سمير فرج: بعض الإرهابيين الهاربين من مصر سيظهرون في السودان

أخبار مصر

اللواء سمير فرج
اللواء سمير فرج

ترتبط مصر بالقارة الإفريقية ارتباطًا وثيقًا منذ عهد التاريخ ويربطها بتاريخ القارة السمراء العديد من الأحداث والتحديات علي مر العصور، ومازالت مصر تفتخر بكونها جزءً لا يتجزأ من القارة الإفريقية وإمتدادًا تاريخيًا وجغرافيًا وحضاريًا لها، ولطالما دعمت مصر كثير من شعوب ودول إفريقيا خلال تاريخ مصر القديم والحديث ويجمعها علاقات قوية ومتينة مع شعوبها خلال التاريخ الحديث لمصر منذ قيام الجمهورية، ورغم الصراعات التي طالت العديد من الدول الإفريقية إلا أن القيادة السياسية لازالت داعمة للشعوب الإفريقية ومدافعة عن مقدراته وحرياته، ومنبرًا صادقًا للحديث عن مشاكل وطموحات القارة السمراء  خلال الفترة الماضية نالت العديد من الأحداث بعض الدول الإفريقية أثبت فيها مصر أها خير داعم لمنبعها الأم، لذلك كان حريًا بنا مناقشة تلك الأحداث والتحديات مع اللواء أركان حرب "سمير فرج " مستشار أكاديمية ناصر العسكرية للدراسات العليا إلى نص الحوار.

 

 

* ما تقييمك للدور المصري في القارة الإفريقية خلال الفترة السابقة ؟

مصر لها دور كبير في القارة الإفريقية ومازالت تفتخر كونها جزء لا يتجزأ من القارة السمراء  ولا أحد ينسى الدور العظيم الذي قام به الرئيس جمال عبد الناصر في إفريقيا منذ ميلاد الجمهورية، فمصر بوابة القارة الإفريقية للعالم ويجمعها مع الشعوب الإفريقية العديد من الثقافات والأمور المشتركة بل وتتشارك مع دول حوض النيل في نهر واحد، ومازالت مصر في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية تواصل جهودها لدعم القارة السمراء أمام العالم بل وتشارك في العديد من الفعاليات التي تجمع الشعوب والدول الإفريقية.

 

* ما تعليقك علي دعوات الإفروسنتريك الأخيرة حول الحضارة المصرية؟

كون تلك الدعوات وتلك الحركة والتي مركزها الولايات المتحدة الأمريكية له دلالات كثيرة، إلا أنني أستطيع القول أن التاريخ والحضارة المصرية والتي تمتد لألاف السنين لا يمكن تزييفها بسهولة أو التلاعب بها أو نسبها إلي فئة معينة فالتاريخ والحضارة المصرية متأصلة منذ الأزل ولها معالمها الواضحة على جدرانها في شتي بقاع محافظات المصرية من شمالها لجنوبها ومن شرقها لغربها، غير أن تلك الدعوات لم تصدر من متخصصين في بل هي دعوات من ناشطين أمريكيين، كل ما يريدوه هو نسب ما ليس لهم  إلا أن الحضارة المصرية العظيمة أكبر من أن يتم تزويرها أو سرقتها في كل الأحوال.

 

*في رأيك لماذا ظهرت تلك الدعوات خلال الفترة الحالية ؟

الفترة الحالية التي نعيشها مختلفة عن العصور السابقة فنحن في عصر السموات المفتوحة وحروب الجيل الرابع، وتلك الفترة مختلفة كونها تخاطب الأجيال الجديدة وهناك مخططات لفصل الأجيال الجديدة عن واقعهم وثقافتهم وحضارتهم التي ينتمون إليها  وهي من أخطر الفترات التي تكون فيها المعلومة سلاحًا ذو حادين، ومن هنا يتم التلاعب بالمعلومات وحتي التاريخ لفرض رؤي ومخططات علي المدى البعيد ولا يخفي على أحد أن المنصات التي تضخ حاليًا العديد من الأفلام والمسلسلات والبرامج تكون في الغالب ممولة وموجهه ولها أجندتها السياسية الثقافية التي تريد أن تفرضها علي المشاهد والمتابع لها، فهي احدي القوي الناعمة التي يتم استخدمها حاليًا لإختراق الحدود دون قوات عسكرية فهدفها اختراق العقول وتغيير الثقافات وطمس الهوية العربية والإفريقية.

 

* هل يمكن أن تؤثر تلك الدعوات “الإفروسنتريك” على الأمن القومي المصري في إفريقيا؟

كما قلت في السابق مصدر تلك الدعوات هي الولايات المتحدة الأمريكية ولم تصدر من دولة إفريقية، ولا تستند إلي حقائق أو وثائق بل أنها طالت أوروبا في فترة من الفترات، وعلاقة مصر بإفريقيا ودول القارة السمراء أكبر بكثير من تلك الدعوات التي طلقها البعض من أجل طمس الهوية أو الترويج لأفكار مغلوطة لتغيير الحضارات أو التاريخ في العديد من البلدان، ومصر تجمعها من الدول الإفريقية العديد من الثقافات والروابط التاريخية الحقيقية التي يجب التركيز عليها وإبرازها ولا يمكن أن تتأثر بمغالطات ليس لها أساس من الصحة.

 

* كيف تحقق مصر أمنها القومي في العمق الإفريقي ؟

تتبع القيادة المصرية الحالية سياسة متوازنة تجاه مسئوليتها للقارة الإفريقية وتدعم كافة الملفات التي تتعلق بالدول الإفريقية واستقرارها في العديد من المنابر والمحافل الدولية، وتشدد علي ضرورة دعم العالم لإفريقيا وتنمية الدول التي تنتمي لتك القارة، وتسارك مصر في العديد من الملفات الإفريقية التي تدعم المناخ والطاقة والتنمية المستدامة التي لتحقيق معدلات تنيمة حقيقية في القارة السمراء، وتشارك مصر جيرانها من القارة العديد من المشروعات الهامة التي تتعلق بالكهرباء والطاقة وتطوير البنية التحتية.

 

* ما تقييمك للصراع الدائر في السودان حاليًا ؟

للأسف الشديد انزلقت السودان نحو صراع مسلح بين القائد العام للجيش "عبد الفتاح البرهان" وبين قائد قوات الدعم السريع حمديتي، ولا يمكن معرفة من بدء الصراع والإشتباك أولًا، إلا أن الوضع الحالي بالتأكيد ليس في صالح المواطن السوداني الذي كان ينتظر تغيير وحياة كريمة لتحقيق متطلباته الحياتية، وملثما بدأ الصراع عسكريًا مسلحًا فسينتهي أيضًا بذلك الشكل وهو انتصار أحد الجبهتين في المعارك الدائرة فمن يستطيع الصمود للنهاية بالسلاح والعتاد سينتصر ولكن ستكون الخسائر كبيرة، ومن يستطيع السيطرة علي الخرطوم سيسيطر علي السودان   إلا أن وضع قوات الدعم السريع في المدن واشتباكها مع قوات البرهان قد يعقد إنهاء المسألة في القريب العاجل ويجعل الصراع قد يمتد لشهور طويلة خوفًا علي البنية التحتية وحياة المواطنين.

 

* ما تأثير الصراع الحالي في السودان على مصر؟

السودان امتداد لجمهورية مصر العربية وجارة شقيقة واستقرارها من أولويات القيادة السياسية المصرية، فالسودان كانت تشارك بمسئوليتها في تأمين حدودها الشمالية مع مصر من خلال قواتها ولكن بعد بدء الصراع بين قوات الجيش والدعم السريع بالتأكيد ستنخفض كفاءه تلك القوات السودانية في تأدية مهامها علي الحدود، ولكن مصر كانت بعيدة النظر بتدشين قاعدة برنيس لتأمين حدودها الجنوبية ذلك دعمت مصر من قواتها لتأمين حدودها الجنوبية خلال تلك الفترة، خوفًا من تسلسل عناصر إجرامية وإرهابية للحدود المصرية، خاصة بعد إتحام عدد من السجون السودانية وهروب عدد كبير منهم خلال الفترة السابقة.

 

* ما تقييمك لدور مصر وتحركاتها في أزمة السودان ؟

مصر أوضحت بشكل قاطع إنه ا لن تنحاز لأي طرف في الصراع بين عبد الفتاح البرهان قائد الجيش أو قائد قوات الدعم السريع وأن ما يحدث شأن داخلي وأن الخلافات التي تحدث علي الأراضي السودانية سيحلها الشعب السوداني وسيتجاوزها ويحقق ما هو أفضل له، وستنحاز مصر لما يختاره الشعب السوداني بالطبع أيًا كان من هو  أما عن دورها فمصر تستضيف إلي الأن ما يزيد عن 5 مليون سوداني علي أراضيها كغيرهم من أبناء الدول العربية المتضررة في ليبيا واليمن وسوريا والعراق، ولا بد أن تدعم دول العالم مصر كونها تستضيف عدد كبير من اللاجئين والنازحين خلال تلك الفترة.

 

* هل هناك مؤشرات لتدخل عسكري في السودان من قوي خارجية؟

استبعد أن يكون هناك تدخل خارجي عسكري في السودان من قوي دولية فما حدث في ليبيا واليمن وسوريا والعراق جعل دول العالم تتحرك بحرص وحذر فيما يحدث في الصراعات الداخلية خاصة في الدول العربية، فالولايات المتحدة الأمريكية كل ما يهمها أن لا يكون هناك وجود لروسيا في السودان خاصة بعد أن ألمحت في وقت سابق أنها ترغب في إقامة قاعد عسكرية في شرق السودان وهو ما يهدد المصالح الأمريكية في البحر الأحمر، كذلك الرئيس الأمريكي يتحرك بحذر شديد خلال الفترة الحالية فيما يخص السياسات الخارجية خاصة مع قرب الإنتخابات الأمريكية.

 

* ما أسوء السيناريوهات التي من الممكن أن تحدث خلال أزمة السودان؟

أسوء السيناريوهات أن يستمر الوضع لوقت طويل فهو يعني نقص في الموارد والطاقة والغذاء وبالتالي سيعاني المواطن السوداني بشكل كبير في الحصول علي أبسط متطلباته الحياتية من الدواء والغذاء والطاقة، وكذلك تدمير البنية التحتية الحالية في السودان، كذلك صعود عدد من التيارات الإسلامية للساحة مرة أخرى خصوصًا بعد العناصر الإرهابية التي هربت من مصر للسودان خلال السنوات السابقة، حتي يتثي لها استغلال الموقف مع القوي المتصارعة  كذلك التخوفات حول انفصال أقليم درافور الغني بالموارد والثروات الطبيعية مثل الذهب واليورانيوم وهو أخطر ما يمكن أن يحدث في الصراع الدائر في السودان حاليًا وهو ما لا نتمني حد.

 

* ما تفاصيل عودة الجنود المصريين من السودان ؟

قام جهاز المخابرات العامة وإدارة المخابرات الحربية والإستطلاع بالمشاركة في إجلاء الجنود المصريين الذين كانوا متواجدين في الأراضي السودانية بغرض التدريب العسكري المشترك وتم نقل 177 من الجنود ونقلهم لمطار مهجور لم يكن يستخدم يبعد 500 كم عن مطار مروي بالتعاون مع القوات المسلحة السودانية وتم تشغيل المطار وتأمينة من قبل مصر لنقل الجنود المصريين وخلال تحرك الجنود مع الصليب الأحمر تدخلت قوات النخبة من جهاز المخبارات العامة في منتصف المسافة لتأمين نقل الجنود لمقر الملحق العسكري.