مي سمير تكتب: تقرير أمريكى يكشف عالم المخدرات السرى بمصر

مقالات الرأي

مي سمير
مي سمير

رغم الجهود الأمنية للحد من انتشارها

الهيروين فى المرتبة الأولى بـ ٣٢.١٥٪ يليه «الحشيش»

٣٩.٨٧٪ بدأوا التعاطى من سن ١٥ لـ ٢٠ عامًا

 


بعنوان «لماذا لا تزال تواجه صعوبة من أجل تناول المخدرات فى أكبر مدينة بالعالم العربى» نشر موقع vice الأمريكى الكندى تقريرًا عن عالم المخدرات السرى فى مصر، وحسب التقرير، تحاول مصر القضاء على تعاطى المخدرات منذ العصور الوسطى، ولكن على مدى فترة طويلة، كان الناس فى القاهرة يجدون طرقًا للحصول على المخدرات.

 

يبدأ التقرير برسم صورة لمشهد يبدأ مع غروب الشمس حيث تتسكع مجموعة من الشباب والمراهقين، بعضهم لا يزيد عمره على ١٦ عامًا، خارج مبنى من الطوب الأحمر بمحافظة الجيزة التى تعد جزءًا من العاصمة الكبرى القاهرة، بين الحين والآخر، يتقدم العملاء من أجل الحصول على أكياس الأفيون أو حبوب الترامادول أو «أصابع» الحشيش من علبة السجائر.

كل مساء فى هذا الحى بهذه المدينة التى يبلغ عدد سكانها ٢٥ مليون نسمة، حيث تقف الآثار التى يعود تاريخها إلى آلاف السنين إلى جانب غابة الحداثة الخرسانية المتداعية، يقف «عادل»، الذى تم تغيير اسمه لحماية هويته بسبب الخوف من الاعتقال، ويبيع المخدرات إلى أصدقائه.

أوضح التقرير: «على عكس بعض عصابات المخدرات فى ريو دى جانيرو، فإن معظم التجار فى القاهرة ليس لديهم الأموال أو الأسلحة لإبعاد رجال الشرطة، لذلك عندما تصل سيارات الدورية، فإنهم يتخلصون من المخدرات ويتفرقون، بالإضافة إلى القانون، فيحرص عادل على عدم لفت انتباه السكان المحليين، وكشف عادل كيف يرفض سكان مدينته قيامه ببيع المخدرات ويؤكد أنهم لا يقبلون أن يقوم ببيع المخدرات أمام منازلهم وفى حالة اكتشاف السكان لقيامه ببيع المخدرات يقومون بالاعتداء عليه وضربه».

وأضاف التقرير: «بعض الأمور لم تتغير منذ آلاف السنين، كان المصريون القدماء من بين أول من اختبر الإحساس المخدر للأفيون، واليوم على الرغم من أن مصر تشن حملات أمنية مكثفة للحد من انتشار المخدرات إلا أن مشهدا فريدًا من تداول المخدرات تحت الأرض يزدهر فى القاهرة، هنا يمكن العثور على مذاق للمواد المخدرة والمهدئات فى السوق السوداء، الحشيش والبانجو، سلالة جديدة من العقاقير الاصطناعية، ونفس الأفيون المحصود محليًا والذى كان موجودًا منذ آلاف السنين».

يرسم كاتب التقرير نيكو فوروبيوف صورة لمستخدمى المخدرات فى مصر الذين ينتمون لمختلف الطبقات، التقى موقع فوروبيوف مع الشاب القاهرى «سعيد»، وهو خريج إدارة الأعمال ويعمل فى مجال المبيعات، وقد رفض إعطاء اسمه الحقيقى خوفًا من الاعتقال والسجن، تحدث «سعيد» عن استخدامه للأفيون: قائلًا «أنت تفتح الكيس البلاستيكى، وتأخذ قطعة فى فمك وتضعها تحت لسانك أو بجانب لثتك، ثم فى غضون ساعة سوف تشعر بالدفء إنها لطيفة جدًا مع بعض الشاى»، على عكس ثقافات الأفيون الأخرى مثل إيران ومنطقة المثلث الذهبى فى جنوب شرق آسيا، بدلا من تدخينه من الأنبوب، يفضل المصريون امتصاصه».

 

رصد التقرير جهود الحكومة المصرية من أجل التصدى لظاهرة انتشار المخدرات، ففى السنوات الثلاث الماضية، كان هناك تصدى لانتشار المخدرات فى العاصمة، خوفًا من أن يفسد المجتمع من الداخل بسبب إدمان المخدرات، يخضع موظفو الخدمة المدنية الآن لاختبارات عشوائية للمخدرات، والعقوبات المفروضة على استخدام المخدرات تزداد قسوة، حيث يوجد حاليًا ١١ شخصًا ينتظرون تنفيذ حكم الإعدام فى جرائم المخدرات، يمكن أن يؤدى توزيع كميات كبيرة من الحشيش إلى عقوبة السجن مدى الحياة، والتى تترجم إلى ٢٥ عامًا فى السجن، أى شيء يزيد وزنه على عشرة كيلوجرامات يجعلك أيضًا غير مؤهل للحصول على عفو رئاسى، كما تفعل أى كمية من الهيروين، فى عام ٢٠١٧، حكم على امرأة بريطانية بالسجن ثلاث سنوات بعد محاولتها أخذ ٢٩٠ حبة ترامادول لمنتجع الغردقة المطل على البحر الأحمر، وتألق نجم كرة القدم المصرى وليفربول محمد صلاح فى حملة حكومية لمكافحة المخدرات تناشد الشباب لتجنب المخدرات.

كما خاضت مصر واحدة من الحروب الأولى على المخدرات. قبل ريتشارد نيكسون، وهارى أنسلغر - من أوائل المؤيدين للحرب على المخدرات - وحتى حروب الأفيون فى القرن التاسع عشر، ورد أن حكام القاهرة فى العصور الوسطى أمروا بهدم حقول القنب، فى وقت لاحق، فى ١٩٢٠، طلب الوفد المصرى فى عصبة الأمم أن توضع العشبة على قائمة المخدرات الأكثر خطورة، ولا تزال السلطات المصرية تتعامل بشدة وجدية مع تناول المخدرات.

لا يقتصر مشهد المخدرات غير المشروعة فى القاهرة على الشباب أو أحياء معينة فحسب، فى القاهرة، يتم أخذ الترامادول من قبل العمال للبقاء مستيقظا خلال نوبات العمل الطويلة، وجدت دراسة أجريت على ٩٠٠ عامل يعملون فى منطقة وسط دلتا النيل حول القاهرة أن تسعة من كل عشرة بناة ونصف سائقى الحافلات وربع عمال النسيج يأخذون الترامادول بانتظام، لقد أخبروا الباحثين أنهم أخذوا المواد المخدرة كوسيلة لرفع مزاجهم أو تخفيف الألم أثناء نوبات العمل الثقيلة أو الطويلة.

من بين ٥٠٠ مريض تم فحصهم عشوائيًا بحثًا عن عقاقير غير مشروعة قبل خضوعهم لعملية جراحية فى مستشفى بالقاهرة، تبين أن ١٤ بالمائة منهم كانت نتائج فحوصاتهم إيجابية، مع أكثر من واحد من كل عشرة لديه آثار حشيش وواحد من كل ٢٠ لديه آثار ترامادول فى نظامه.

بعد إعادة تصنيفه كمادة خاضعة للرقابة فى مصر فى عام ٢٠٠٩، تم دفع الترامادول تحت الأرض وغمرت الحبوب الرخيصة من المصانع فى الصين والهند السوق السوداء فى أعقاب الثورة فى عام ٢٠١١، وتم تهريبها عبر الموانئ البحرية مثل الإسكندرية.

بحلول عام ٢٠١٦، كانت السلطات تجد خمسة أضعاف عدد أشرطة الحبوب التى كانت تعثر عليها قبل خمس سنوات، وفى الوقت نفسه، فتحت الفوضى فى ليبيا المجاورة طريقا آخر من الغرب لتهريب الترامادول، وكذلك الحشيش المغربى، وبدرجة أقل الكوكايين.

تظهر المزيد من العقاقير الاصطناعية التى يطبخها الكيميائيون على مسرح المخدرات فى القاهرة، ذكرت وسائل إعلام مصرية أن مخدرات باسم كريستال ميث، المعروفة فى الشوارع هنا باسم «آيس»، أو كما تسميها إحدى الصحف، «إل تشابو»، أصبحت متاحة بشكل متزايد، سواء المنتجة محليا فى مختبرات سرية أو المستوردة من الخارج، فى عام ٢٠١٩، قامت الحكومة بتحديث قوانين المخدرات لتشمل القنب الصناعى ستروكس والفودو.

 

أصدر صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطى فى مصر أحدث الأرقام الخاصة بتعاطى المخدرات وعلاج الإدمان خلال الأشهر السبعة الأولى من عام ٢٠٢٢.

قال الدكتور عمرو عثمان مساعد وزير التضامن ومدير صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطى، إن بيانات المتصلين على الخط الساخن كشفت أن مادة الهيروين كانت أكثر المواد تعاطيا خلال الأشهر السبعة الأولى من العام الجارى. وأضاف عثمان، فى بيان رسمى حول جهود الخط الساخن للصندوق ١٦٠٢٣، أن «الهيروين احتل المرتبة الأولى حسب أكثر أنواع المخدرات بالنسبة لنتائج الخط الساخن، بنسبة ٣٢.١٥٪».

وتابع: «احتل تعاطى الحشيش المرتبة الثانية بنسبة ٣١.٩٠٪، يليه ترامادول بنسبة ١٨.٤٥٪، فيما جاءت العقاقير الاصطناعية مثل الاستروكس والفودو والبودرة والشابو بنسبة ١٧٪»، كشفت البيانات أيضا أن بداية التعاطى كانت فى سن مبكرة، موضحا أن ٣٩.٨٧٪ بدأوا بالتعاطى من سن ١٥ إلى ٢٠ عاما.

وتابع: «هذا يؤكد أهمية استهداف الفئة العمرية كأولوية أساسية فى البرامج الوقائية، وتطوير تدخلات مستدامة للشباب والمراهقين تدعم حمايتهم من أخطار الوقوع فى براثن الإدمان».

بدورها، قالت نيفين القباج، وزيرة التضامن الاجتماعى ورئيس مجلس إدارة صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطى، إنه تم تقديم الخدمات العلاجية لعدد ٨٧ ألفًا و٨٢٦ مريض إدمان ترددوا على المراكز العلاجية التابعة للصندوق والشريكة مع الخط الساخن، وعددها ٢٨ مركزًا بـ ١٧ محافظة حتى الآن، وأوضحت أن ٩٤٠٦ مرضى من أبناء المناطق المطورة «بديلة العشوائيات»، مبينة أن نسبة الذكور من هذه الخدمات بلغت ٩٤.٧١ ٪ والإناث ٥.٢٩٪.

وذكرت الوزيرة أن محافظة القاهرة جاءت فى المرتبة الأولى، طبقًا لأكثر المكالمات الواردة للخط الساخن، حيث بلغت نسبتها ٣٣.٢٨٪، يليها محافظة الجيزة بنسبة ١٣.٣١٪.