د.حماد عبدالله يكتب: تمجيد الوسيلة وإهمال الغاية!!

مقالات الرأي

بوابة الفجر



لا بد من أن نعيد حساباتنا في تقديرنا للكفاءات القادرة في بلادنا على إخراجنا من أزماتنا، وأن نعطي تلك الكفاءات حقها، حيث بتلك الكفاءات الإنسانية تقدمت الحضارة الغربية الحديثة.
ولعل هذا ينطبق على مقولة هامة وهي " أن كل ما أصبح ممكنًا هو بالضرورة مرغوب فيه"!! ولعل من قرائتنا لنظريات التقدم في بلاد سبقتنا إقتصاديًا وإجتماعيًاً وسياسيًا نرى بأن الكفاءة هي المعيار الرئيسي والأساسي للتقدم إلى شغل وظيفة إدارية سواء كانت في شركة أو مصنع أو حتى حكومة على مستوياتها الإدارية المختلفة من مدير قطاع إلى مدير مكتب الوزير إلى الوزير نفسه، ولعلنا قد جربنا ذلك أخيرًا، حيث الكفاءة هي التى يمكن ان تكون قادرة على قيادتنا إلى بر الأمان بتكلفة أقل!!
ولعل قرائه سريعة في كتاب (الأمير) " لميكافيلي" والذى فيه يرفع لواء الدعوة إلى أن (الغاية تبرر الوسيلة) هو حقًا التفسير الصحيح للرسالة التى حملها هذا الكتاب للأجيال اللآحقه!! 
إلا أن الواقع الحادث اليوم والوارد في وكالات الأنباء عن الأحداث العالمية أو الأقليمية تثبت بأن الغاية سواء كانت نبيلة أو مجحفة ليست هي الهدف ولكن الوسيلة التى تُتْبع هي التى تستحق الدراسة وتستحق العناية من أصحاب القرارات المؤثرة في المجتمعات.
ولعل الكفاءة هنا من خلال ممارسات "ميكافيلية" تعطينا مفهوم أخر – إذًا ليس الكفاءة وحدها تهتم وتفتش بهدف النمو والتنمية، مع إهمال طبيعة هذه الأشياء التى تجرى تنميتها!!
ولعل هذا يقودنا إلى درس في الإقتصاد يقول "أن الإقتصادي لا يتدخل بتقييم الغايات أو الحاجات وتمحيص ملائمتها أو مشروعيتها أو أخلاقياتها" ليست هذه مهمته، وإنما مهمته هي تحقيق أكبر كفاءة تمكنه من توزيع الموارد (أي الوسائل) المحدده بين الحاجات أو الغايات غير المحدودة – فيكفي أن يكون الهدف مطلوبًا من بعض الناس ومستعدين لدفع ثمن له، فلا يهم بعد ذلك ما إذا كان جديرًا أو غير جدير بالسعي من أجله، ومن الإفتراضات الأساسية في نظرية الإستهلاك أن المستهلك يريد دائمًا المزيد، بصرف النظر عن هذا الذى يريد مزيدًا منه ( من كتابات المرحوم الأستاذ جلال أمين)  ولعل تقديس أو تقدير الكفاءه مع إهمال الهدف النهائي منها مثل تمجيد السرعة، بصرف النظر عن طبيعة العمل الذى تؤديه هذه السرعة مضاعفة سرعة المواصلات، بغض النظر عن جدوى الرحلة أصلًا، ومضاعفة كفاءة وسائل الإتصال ونقل المعلومات، أيًا كانت قيمة تلك المعلومات أو محتوى الرسالة التى يجرى توصيلها!!
إن تمجيد الوسيلة على حساب الغاية، يذكرنا بما يقوله ناقد للحضارة الغربية بأنهم قالوا " كل ما أصبح ممكنًا هو بالضرورة مرغوب فيه" – فإذا كان عبور الأطلنطي في ساعتين بدلًا من أربع ساعات قد أصبح ممكنًا تكنولوجيًا، فلا بد أنه جدير بالحصول عليه وتطبيقه!! الكفاءة في بلادنا ومنذ حقبات متعددة من الزمن أصبح لا قيمة لها – حيث إقترنت الإختيارات مره بأهل الثقة ومرات بأصحاب المصالح أو المعارف أو الأخوه والأقارب مليون مره، ورحم الله أهل الكفاءة في بلادنا!!

[email protected]