المتحدث الإعلامي لمعرض كتاب قنا: الفيس بوك أفقد الصحافة الإقليمية "المهنية"

محافظات

جانب من اللقاء
جانب من اللقاء

نظم معرض كتاب قنا في دورته الرابعة دورة أمل دنقل، ندوة عن الصحافة الإقليمية حاضر فيها الصحفي يوسف رجب مراسل صدى البلد ومنسق إعلام قنا التابع للهيئة العامة للاستعلامات، والصحفي محمود الدسوقي من بوابة الأهرام ومراسلها بقنا والمتحدث الإعلامي لمعرض كتاب قنا، في حضور الروائي والشاعر محمد صالح البحر والناقدة الأدبية الدكتورة مني الشحات، والمثقف والكاتب أنس دنقل الشقيق الأصغر لأمير شعراء الرفض، وعدد من الحاضرين بنادي فتيات قنا، الذى استضاف معرض الكتاب برعاية قصور الثقافة ومحافظ قنا والهيئة العامة للكتاب.


استعرض الدسوقي نشأة الصحافة الإقليمية منذ خاض مؤسس الأهرام تقلا رحلة الذهاب للأقاليم في مصر وإقناع الفلاحين والأفندية بالاشتراك في صحيفته الناشئة، مؤكدا أن الأهرام هي من قامت بالدفع للصحافة الإقليمية بالتواجد خاصة حن صنعت الأهرام نهايات القرن التاسع عشر مراسل الوجه القبلي ومراسل الوجه البحري في أيتاي البارود واستعرض الدسوقي قوة المكاتب الإبداعية، ومعاناته في الصعيد خاصة أن السكة الحديدية لم تكن قد امتدت حتى أسوان آنذاك، حيث المراكب النيلية التي تنقل الصحيفة فتتم مطالعتها بعد صدورها بأيام عديدة.


وقال الدسوقي إن شكل الصحافة الإقليمية آنذاك كان مختلفا ليس في السرد اللغوي فحسب بل في قالب الصياغة الصحفية، حيث كانت الصحافة صحافة فقط، وكانت الصحف الصادرة من الأقاليم أيضا مركزية فهي كانت تتحدث عن كافة عموم مصر حتى وإن كانت تحمل اسم المحافظة.


وأكد أن في الصعيد كانت مدن أسيوط والفيوم وبني سويف وكذلك المنيا هي الرائدة في الصحافة حيث ظهرت في أسيوط صحيفة النزهة أول صحيفة في الصعيد، كما يؤكد المؤرخون الأكاديميون، أما قنا فلم تظهر فيها الصحافة إلا قبل نهايات أربعينيات القرن الماضي وخمسينيات القرن الماضي وإن كانت قنا ظهر منها مراسلون صحفيون محنكون قدموا لنا صورة ذهنية عن عالم قنا في الصحف التي كانوا يراسلونها سواء كانت تصدر في القاهرة أو الإسكندرية أو مدن الدلتا التي عرفت الصحافة الإقليمية في وقت مبكر مثل صحف طنطا.


وقال الدسوقي، إن شكل الصحافة الإقليمية في الصعيد كان مركزيا في التناول حتى لو حملت الصحيفة اسم الصعيد، مثل صحيفة الصعيد الأعلى التي صدرت في أسوان وقدمت علامة فارقة في شكل الصحافة الإقليمية بان اعتمادها على مراسلين أفنده يعيشون في النجوع والقري، مضيفا أن صحافة الخدمات قدمتها الصحافة الإقليمية من خلال التقاوي ومناوبات الري نظرا لعدم وجود وسائل أخري مثل التلفزيون الذى دخل الصعيد متأخرا، وأن شكل الصحافة الذي يختص بالإقليم لم يتبلور إلا بعد ثورة 1952م، حيث ظهرت صحف صادرة من الديوان العام للمحافظة ولكن تجاب فشلت لأن القائمين عليها كانوا موظفين أكثر من صحفيين.


كما استعرض صحفي الأهرام دور عميد الصحافة الإقليمية في كافة العصور وهو الصحفي صادق سلامة أول وكيل لنقابة الصحفيين المصريين ومؤسس صحيفة الإنذار بالمنيا، وكيف قدم سلامة أسس الصحافة الإقليمية وكيف قام بتشريح الواقع الصحفي في كافة الصحف الإقليمية التي كانت تصدر قبل ثورة 23 يوليو 1952م، مؤكدا أن مدينة قوص عرفت الصحافة الإقليمية وقدمت تجارب قبل مدينة قنا العاصمة، فيما كانت البراهمة بقفط أول قرية تصدر صحيفة في قنا وربما في الصعيد كله.
وأضاف أن بعد ظهور الصحافة الإليكترونية رجعت الصحف الإقليمية لشكلها المعتاد فهي لم تعد متحدث رسمي للإقليم، بقدر أنها صارت أقرب للتريند الذى غالبا ما يكون مركزي وأشمل وأعم.
وأشار إلى أن صحافة الفيس بوك ساهمت في اضمحلال الصحافة بشكل أوسع حيث يصمم الفيس بوك على شيوع التفاهة في المجتمعات المحلية، كما يصمم على تهميش الصحافة المحلية الجادة التي تخدم على قضايا وطنها كي ينساق الصحفيون للتفاهة وتعرية المجتمع تبشيرا بالإنسان النيوبرالي الاستهلاكي الغير مبالي وهنا هي الكارثة، بل يدفع الفيس بوك أموالا وإغراءات لتعزيز هذه الصحافة للأسف.


وعن سؤال الصحافة الإقليمية إلى إين وسط فوضي البث المباشر، وغياب التجارب الصحفية الورقية؟ أجاب الدسوقي أنه يرفض رفضا باتا أن يكون المراسل المحلي في المحافظات سببا رئيسيا لاضمحلال الصحافة الإقليمية وغياب دورها، مطالبا أن تقوم نقابة الصحفيين أولا برعاية كافة من يعمل بالصحافة حتى لو لم يكن عضوا بالتدريب الجاد، وأن تقوم الهيئة الوطنية بمسائلة رؤساء التحرير الذين يصدرون صحفا الكترونية ويجبرون المراسل على البث المباشر بمبالغ زهيدة كي ينساق لقواعد صحافة الفيس بوك.


وأكد، أن المتسبب في اضمحلال الصحافة المصرية هم القائمين على إداراتها ومراقبتها من تلك الهيئات، متسائلا عن دور الجامعات الإقليمية أيضا، التي تدفع بآلاف الخريجين سنويا دون تعريفهم بأسس الصحافة الحقيقية، مؤكدا أن الصحافة لم تعد وجاهة اجتماعية ولا وجاهة مالية وأن العشق فقط هو القادر على إنتاج إبداع صحفي يعيد للصحافة دورها المنوط بها كأداة إبداعية في قراءتها قبل أن تكون أداة لمراقبة المجتمع، والوقوف كحائط صد مع الدولة في القضايا الوطنية، مؤكدا أن ما يحدث يبشر بأن هناك أصرار حقيقي على إجهاض الصحافة الإقليمية وغياب دورها من قبل القائمين على الصحافة والإعلام ربما بقصد وبفهم وربما بسوء فه.


وطالب الدسوقي في نهاية ندوته بأن يتدرب الصحفي دائما في عالم يقدم أشكالا جديدة في الصحافة، كما طالب أن يكون المنظرون للصحافة أكثر معرفة باحتياجات المجتمع وأن يقدموا لغة سهلة في تحليلاتهم لشأن الصحافة، كما طالب الدولة بدعم الصحافة الإقليمية وعدم ترك المحافظات دون صحافة إقليمية.