يتم التحقق منها والتي عبر عنها زعماء العالم، وبالتالي تكثيف العداء وإشعال المزيد من العنف، الذي قد يمتد.

لقد فقدت معظم الحكومات الغربية تقريبا كل مصداقيتها وأرضيتها الأخلاقية الرفيعة، ومعها قواعدها المتعلقة بالقانون الدولي وحقوق الإنسان، حيث تغض الطرف عن عمد وتتخذ وجهة نظر أحادية الجانب، في حين تضغط على الآخرين لحملهم على رؤية الأمور من وجهة نظرهم..

إن الانتهاكات الصارخة للقانون الدولي والانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان التي ترتكبها إسرائيل، يتم التسامح معها ولا يتم تصنيفها على هذا النحو، بل يتم دعمها سياسيًا وعسكريًا.......حتى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس تعرض لهجوم شديد بسبب تعبيره عن القلق وبيان الحقائق حول جذور الصراع.

إن استهداف وإسكات الصحفيين، وترهيب شبكات الأخبار، ومضايقة منصات التواصل الاجتماعي لإزالة المنشورات وإغلاق الحسابات بسبب محتواها المؤيد للفلسطينيين، وحتى تجريم حمل العلم الفلسطيني، هي أعمال يفترض أنها من أعمال الديكتاتوريات والاستبداديين.

كلما زادت ازدواجية المعايير والتحيز والتقارير غير المتوازنة من خلال حصون الحرية، كلما أصبح من الصعب الدفاع عن حرية التعبير والدفاع عنها.

نحن نتضامن مع فلسطين وحقوق الفلسطينيين....نحن ندين استهداف جميع المدنيين الأبرياء؛ نحن ندين كل أعمال العنف.

 لكن ما يطلبه الغرب منا هو إدانة حق الفلسطينيين في المقاومة، وحقهم في العيش بكرامة وسلام. الأمر لا يتعلق بحماس..... هذا يتعلق بفلسطين ودعم حقوق الفلسطينيين.

لقد سخرت إسرائيل من القانون الدولي لعقود من الزمن، وقامت بتوسيع مستوطناتها، وضم الأراضي، وطرد الفلسطينيين من منازلهم وتهجيرهم بالقوة..... غزة تحت الحصار منذ 16 عاما.

 توصلت هيومن رايتس ووتش إلى أن القوات الإسرائيلية استخدمت أسلحة الفسفور الأبيض الكيميائية المحظورة على غزة ومواقع على طول الحدود الإسرائيلية اللبنانية.

 كل هذا تحت أنظار المنظمات الدولية والدول الغربية، لكن لم يتمكن أحد من اتخاذ أي إجراء فعال لوقف هذه الفظائع، ويدعو المجتمع الدولي بشكل عاجل إلى وقف إطلاق النار، وقد تمكن أخيرًا من إرسال بعض المساعدات الإنسانية التي تشتد الحاجة إليها لمنع وقوع المزيد من الكارثة.

لقد فشلت العديد من فرص ومبادرات السلام التي تم إطلاقها خلال العقود الأخيرة بسبب رفض إسرائيل الشديد الاعتراف بحقوق الفلسطينيين في إقامة دولة مستقلة والتزاماتهم كقوة احتلال.

وخطة السلام العربية التي اقترحتها المملكة العربية السعودية مطروحة على الطاولة منذ عام 2002.... وقد ظلت المملكة ثابتة على موقفها الداعم للقضية الفلسطينية.... وشدد ولي العهد الأمير محمد بن سلمان على أهمية وقف العملية العسكرية والتهدئة والتوصل إلى حل سلمي يضمن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني في تحقيق السلام العادل والدائم.

إن الدعم غير المشروط والمتواصل لإسرائيل لن ينهي الصراع ولن يؤدي إلى السلام.

الاستقطاب واضح.... العالم أصبح منقسما أكثر فأكثر.... الأمم المتحدة تقف عاجزة بسبب الانقسامات... وأعرب غوتيريس عن أسفه للانقسامات الداخلية والاستقطاب الذي يعيق الأمم المتحدة عن اتخاذ أي إجراء فعال، وهو ما شجع العديد من الدول على تحدي دورها في الحفاظ على السلام والأمن.

يبدو أن النظام الدولي ينهار..... هل ينشأ نظام عالمي جديد؟ ولكن أي نوع وبأي تأثير؟.....المساحة والوقت للحوار يضيقان.

هناك الكثير من المعلومات الخاطئة والتضليل وخطاب الكراهية والمحتوى المتحيز الذي يؤدي إلى المزيد من الاستقطاب والتوتر...... نحن بحاجة إلى أن نبقي عقلًا منفتحًا، وقلبًا مفتوحًا، وأعينًا مفتوحة لفهم القصة بأكملها والتصرف بتعاطف.

ولا يمكن أن يكون هناك سلام دون عدالة.