خبير يرصد قصة ميلاد السيد المسيح في الإنجيل والقرآن

أخبار مصر

أيقونة عيد الميلاد
أيقونة عيد الميلاد

تقترب الأيام ويحتفل العالم بعيد الميلاد المجيد وهو العيد الذى يمثل احترام وتبجيل وفرحة ومصدر تفاؤل لكل الشعوب على اختلاف دياناتهم وجنسياتهم وثقافاتهم.

والد العذراء كان رجلًا مبجلًا

وأشار خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمى بجنوب سيناء بوزارة السياحة والآثار إلى أن عمران والد السيدة العذراء كان رجلًا عظيمًا وعالم قدير وقد حملت زوجته فنذرت أن تجعل ما فى بطنها من الحمل محررًا لخدمة بيت الله فلما وضعت وتبينت أن الجنين أنثى توجهت إلى الله كالمعتذرة ولكن الله تقبل المولودة بقبول حسن وأنبتها نباتًا حسنًا وقد توفى والد السيدةمريم وهى صغيرة فاحتاجت إلى من يكفلها ويقوم بشأنها واختلف رعاة بيت الله فيمن يكفلها وكان الكافل نبى الله زكريا عليه السلام والدنبى الله يحيى عليه السلام وكان نبى الله زكريا زوج خالتها وفى أثناء رعاية السيدة مريم يجد عندها رزقًا لا يوجد عند أحد من البشر فيسألها: من أين؟ تجيبه هو من عند الله وكانت الملائكة تأتى إلى السيدة مريم وتخبرها باصطفاء الله عز وجل لها وتطهيرها من الأرجاسوتحثها على الاجتهاد فى العبادة والقنوت لله عز وجل وهكذا نشأت على الطهارة والبعد عن كل دنس.

بشارة من الملاك

وتابع ريحان أن السيدة مريم لما بلغت مبلغ النساء وأثناء خلوتها جاءها الملاك جبريل بالبشارة بالسيد المسيح فى صورة فتىففزعت منه وأخذها العجب كيف يكون لها ولد وهى لم تتزوج وهى مثال للعفة والطهارة وأخبرها الملاك جبريل بإسم المولود يسمى المسيحعيسى بن مريم وصفاته بأنه سيكون وجيهًا فى الدنيا والآخرة ومن المقربين ويكلم الناس فى المهد والكهولة وسيعلمه الله الكتاب والحكمةوالتوراة ويعطيه الإنجيل أى البشارة وأنه سيكون آية للناس على قدرة الله وأنه سبيل الخلاص مما هم فيه من أحوال إذ غلبت المادية على بنىإسرائيل وتجاوزوا حدود الله ولم يراعوا كتابه فجاءهم بالهداية ومملكة الأخلاق والفضائل وحملت السيدة مريم بالسيد المسيح عليه السلام ومرت بجميع أطوار الحمل الطبيعية إلى أن ولدت.

الاستناد إلى جذع النخلة

ونوه إلى أن السيدة مريم لجأت إلى جذع نخلة عندما آتاها المخاض فى بيت لحم وكان فى زمن الشتاء والنخلة يابسة وقدجاءتها لتستتر بها أو تستند عليها وجاءها صوت قيل أنه الملاك جبريل وقيل صوت السيد المسيح يطلب منها أن تهز جذع النخلة اليابسفتتساقط عليها رطبًا جنيًا وهى الطاهرة الذى كان يرزقها المولى برزق دون تعب بمعجزات إلهية وقد اتضح علميًا أن الرطب أفضل طعامللنفساء فهو طعام وعلاج وهناك مكان بكنيسة بيت لحم المبنية موضع ولادة السيد المسيح قد قور البلاط فيه ويقولون أن موضع هذه التقويركانت النخلة التى ولدت عندها السيدة العذراء.

الولادة في مذود بقر

وأشار ريحان إلى وجود مذود الماشية التى وضعت فيه الطفل عقب ولادته لعدم وجود بيت يأويها فى ذلك البلد فأوت إلى مكان الرعاةالذين كانوا غائبين بماشيتهم فى الرعى وهناك وادى عميق بجانب المدينة يسمى وادى الرعاة وأن سبب وجودها ببيت لحم أن الحاكم فى ذلكالوقت أمر بإحصاء البشر وإثباتهم فى الدفاتر فجاءت السيدة مريم ومعها القديس يوسف النجار من أبناء عمومتها إلى بيت لحم ليثبت نفسهوالسيدة مريم فى التعداد وكانت الولادة هناك.

تقارب بين الروايتين

ولفت الدكتور ريحان إلى أن بعض الأكاديميين رأوا فى سرد قصة ميلاد يسوع في سورة مريم هي قريبة بشكل خاص من إنجيل لوقا، وذكرت بشارة السيدة مريم مرتين في القرآن وفي كلتا الحالتين يتم إخبار مريم أنها اختيرت من قبل الله لإنجاب ابن، وكانت الولادةبجانب شجرة نخيل وقد سجلت اليونسكو النخلة تراث الثقافى لامادى مشترك عام 2019 مع 14 دولة هى مصر، الإمارات، السعودية،البحرين، العراق، الأردن، الكويت، سلطنة عمان، فلسطين، اليمن، تونس، المغرب، موريتانيا، السودان

وذكر محمد بن جرير الطبري (المتوفى عام 923م)، وهو مفسّر ومؤرّخ وفقيه، في سرده لميلاد السيد المسيح إلى وصول مبعوثين من قِبل ملكفارس مع الهدايا (على غرار المجوس من الشرق) لزيارة السيد المسيح؛ وأمروا رجلًا يُدعى يوسف بأخذها هي والطفل إلى مصر والعودةلاحقًا إلى الناصرة. ويُشير المورخ المسعودي (المتوفى عام 956م)، أنّ يسوع وُلد في بيت لحم يوم الأربعاء في 24 ديسمبر ويشير ابن الأثيرالجزري (توفي عام 1233م)، في مؤلفه الكامل في التاريخ، وهو عمل أصبح معيارًا للمسلمين اللاحقين، أن يوسف النجار كان له دور أكثربروزًا فى حياة السيدة مريم.

زاويتين لواقعة الميلاد

ويوضح الدكتور ريحان أن حادثة الميلاد ذكرت في إنجيل لوقا وإنجيل متى من زاويتين مختلفتين، إجماع العلماء هو أن كلا من الإنجيلين كتبا بين سنوات 75-85م، وعلى الرغم من أنه من الممكن أن تكون إحدى روايتي الميلاد مبنيًة على الأخرى، أو أن الاثنين يشتركان في مصدرمشترك، فإن استنتاج الأغلبية هو أن روايتي ميلاد يسوع في الإنجيلين هما مستقلتان عن بعضهما البعض. وتشكل حادثة الميلاد أحد أهم أركان الإيمان المسيحي حيث ولد السيد المسيح حسب الأناجيل القانونية في بيت لحم من أم عذراء في مكان مقفر إذ لم يجدا مكانًا في النزل بينما ظهرت ملائكة للرعاة وحضر المجوس الثلاثة، في حين حاول هيرودس الملك قتله فهربت العائلة إلى مصر.

 

 ويشير الدكتور ريحان إلى ظهور ملاك من السماء ظهر لرعاة في المنطقة مبشرًا إياهم بميلاد المسيح، وظهر في إثره جندٌ من السماء حسبالمصطلح الإنجيلي، مُسبحين وشاكرين، أمّا الرعاة فقد زاروا مكان مولده وشاهدوه مع أمه ويوسف وانطلقوا مخبرين بما قيل لهم من قبلالملاك، ولذلك هم أول من احتفل بعيد الميلاد وفق التقليد، ولعلّ زيارة المجوس الثلاثة هي من أشد الأحداث اللاحقة للميلاد ارتباطًا به، ولايُعرف من رواية إنجيل متى عددهم غير أنه قد درج التقليد على اعتبارهم ثلاث للهدايا الثلاث التي قدموها وهي الذهب والبخور والمر [متى2/11] بعد أن سجدوا له.

نجم يهديهم في السماء

كما أنّ أغلب الدراسات الحديثة تشير إلى أنهم جاؤوا من الأردن أو السعودية حاليًا، وأمّا التقاليد القديمة فتشير إلى أنهم جاؤوا من العراق أو إيران حاليًا وقد قام نجم من السماء بهداية المجوس من بلادهم إلى موقع الميلاد، وكان النبي بلعام قد أشار إلى "نجم من يعقوب" سابقًا،وأشار الباحثون إلى أن النجم اللامع المذكور في إنجيل متى قد يكون اقتران كواكب المشتري وزحل والمريخ الذي تم بين عامي 6 و4 قبلالميلاد، أمّا أبرز الأحداث اللاحقة للميلاد فهي ختان يسوع في القدس، وهروب العائلة إلى مصر خوفًا على حياته من هيرودوس الذي أرادقتله، ومن ثم عودة العائلة من مصر بعد وفاة الملك.

أهمية قصة الميلاد في الليتورجية المسيحية

واختتم الدكتور ريحان بأن قصة ميلاد السيد المسيح هي أساس مناسبة عيد الميلاد وتلعب دورًا رئيسيًا في السنة الليتورجية المسيحية ويعرض العديد من المسيحيين تقليدًا يمثل مشاهد صغيرة للمذود تصور الميلاد في منازلهم، أو يحضرون مسرحيات المهد أو مسابقات عيدالميلاد التي تركز على قصة ميلاد السيد المسيح في الكتاب المقدس. وكان تصوير مشاهد ولادة السيد المسيح تقليدًا في العديد من الدولالأوروبية خلال موسم عيد الميلاد ويُمثل تذكار الميلاد بدءًا من ليلة 24 ديسمبر ونهار 25 ديسمبر في التقويمين الغريغوري واليولياني غير أنهوبنتيجة اختلاف التقويمين ثلاث عشر يومًا يقع العيد لدى الكنائس المسيحية الشرقية التي تتبع التقويم اليولياني عشية 6 يناير ونهار 7 يناير. وكان التصوير الفني للميلاد موضوعًا مهمًا للفنانين المسيحيين منذ القرن الرابع الميلادي.