كيف عاد أخيرًا البيج ميلان؟

الفجر الرياضي

ميلان
ميلان

في حال تثني لك العمل داخل بيت ميلان، سيكون من الصعب عليك تفويت مدخل المتحف في الطابق الأرضي من كازا ميلان، حيث يوجد في المنتصف نسخة طبق الأصل عملاقة من كأس دوري أبطال أوروبا. الكأس التي فاز بها ميلان سبع مرات، يتخطاهم فقط زعيم أوروبا ريال مدريد كالأكثر تتويجًا.

سنوات الضياع
مرت سنوات عديدة على فوز ميلان بالدوري الإيطالي، وسنوات أكثر على فوزه بالأبطال. دائمًا ما كان يصادف اسم النادي كوارث في الصحف اليومية والأسبوعية. لسا ساحرًا، ولكن أعلم أنك تتذكر الآن تلك الصحيفة التي قرأتها صباح يوم ويعلوها صورة ميلان بالأبيض والأسود مع بعض الجمل التي جذبت عينك لتقرأها واستنتجت أن ميلان يعاني من كابوس مادي من الصعب جدًا الخروج منه.

بعد سنوات برلسكونى التي سيطر فيها كبير ميلانو علي الأخضر واليابس، بدأت كرة القدم في التطور وأدرك بيرلسكونى إنه ليس بإمكان عائلته ضخ ما يكفي من الأموال لإبقاء ميلان كواجهة أوروبية. وبعد رحيل الأب الروحي لميلان العصر الجديد، جاء عصر الصينيين وما تبعه من نكسات مادية وفنية. وصل الميلان لحال يرثي لها في العقد الثاني من الألفية لدرجة أنه صارع على الهبوط في إحدى السنوات.


يقول مالديني، المدير التقني وأحد أعضاء إدارة أي سي ميلان: "فرق كرة القدم لها دورات". "نحن محظوظون لأن دورتنا استمرت 25 عامًا، ووصلت إلى مستويات لا تصدق خلال فترة برلسكوني. إنه نفس الشيء بالنسبة لمانشستر يونايتد وريال مدريد. وضعت كل هذه الأندية الكبيرة فرقًا رائعة معًا فازت بكل شيء لكنها واجهت صعوبة في مرحلة في تاريخها".


لكن بالمناسبة، ليست هذه المرة الأولي التي يسقط فيها الميلان. ربما لم يكن هناك عدد كافٍ من الناس في الجوار لتذكر جفاف الألقاب بين عامي 1907 و1951 أو الهبوط في أوائل الثمانينيات عندما سقط فرانكو باريزي مع الفريق للدرجة الثانية.


في موسم 2007، عندما إكتسح ميلان ليفربول في نهائي الأبطال ليظفر لهزيمته الثقيله في إسطنبول، كان الفريق يحتل المركر الخامس في قائمة الأرباح. إحتل ريال مدريد رأس القائمة وقتها، وأتي الميلان بفارق يقارب الـ 50 مليون يورو فقط.


ميلان الآن يجد نفسه في المركز الـ 21 من نفس القائمة، 6م فقط أكثر من نادي ليستر سيتي، والفجوة بينهم وبين الفريق الأكثر في الإيرادات علي وجه الكوكب، برشلونة، تبلغ نحو 650 مليون يورو. نعم، ما قرأته للتو صحيحًا. هذا ليس ما يجنيه نادي برشلونة في العموم، هذا فقط الفارق بين برشلونة وميلان.


الدوري الإنجليزي هو دوري الأموال، دوري العقود التليفزيونية الضخمة التي تضمن للأندية مداخيل ثابتة. الدوري الألماني أعادوا بناء بنيتهم التحتية بعد كأس العالم 2006. أما في أسبانيا فوجود الجيل الذهبي للأسبان بصحبة أمثال ميسي، رونالدو، وجوارديولا في آن واحد، جذب أنظار العالم أجمع للدوري وإكتسحوا الجميع لفترة ليست بالقليلة.
وتأخر الدوري الإيطالي للوراء.

بداية الاستفاقة
استعادت شركة إيليوت ملكية ميلان من رجل الأعمال الصيني في يوليو 2018، وكان موقفًا محفوفًا بالمخاطر. تخيل أن تمتلك نادي سلم رواتبه هو الثاني علي الدوري ولديك فريق غير قادر علي تخطي المركز السادس. هذا تحديدًا ما تركه مشروع الصينيين، مصروفات ضخمة في موسمي 2015 و2017، دول الوصول حتي إلي دوري أبطال أوروبا.


يوضح غازيديس، الرئيس التنفيذي لفريق أي سي ميلان: "هذا هو التحدي الكبير في مجال كرة القدم، نحن بحاجة إلى أن نكون أكثر كفاءة في كيفية استخدام الأموال التي لدينا ونحتاج إلى تحسين أداء الفريق".


شكل جازيديس لجنة فنية كتلك التي تعمل في ليفربول. وبدأ بوضع رؤيته للتوجيه الفني للنادي. يقول: "يجب أن تستند استراتيجيتنا أولًا وقبل كل شيء على كرة القدم التقدمية. يجب أن تكون كرة القدم حديثة. الهدف من وراء ذلك هو أن نكون المبادرين داخل وخارج الملعب."


يكمل: "كنت أرغب في الحصول على النوع المناسب من الدعم للإداريين والمدراء وهذا يعني وجود قسم كشافين على مستوى عالمي، مع التركيز بشكل خاص على اللاعبين الشباب لأن هذا سيكون جوهر استراتيجيتنا."


وأضاف:"كما كان يعني أيضًا وجود قسم خاص بالتحليل ذو مستوى عالمي؛ القسم الذي يزداد أهميتة بشكل متزايد ".


جلب ميلان مونكادا لتأسيس وقيادة شبكة كشافين عالمية. مونكادا نفسه الذي قاد منذ سنوات جيلًا تاريخيًا لموناكو الذي ضم كل من مبابي، فلكاو، فابينهو، باكايوكو، ميندي، وبرناردو سيلفا وغيرهم.


يوضح مونكادا: "لست بحاجة إلى مستكشف يذهب إلى المبارات فقط". "أنا بحاجة إلى شخص يشاهد التدريب ويتحدث إلى أولياء الأمور ومديري الأكاديمية. من السهل جدًا الذهاب لمشاهدة إحدى المباريات وكتابة تقريرك والانتهاء من ذلك. يمكننا القيام بذلك من المكتب. يجب أن نحصل على المعلومات - حالة العقد، كيف تبدو العائلة، التفاصيل الصغيرة تصنع الفارق ".


يميل الكشافين القدامي إلى التشكيك في علم البيانات وفي بعض الحالات يعادونها؛ يحركون أعينهم استغرابًا عندما تظهر الإحصائيات في المعادلة، لأنهم يميلون لتصديق أعينهم فقط. لكن قسم التحليلات في ميلانو، الذي يعمل به مجموعة صغيرة من 20 محللًا ذكيًا، يستخدم بيانات شركة "ستاتس بومب" للكشف اللاعبين.


يقول مونكادا: "في النهاية يكون لدينا تقرير شامل يحتوي على جميع المعلومات والإحصائيات."

 

عدنا وتحديدًا في الثاني والعشرين من ديسمبر لعام 2019، إكتسح نادي أتلانتا ميلان بخماسية خارج الديار، مما دفع مالديني للتعاقد مع زلاتان إبراهيموفيتش، في محاولة للم أشلاء الفريق.


ضم ميلان في هذه النافئة إبرا، كايير، وفتي يدعي ساليميكرز.


يقول بيولي، مدرب الفريق: "من حيث القيادة والشخصية قدموا لنا حضورًا حقيقيًا على أرض الملعب. كل هذه العوامل ساعدت الفريق على النمو. كانت الموهبة موجودة بالفعل وتمكنا من استخلاصها في الوقت المناسب ".


قرار إضافة الخبرة إلى أصغر فريق في الدوري الإيطالي اتخذناه جميعًا. لم تكن هزيمة "القسم المؤيد للشباب" علي يد "القسم المؤيد للاعبين الخبرات".


يقول هيرنانديز، الظهير الأيسر لنادي أي سي ميلان: "الكثير منا صغير جدًا ويعرف إبرا كيف يوجهنا ويشجعنا". "إنه يدعمنا ويساعدنا. في التدريبات والمباريات، ما زال يقوم بأشياء لا تصدق حقًا ".


ويضيف مالديني: "لقد حصلنا على ما توقعناه". "الفريق صغير جدًا وعلى الرغم من أنه واثق من بعض النواحي، إلا أنه غير آمن بعض الشيء في جوانب أخرى.


ومن هنا تحديدًا بدأت سلسلة إنتصارات متتالية، إنتشلت الفريق من الوحل. الفريق كان شابًا وطموحًا مع بيولي، لكنه إفتقد لشخصيات كتلك التي يمتلكها كاير وإبراهيموفيتش في أرض الملعب. حطم الفريق أرقامًا قياسية عديدة، وإستغل فترة كورونا ليناطح كبار أوروبا رقميًا في عدد الأهداف المسجلة وعدد الإنتصارات، ليتخطي الجميع عدا بايرن، بطل أوروبا وقتها.


وبعد لملة الأشلاء، وصعود الفريق لبطولة الدوري الأوروبي لهذا الموسم، إكتسب الفريق الثقة والدعم اللازمين لدخول الموسم التالي بحماس ورغبة أكبر، محققًا أخيرًا صعودهم لدوري الأبطال بعد غياب دام لـ 7 سنوات. وليبقي ميلان في صدارة جدول الترتيب لهذا العام لـ 23 جولة متتالية، قبل أن ينتزع إنتر الصدارة وينهي ميلان موسمه في المرتبة الثانية.

ولنصل للمرحلة الحالية، المرحلة التي لا زال يتواجد ميلان فيها في المركز الثاني بفارق نقطة وحيدة عن المتصدر إنتر، المرحلة التي شبه تيقن فيها الفريق من الإستمرار في بطولة دوري الأبطال للموسم الثاني علي التوالي، فيما معناه أن العوائد ستستمر في الازدياد وسيستمر الفريق في الاستقرار والإدارة في الإستثمار.


ميلان في مرحلة الصعود مرة أخرى، وإذا كان لدى فرق كرة القدم دورات، كما يقول مالديني، فإن الدلائل تشير إلى أن واحدة جديدة تفتح أخيرًا باللونين الأحمر والأسود، وطموح هؤلاء الشباب بمدربهم هو فعلًا السماء.

ميلان قد عادوا بالفعل، الوقت فقط هو الحاجز بينهم وبين القمة.